أوليفر بارنز، هانا كوشلر، باتريك تمبل-ويست

في عام 2023، استحوذت شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية «ميتسيرا» على شركة ناشئة واعدة في مجال إنقاص الوزن، انبثقت من مختبر في كلية إمبريال كوليدج لندن، مقابل 114 مليون دولار.

وبعد عامين، دفعت هذه العلاجات «ميتسيرا» إلى قلب معركة استحواذ شرسة، حيث أبدت نوفو نورديسك، الشركة المصنعة لدواء أوزيمبيك، وفايزر استعدادهما لدفع ما يصل إلى 10 مليارات دولار للاستحواذ على الشركة. وقد قدّمت كلتاهما عروضاً مغرية لشراء ميتسيرا.

على المحك هنا فرصة للمنافسة في واحدة من أكثر فئات الأدوية ربحية في تاريخ صناعة الأدوية، حيث من المتوقع أن تصل مبيعات السوق السنوية إلى 95 مليار دولار بحلول عام 2030، مع مواجهة العلاجات الحالية للسمنة منافسة من موجة من أدوية الجيل التالي.

وقد امتد الصراع من غرف مجلس الإدارة إلى قاعة المحكمة وأروقة واشنطن، وذلك خلال فترة حساسة للصناعة حيث تتفاوض شركتا الأدوية العملاقتان «نوفو» و«إيلي ليلي» على تخفيضات الأسعار مع البيت الأبيض، وقد فعلت «فايزر» ذلك بالفعل.

قالت أيلسا كريج، مديرة المحفظة في صندوق التكنولوجيا الحيوية الدولي، التي تمتلك أسهم ميتسيرا: «من النادر أن نرى حرب مزايدة تندلع بعد الإعلان عن استحواذ بالفعل، لكن هذا يشير إلى مستوى الطلب على الأصول عالية الجودة في هذا المجال».

وتقف «ميتسيرا» في طليعة علاج جديد واعد للسمنة، وهو عبارة عن حقنة تدوم لفترة أطول من الجرعات الأسبوعية التي تقدمها الأدوية الأخرى.

وفي سبتمبر، أبرمت شركة فايزر صفقة تُقيّم شركة «ميتسيرا» بما يصل إلى 7.3 مليارات دولار، بعد أن سعى رئيسها التنفيذي ألبرت بورلا شخصياً لكسب ود أعضاء مجلس الإدارة. وتفوق هذا العرض على ستة عروض أخرى تلقتها ميتسيرا. وبعد شهر، فاجأت شركة نوفو الدنماركية، التي كانت من بين الأطراف التي كانت قد قدّمت عروضاً سابقة لشراء «ميتسيرا»، الجميع بعرض جديد.

وتبادلت فايزر ونوفو العروض والانتقادات اللاذعة في تنافسهما على ميتسيرا. وتسعى «فايزر» إلى كسب ود البيت الأبيض من خلال تصوير المعركة على أنها ضد شركة أجنبية تسعى للانقضاض على الأصول الأمريكية. كما تُقاضي نوفو لمنع محاولة الشركة لاقتحام صفقتها، وشددت في دعويين قضائيتين منفصلتين على أن ذلك يُخالف اتفاقية الاندماج الأصلية. كما أنه يناقض قواعد مكافحة الاحتكار.

وتأتي المعركة على «ميتسيرا» كنقطة ذروة لفترةً حافلةً بالاستحواذات في قطاع التكنولوجيا الحيوية، الذي شهد صفقات تقارب قيمتها 120 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وهو ما يُقارب ضعف إجمالي العام الماضي، وفقاً لشركة «ديلفورما» التي تتبع بيانات القطاع.

وقال بيتر كولشينسكي، الشريك الإداري في شركة آر إيه كابيتال مانجمنت، وهي من أكبر 20 مساهماً في ميتسيرا: «حرب المزايدة هذه تبدو منطقية بالنسبة لي، خاصةً عندما نأخذ في الاعتبار أن شركات الأدوية الكبرى تتسابق لتعويض الإيرادات التي ستفقدها محفظتها مع زيادة الاعتماد على الأدوية الجنسية».

وتحت قيادة رئيسها التنفيذي الجديد مازيار مايك دوستدار ورئيس مجلس الإدارة الجديد لارس ريبيان سورينسن، الذي كان يدير الشركة سابقاً، تسعى نوفو جاهدة لاستعادة هيمنتها في سوق أدوية إنقاص الوزن بعد أن تفوقت عليها شركة إيلي ليلي المصنعة لدواء «زيباوند».

وتركز «نوفو» على إبرام صفقات لتعويض ما خسرته أمام إيلي ليلي في السوق الأمريكية، كما أن المستثمرين يشككون في قوة خط إنتاجها الذي سيحل محل ويغوفي وأوزيمبيك، خاصة بعد أن خيب دواء الجيل التالي «كاجري سيما» الآمال في التجارب أواخر العام الماضي.

وقد أبرمت بالفعل صفقة بقيمة 5.2 مليارات دولار لشراء شركة «أكيرو» للتكنولوجيا الحيوية المتخصصة في مرض الكبد الدهني، وهي شركة قريبة من مجال مكافحة السمنة. كما أعربت نوفو عن اهتمامها بالاستحواذ على شركة «كايليرا» الناشئة في مجال مكافحة السمنة قبل جولتها التمويلية الأخيرة بقيمة 600 مليون دولار.

وصرحت شركة الأدوية الدنماركية قائلة «إننا واثقون بمحفظة منتجاتنا لعلاج السمنة، وداء السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب الأيضية الأخرى، بالإضافة إلى خطط التطوير لدينا. ونريد أن نبقى في طليعة الابتكار في جميع المجالات التي نعمل فيها، وهذا يتطلب منا النظر في الابتكار الداخلي والخارجي على حد سواء».

من جانبها، تسعى شركة فايزر إلى دخول سوق أدوية إنقاص الوزن، بعد فشل دواء سمنة كانت تُطوره داخلياً في التجارب السريرية في وقت سابق من هذا العام.

وبالنسبة إلى شركة ميتسيرا، التي أسسها مستثمران مخضرمان في مجال التكنولوجيا الحيوية، هما آرتش فينتشر بارتنرز وبوبيوليشن هيلث بارتنرز، فهي تصف نفسها بأنها شركة تكنولوجيا حيوية بمحفظة من أدوية السمنة من الجيل التالي، وهي جاهزة لمنافسة دواء «أورفورغليبرون» الذي طال انتظاره من شركة إيلي ليلي، وعلاج «ريتاتروتيد» الأكثر فعالية.

وأوضح غاريث باول، مدير صندوق الرعاية الصحية في بولار كابيتال، أن الاهتمام يأتي مدفوعاً بمشروع ميتسيرا الذي يلبي شرطين مهمين وطرقاً جديدة محتملة لتوصيل الأدوية، على شكل أقراص أو حقن طويلة المفعول.

ووسيلة مبتكرة لمعالجة السمنة باستخدام هرمون الشبع «أميلين»، لكن الأدوية المحتملة لا تزال في مراحلها الأولى، فقد عالجت ميتسيرا حوالي 900 مريض عبر أربعة مسارات مختلفة من تجاربها السريرية،.

وقد أُعطيت للمشترين المحتملين نظرة مبكرة على بيانات السلامة في تجربتها في المرحلة الثانية على حقنة شهرية - وهو ما يكفي لإثارة حماس العلماء في «نوفو» الخبراء في هذا المجال. ولا يزال دواء ميتسيرا، القائم على «أميلين» في المرحلة الأولى من التجارب السريرية.

وكانت أول إشارة من شركة فايزر إلى أن صفقتها مع «ميتسيرا» على وشك الانهيار ظهرت في 25 أكتوبر. وقبل ذلك بثلاثة أيام أجرت نوفو إصلاحاً شاملاً لنصف مجلس إدارتها في محاولة لعكس اتجاه انخفاض سعر سهمها، ثم عادت بعرضها المفاجئ، واعتمدت صفقة نوفو على هيكل غريب من خطوتين، وضعه محامو ميتسيرا لتهدئة مخاوف مكافحة الاحتكار.

والذي يدفع لمساهمي شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية مليارات الدولارات مقدماً عبر توزيع أرباح فور التوقيع تقريباً مقابل حصة غير تصويتية بنسبة 50 %، على أن تتحول هذه الأسهم غير التصويتية إلى حصة مسيطرة بمجرد إتمام الصفقة.

في الأيام التي تلت ذلك سارع مسؤولو فايزر للرد، حيث تم إرسال رسالة نصية إلى أحد مديري «ميتسيرا» تعرض زيادة في العرض بمقدار 3 دولارات للسهم إذا رفضت شركة التكنولوجيا الحيوية عرض «نوفو»، لكن لم تتلقَ «فايزر» أي رد على الرسالة. لذلك، سلكت فايزر الطريق القانوني، حيث اعتبرت أن قرار مقاطعة شركة فايزر إهانة شخصية.

وفي دعاواها القضائية وصفت فايزر «نوفو» مصنعة لدواء أوزمبيك بأنها شركة «أجنبية ضخمة تسعى لحماية حصتها السوقية، غير مبالية وبتهور بحياة وصحة عشرات الملايين من الأمريكيين».

وقررت فايزر في الساعات الأخيرة التقدم بعرض مماثل لعرض نوفو نورديسك لشراء ميتسيرا مقابل 10 مليارات دولار، في أحدث تصعيد لحرب المزايدات الحادة على شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية.

وقدمت شركة الأدوية الأمريكية عرضها المحسن، الذي يطابق عرض نوفو بقيمة 86.20 دولاراً للسهم، قبل الموعد النهائي الأربعاء، ما يبقيها في السباق على التكنولوجيا الحيوية لمكافحة السمنة.

وقال كليمان من شركة «كولومبيا ثريدنيدل»: «ستلعب كلتا الشركتين بأفضل أوراقهما: فايزر لديها علاقات وثيقة مع البيت الأبيض، ونوفو لديها قدرة إنفاق لا حدود لها، ويبقى أن نرى من سينتصر في حرب المزايدة، ولكن مهما حدث فإن «ميتسيرا» ستكون في النهاية هي المنتصر النهائي».