وسيفرغ التسوق عبر الإنترنت المتاجر التقليدية من محتواها، وستجبر أساطيل سيارات الأجرة الكهربائية ذاتية القيادة محركات الاحتراق على التوقف عن السير، وفي أحدث السيناريوهات انخفضت مبيعات سيارات البنزين الخاصة في الولايات المتحدة إلى الصفر - بحلول عام 2024.
ففي ظل نشأتهم وتطورهم في العالم المادي لا يزال العديد من المستهلكين يشعرون براحة أكبر مع الأشياء التقليدية. في الولايات المتحدة وجد استطلاع «هاريس» أن ثلثي المشاركين تمنوا لو استطاعوا العودة إلى زمن لم يكن فيه الجميع «متصلين بالإنترنت».
بحلول أوائل العقد الماضي كان من المتوقع أن يتخلى القراء عن الكتب لقراءة مقتطفات قصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن تأتي الكتب الضخمة المتبقية بشكل رقمي في الغالب، ولا بد أن يوهانس غوتنبرغ، مخترع الطباعة في القرن الخامس عشر، كان يتقلب في قبره كلما سمع ذلك.
كما استمر إجمالي مبيعات الكتب في النمو، وتجاوز العام الماضي 3.1 مليارات نسخة، أي تسعة كتب لكل شخص في البلاد، ما يشير إلى أن الأمريكيين ما زالوا يقرؤون الكتب، ومعظمها في شكلها المادي.
لكن الآن، في البلدان التي تنتهي فيها آليات دعم هذا التوجه، مثل الولايات المتحدة، تتوقع شركات صناعة السيارات الكبرى انخفاضاً حاداً في مبيعات السيارات الكهربائية، حسبما ذكرت شركة جنرال موتورز مؤخراً.
وستظل «أصغر - أصغر بكثير - مما كنا نعتقد» في المستقبل المنظور، لذلك تواصل تويوتا بناء أسطولها على افتراض أن العديد من السائقين ما زالوا يفضلون هدير ورائحة سيارات البنزين على البديل الصامت عديم الرائحة.
وبعدما ارتفع التسوق عبر الإنترنت في وقت مبكر من الجائحة، فإنه استقر على مدى السنوات الخمس الماضية عند حوالي 20% من مبيعات التجزئة الأمريكية، ويذهب الباقي إلى المتاجر الفعلية، والتي شهدت خلال الفترة نفسها عدداً من الافتتاحات يفوق عدد الإغلاقات بحوالي 2000 سنوياً منذ عام 2021.
كما تحل محل المتاجر الكبرى متاجر أصغر وأكثر عصرية تحقق إيرادات أكبر في مساحة أصغر، كما يتم تطوير ساحات الطعام، وتنظيم المزيد من الفعاليات الاجتماعية. وكما بدأ قطاع التجزئة التقليدي بالاستقرار في الولايات المتحدة.
كذلك - وربما ليس من قبيل الصدفة - بدأ استخدام النقد المادي بالانخفاض، وكان متوسط عدد المدفوعات النقدية التي يقوم بها الأمريكيون شهرياً في انخفاض حتى عام 2021، عندما استقر عند سبع معاملات، ولا يزال الأمر على حاله.
هذه ليست ألبومات البيتلز القديمة المستعادة من علية المنزل، بل هي أسطوانات جديدة مضغوطة لنجوم مثل تايلور سويفت، يقول المشترون إنهم ينجذبون إليها لأسباب ملموسة قديمة: فن الغلاف، وصوت الإبرة. باختصار، إنها هروب آخر من الجدب الافتراضي.
