وكما يبدو واضحاً من كل شيء.. إيجارات المساكن إلى معدلات نمو نصيب الفرد التي تفوق بكثير المتوسط الوطني الأمريكي، فإن هذه المنطقة تدور في فلكها الخاص. لم يسعني إلا أن أفكر في ذلك عندما سافرت إلى سان فرانسيسكو قبل أسبوعين.
ورغم أن الذكاء الاصطناعي، وليس صفحات الويب الاستهلاكية، هو ما يُحرك البهجة اليوم، فإن الأجواء لا تزال كما كانت قبل 30 عاماً.
وفي النوافذ، رأيت شباباً في الغالب، حيث لا يزال معظم موظفي وادي السيليكون من الرجال، تماماً كما كانت الحال آنذاك.
هم يعملون على أجهزة الكمبيوتر بينما ينهمك آخرون في ألعاب الفيديو على أجهزة التلفزيون ذات الشاشات المسطحة الكبيرة.
وفي حين أن بعض الإجابات سهلة، يتفق معظم الناس على أن التأثير طويل المدى للذكاء الاصطناعي سيكون أوسع وأعمق بكثير من صعود الإنترنت الاستهلاكي، حتى لو شهدنا تصحيحاً قصير المدى.
وأياً كان الأمر، فمن المهم أن أشير إلى ثلاث مقارنات بين التسعينيات واليوم تستحق المزيد من اهتمام المستثمرين:
في ذلك الوقت، كان بإمكان أي شخص إنشاء صفحة رئيسة دون أي استثمار تقريباً. أما اليوم، فالاستثمار في الذكاء الاصطناعي يستحوذ على كل النمو في الإنفاق الرأسمالي للشركات الأمريكية.
وقد ضخت شركات الاتصالات الأمريكية 444 مليار دولار على النفقات الرأسمالية بين عامي 1996 و2001.
لكن علينا أن نقارن هذا المبلغ بـ342 مليار دولار سينفقها هذا العام وحده كبار المستثمرين على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للحوسبة في الولايات المتحدة، بما في ذلك مايكروسوفت وألفابت وأمازون وميتا.
وهذا يقودنا إلى نقطة رئيسة أخرى على صعيد الاستثمار الرأسمالي، وهي أن الطاقة تُشكل عائقاً كبيراً أمام تطوير الذكاء الاصطناعي اليوم. ولم يكن هذا هو الوضع بالمرة في التسعينيات.
للوهلة الأولى، يبدو هذا أمراً جيداً للغاية. فقد مُوّل استثمار الاتصالات، الذي بلغ نصف تريليون دولار خلال فقاعة الدوت كوم، في الغالب بالديون، بينما تُعدّ شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى اليوم شركات ضخمة ومربحة.
ولهذا السبب، من غير المرجح أن نشهد تكراراً لإخفاقات مثل وورلدكوم أو غلوبال كروسينغ، لأن الشركات السبع الرائعة (أو ربما أربع شركات، عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي) ليست على وشك الإفلاس.
فقد نشر تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في شركة أبولو، والمعروف بقدرته على تحديد المقاييس المهمة حقاً، رسماً بيانياً رائعاً قبل بضعة أيام.
أظهر الرسم البياني أنه منذ «يوم تحرير» دونالد ترامب للرسوم الجمركية في أبريل، تتفوق الشركات المدرجة في مؤشر راسل 2000 ذات الأرباح السلبية على الشركات ذات الأرباح الإيجابية.
ولكنه يشمل أيضاً العديد من الشركات الأخرى في قطاعات مثل الخدمات المالية والطاقة والاتصالات، والتي تراهن بالمثل على مستقبل الذكاء الاصطناعي.
وهذا التناغم لا يبعث شعوراً بالراحة مع طفرة الدوت كوم، عندما تجاوزت الشركات ذات الأرباح السلبية أيضاً تلك ذات الأرباح الإيجابية لفترة طويلة. فما الذي يجب أن نتعلمه من كل هذا؟ بعض الأمور أبرزها:
والأهم من ذلك، أن التأثير الاقتصادي لانهيار فقاعة الذكاء الاصطناعي، حتى لو كان قصير الأجل، قد يكون أكبر مما كان عليه في عصر الدوت كوم، بالنظر إلى أن عدداً أكبر من الأمريكيين يمتلكون الآن أسهماً أكبر من أي وقت مضى.
فهل ستعوّض مكاسب الإنتاجية فقدان الوظائف المرتبط بالذكاء الاصطناعي؟ وهل ستظل الطاقة نقطة اختناق؟ هل سيُحدث مبتكر صيني ثورة في السوق أم سيستمر النمو الأمريكي في التفوق على العالم، كما فعل في التسعينيات؟
