وتهديده بفرض تعريفات على هواتف «آيفون» التي تنتجها شركة «أبل». وتزامن اضطراب سوق السندات الأمريكية، مع «مكالمة لطيفة جداً» من رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ليقنع ذلك ترامب بإعلان توقف آخر.
ودأبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تعميق العجز منذ موازنة الأمور في ميزانية بيل كلينتون. وباستثناء باراك أوباما الذي حاول التوصل إلى اتفاق كبير مع الجمهوريين، إلا أن كل رئيس تجاهل الأوضاع المالية المتردية للبلاد.
ويأتي كل من جورج دبليو بوش ودونالد ترامب في طليعة أسوأ هؤلاء الرؤساء، وهما اللذان حاولا إجراء تخفيضات ضريبية كبيرة غير مُموّلة. ويحل جو بايدن في المرتبة الثالثة بعدهما، إذ لم يبذل جهوداً حثيثة لزيادة الضرائب لسداد مقابل الإنفاق الأعلى.
وأدت أسعار الفائدة القريبة من الصفر إلى أن تبدو الأمور كأنها بخير. ومهما بلغت إدارة الموازنة من السوء، فإن الإدارات الأمريكية تمكّنت من الرهان بصفة عامة على تخطي النمو لتكاليف الفائدة على الديون.
لكن هذا الأمر تغير الآن. فقد مرر مجلس النواب في الأسبوع الماضي مشروع قانون ترامب «الكبير والجميل» ومن المقرر أن يضيف 3 تريليونات دولار للدين الأمريكي العام خلال العقد المقبل.
وبذلك، ستلتهم تكاليف خدمة الدين حصة متزايدة من الكعكة. كما أن تخفيضات الإنفاق في مشروع القانون قاسية اجتماعياً وغير كافية من الناحية المالية.
فقد اعتبرت سوق السندات الحكومية البريطانية وعود النمو التي بنت عليها تراس تخفيضاتها الضريبة غير الممولة تفكيراً خيالياً. ويمكن أن نرجع الجزء الأعظم من تردد وزيرة الخزانة في حزب العمال، راشيل ريفز، إلى خوفها من أن تلقى مصير تراس نفسه.
وهناك الكثير من الأطراف الفاعلة التي تحدد أسعار السندات، بما في ذلك المصارف المركزية، وصناديق التقاعد والتأمينات، وصناديق الثروة السيادية غير الغربية، علاوة على ملايين الأفراد.
لذا، تبدو المؤسسة العالمية التي واجهت تراس بعيدة عنى نسج المؤامرات، وأن هدفها ببساطة يكمن في الاستثمار في أصل آمن. لكن شكوكاً شبيهة بتلك التي حاقت بتراس تتسلل إلى سوق سندات الخزانة الأمريكية حالياً.
وقد يحدث ذلك إذا رفض الكونغرس رفع سقف الدين الأمريكي في وقت لاحق من العام. لكن هذا الشكل من إلقاء البلاد إلى التهلكة سيكون غريباً حتى بمعايير واشنطن في يومنا الحاضر.
أو ربما يقرر ترامب فرض رسوم على حملة سندات الخزانة الأمريكية الأجانب، ما سيكون بمثابة تخلف عن السداد. وينظر بعض مستشاريه إلى هذا الأمر باعتباره وسيلة لخفض قيمة الدولار لتكون الصادرات الأمريكية أرخص.
ومع ذلك، فحتى ترامب نفسه قد يعارض فكرة إضرار البلاد بنفسها، لأن الإضرار بمقرضي الولايات المتحدة سيكون طريقة فورية لسحق السوق. من ثم، يبدو أن الحرب المتقلبة لترامب على أسس الاقتصاد التقليدية ستشكل مستقبلنا على الأرجح.
وما عليك سوى العودة إلى هربرت هوفر في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي إذا ما أردت رئيساً أمريكياً كان شديد الاستعداد لخوض معارك ضد الواقع الاقتصادي.
وفي حين تزداد ديون الولايات المتحدة، يطلق ترامب العنان لـ«غرب متوحش» أمام كل من العملات المُشفرة، والذكاء الاصطناعي، وإلى حد ما القطاع المصرفي. وسيكون من المبالغة توقع إزاحة الدولار الأمريكي عن عرشه كعملة الاحتياطي العالمي عما قريب، لكن من المهم أخذ احتمالية وقوع أزمة مالية عالمية على محمل الجد من الناحية الأخرى.
