ستيفن بوش

يواجه العالم مشكلةً كبيرة، فمعدلات الخصوبة تتراجع في كل مكان تقريباً، ما يُسهم في إثارة أحد تحدياتنا المُلحة: تدهور نسب الاعتماد على الرعاية، أو عدد الأشخاص في سن العمل المُتاحين لدعم من هم خارجها، بطريقة أو بأخرى.

وأقول «بطريقة أو بأخرى»، لأن الشخص البالغ في سن العمل، الذي يُخصص وقتاً لرعاية الأطفال الصغار أو الأقارب المُسنين، يُساهم، تماماً كما لو كان قد دفع لشخص آخر للقيام بذلك نيابةً عنه.

وحتى الآن، لم يتم التوصل لسياسيات تُحقق معدلات مواليد أعلى من 2.1 (معدل الإحلال) بشكل موثوق.

وقد أنفقت المجر ما يُقارب 5 % من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً دون تأثير يُذكر.

وشهدت دول الرفاه السخية في الدول الإسكندنافية انخفاضات تُضاهي تلك التي تشهدها الدول التي تُقدم عروضاً أقل سخاءً للآباء المُحتملين، مثل الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.

ومع أن الدول الغنية قادرة حالياً على تعويض الفارق في عدد السكان في سن العمل، من خلال الهجرة، إلا أنه في ظل حقيقة أن انخفاض معدلات الخصوبة اتجاه عالمي، فعاجلاً أم آجلاً، علينا حل هذه المشكلة، وإلا سنواجه مأزقاً كبيراً.

أو على الأقل، هذا ما كنت أعتقده، وكتبت عنه سابقاً. لكنني بدأت أغير رأيي. ليس لأنني أصبحت أكثر تسامحاً مع مشكلة نسب الرعاية إلى الاعتماد، بل لأن المشكلات السياسية ازدادت سوءاً. فالتدابير التي بدت جيدة سابقاً، مثل نظام «القفل الثلاثي»، وهو الحل التدريجي الذي اعتمدته المملكة المتحدة لمشكلة المعاشات التقاعدية الهزيلة نسبياً، قد يصعب الآن التخلي عنها.

وقد تُلغي جورجيا ميلوني الآن الربط التلقائي بين زيادة متوسط العمر المتوقع وسن التقاعد الحكومي (وهو إصلاح ينبغي على الدول الأخرى اتباعه). ومع ذلك، يُعد كلا البلدين نموذجاً في كيفية إدارة شيخوخة السكان، مقارنةً بفرنسا.

وفي معظم دول العالم الغني، يعارض الناخبون المسنون زيادة الدعم للأسر الشابة، وزيادة الهجرة لسد حاجة السكان في سن العمل، وإجراءات رفع سن التقاعد الحكومي.

لكن لماذا توقفتُ عن القلق بشأن معدلات الخصوبة؟ صحيحٌ أنه على المدى الطويل، لن يُجدي حل «الهجرة» نفعاً، لأن معدلات المواليد بين السكان المهاجرين تنخفض إلى نفس المستوى الشائع في البلد ككل خلال جيل واحد. ولكن في المستقبل المنظور، يُعد «مجرد وجود سوق عمل مفتوح نسبياً»، حلاً جاهزاً نعلم أنه فعال.

ومن الممكن تصميم أنظمة هجرة أفضل، وإزالة العوائق أمام بناء المساكن الجديدة، وعرقلة النمو الاقتصادي: فقد يُسهّل هذا رفع معدلات الخصوبة مستقبلاً.

في الوقت الحاضر، تتميز هذه الحلول بفعاليتها، على عكس المحاولات المختلفة لزيادة معدلات المواليد.

كذلك بصراحة، أشك في أن الجنس البشري سيصبح أول نوع في التاريخ المُدوّن يختار الانقراض.

فإما أن نصل إلى توازن جديد، حيث يتكون باقي السكان حصرياً من مجموعات تميل إلى إنجاب المزيد من الأطفال - كالمتدينين مثلاً - أو أن يرتفع معدل الخصوبة مجدداً.

لا أعتقد أن شاهد قبر البشرية سيُكتب عليه: «إنسان عاقل. غادر المشهد طواعيةً». ربما بسبب حريق نووي، أو بسبب مرِض من صنع الإنسان، أو بسبب تغير مناخي كارثي.

وبسبب التهديدات الأكثر إلحاحاً للجنس البشري تحديداً، أشعر بقلق أقل بشأن معدلات المواليد. لأننا، ينبغي أن ننشغل أكثر بأمور قد تُدمرنا غداً، بدلاً من القلق بشأن أمر لا نستطيع معالجته، ولا نفهمه تماماً، ولا يُمثل مشكلةً حادةً حتى الآن.

أحياناً، يكفي أن نثق بأن المستقبل سيُصلح نفسه، ونأمل أن يكون الجيل القادم أكثر استعداداً لمواجهة المشكلة، أو على الأقل، أكثر نشاطاً وحيوية.

عموماً، حان الوقت للتوقف عن القلق بشأن معدلات المواليد، والبدء بالقلق بشأن الوضع الحالي الحرج للعالم.