كاتي مارتن

الشعور السائد في الأسواق حالياً هو أن الخوف من ضياع الفرصة يتسلل إلى كل فئة رئيسة للأصول تقريباً.

ويتجلى هذا بوضوح أكبر في سندات الشركات.

لقد كافحت هذه السوق للاستحواذ على قدر من الأضواء هذا العام، بعد أن زاحتها عن الأنظار قوة الأسهم الجبارة التي لا يمكن إيقافها على ما يبدو.

ولكن كما شهدت الأسهم ارتفاعاً حاداً خلال الأشهر الستة الماضية، فإن ائتمان الشركات يتعرض أيضاً لطلب متزايد من المستثمرين.

وقد تغيرت بوضوح طريقة حديث مديري الصناديق عن الائتمان. فلسنوات، روجوا للفروقات - وهي الفجوة في العوائد التي تعني أن المستثمرين يحصلون على مكافآت أكثر سخاءً لشراء ديون الشركات مقارنة بالسندات الحكومية الأكثر أماناً وأقل تكلفة. وكان هذا هو أساس الاستثمار الائتماني.

أما الآن، فقد أدى الإقبال المستمر على الشراء إلى تقليص هذه الفروقات إلى أدنى مستوى لها منذ عقود. ويكاد المستثمرون لا يجنون أي مكاسب تذكر مقابل تحمل هذه المخاطر الإضافية؛ بل في بعض الحالات الخاصة يدفعون أكثر مقابل سندات الشركات مما يدفعونه مقابل الديون الحكومية.

كانت فروق الأسعار قبل كوفيد، والعوائد الشاملة هي اسم اللعبة. وقالت هيذر ريديل، استراتيجية الائتمان في لوميس سايلز، في فعالية في لندن في وقت سابق من هذا الشهر: لقد شهدنا تدفقات هائلة والأمر كله يتعلق بالعوائد.

وعندما نقول لهم نقول إن الفوارق ضيقة. يردون قائلين: لا نهتم، نريد العوائد. ولا يبدو هذا الوضع صحياً بالمرة.

والأهم من ذلك، أن أسعار الفائدة القياسية قد انخفضت منذ ارتفاع التضخم في عصر الجائحة، لكنها لا تزال سخية بدرجة معقولة وفقاً لمعايير السنوات الخمس عشرة الماضية أو نحو ذلك.

وهذا يضع حداً أدنى وأعلى لتكاليف اقتراض الشركات، ويوفر حماية أكبر للمستثمرين في حال حدوث أي مشكلات، ويعزز النقطة المتعلقة بندرة الائتمان - فالشركات أكثر تردداً في اللجوء إلى مستثمري السندات عندما تعلم أن هذه ستكون عملية مكلفة نسبياً.

وبالنسبة للمستثمرين، قد يكون الفارق ضئيلاً للغاية، لكنه أفضل من لا شيء.

وقالت تاتيانا جريل كاسترو، الرئيسة المشاركة للأسواق العامة في شركة موزينيتش للاستثمار الائتماني: «تحصل على شيء إضافي.

إنه ليس كثيراً ولكنه يتراكم بمرور الوقت».

غالباً ما يسلك المقترضون من أصحاب المخاطر الأعلى طريق أسواق الدين الخاصة بدلاً من أسواق الدين العامة، ما يعني أن الشركات التي لا تزال تستفيد من سخاء مستثمري السندات العامة تميل إلى أن تكون أكثر أماناً، وبالتالي تستحق تصنيفات أعلى وتكاليف اقتراض أقل.

وتشير جولدمان ساكس إلى أن حتى ما يوصف بأنه العائد الأعلى الأكثر خطورة في السوق «يبقى أقل خطورة من أي وقت مضى».

والمخاطر غير العادية أمر طبيعي في ديون الشركات الخطرة، ولكن «مؤشر العائد المرتفع أصبح الآن على الأرجح الأكثر أماناً على الإطلاق من منظور المخاطر»، حسبما أشار البنك في وقت سابق من هذا الشهر.

حتى أن البعض يجادل بأن ديون الشركات غالباً ما تستحق أن تكون أعلى سعراً من السندات الحكومية القياسية، نظراً للقدرة الأكبر للشركات الأكبر على خفض التكاليف، وفي كثير من الأحيان، خفض مستويات ديونها النسبية الإجمالية.

وقد يبدو هذا الادعاء غريباً بعض الشيء، فالشركات ليس بمقدورها طباعة نقودها الخاصة كما تفعل الحكومات، أو هندسة التضخم لإذابة أعباء الديون، إلا أن السوق عموماً يشهد تقلبات حادة أخيراً، لا سيما في ظل الاضطرابات السياسية في فرنسا.

ويقول بعض المستثمرين: «لنتوقف تماماً»، فهم لا يشعرون بالتعويض المناسب لشرائهم العوائد الضئيلة لديون الشركات، لذا يتجهون إلى الأسهم بدلاً منها، أو إذا كانوا يبحثون عن الأمان، فإنهم يشترون السندات الحكومية ذات العوائد الأقل سخاءً بقليل.

لقد كانت التدفقات الإجمالية إلى فئة الأصول مبهرة طوال العام.

وتقول ريديل من «لوميس سايلز» إن السوق تكون معرضة لنوبات من عدم الاستقرار في الأيام التي تكون فيها التدفقات الداخلة أبطأ قليلاً من المعتاد.

وأضافت إن التدفقات الخارجة الصريحة من المرجح أن تسبب «ذعراً هائلاً».

وفي ظل موجة الشراء المحمومة التي تشهدها صناديق سندات الشركات، ثمة ما يدعو للارتياح، وهو أن الانضباط في الأسواق الأولية - حيث تطلق البنوك سندات جديدة في العالم - لا يزال قائماً، كما يؤكد المصرفيون والمستثمرون.

كما أن مديري الصناديق غير مستعدين للشراء بأي سعر سابق، ويميلون إلى التراجع عندما يحاول المصرفيون اختبار حظوظهم بعوائد ضئيلة.

ومع ذلك، فإن هذا المسار أحادي الاتجاه مقلق.

فهو يعكس كيف أن الزخم، في جميع المجالات، من الأسهم إلى الذهب والفضة والعملات المشفرة، يثبت أنه قوة لا تقاوم في الوقت الحالي.

وأنه ليست الأسهم وحدها هي التي ترتفع، بل كل شيء آخر يرتفع أيضاً. ويقول جريل كاسترو: «هناك بالتأكيد خوف كبير من تفويت الفرصة.

وكان الجميع يخشون حدوث ركود في عامي 2023 و2024، لذلك لا يزال الكثير من الناس يشعرون بأنهم لا يحملون ما يكفي من المخاطر في محافظهم الاستثمارية».

بموازاة ذلك، حذر بعض من أبرز الأسماء في عالم المال، بمن فيهم جين فريزر من سيتي بنك، وجيمي ديمون من جيه بي مورغان، ومارك روان من أبولو، خلال الأسبوع الماضي من التجاوزات الكبيرة في الأسواق العالمية.

ولا يمكن إلا لجاهل متعمد أن يتعامى عن حقيقة أن المخاطرة العالية تتصاعد بوتيرة عدوانية مقلقة في جميع فئات الأصول تقريباً.

على الأرجح، الشيء الوحيد الذي يمكنه تغيير مسار ائتمان الشركات هو حدوث تحول في النظام المالي بأكمله. لكن عموماً لن تنجو أي فئة أصول محفوفة بالمخاطر إذا ساءت الأوضاع.