جون يون

شكل طرازا «موديل 3» و«موديل واي» أكثر من 95 % من شحنات تسلا العالمية خلال العام الماضي.

وقد أسهم هذان الطرازان بالفعل في نمو الشركة لما يقرب من عقد من الزمان.

ومع ذلك فإن الأسواق آخذة في التغير، فنمو الطلب يتباطأ، والمنافسون يلحقون بالركب، وكان رد الفعل من جانب تسلا هو خفض الأسعار بشكل كبير، على أمل أن يُعوّض حجم المبيعات هامش الربح.

ويعد إطلاق طراز «موديل واي ستاندرد»، بسعر 39.990 دولاراً في الولايات المتحدة، و39.990 يورو في ألمانيا، أوضح دليل على هذه الاستراتيجية الجديدة، وتمثل نقطة الدخول المنخفضة لأهم طراز لـ«تسلا» خطوة دفاعية من جانب الشركة، التي تكافح للحفاظ على مكانتها أمام «بي واي دي» في نفس فئة سيارات الدفع الرباعي الكهربائية متوسطة الحجم، التي بدت في السابق منيعة لصالح شركة إيلون ماسك.

وتعد سيارة «سيليون 7» من «بي واي دي» واحدة من أقوى المنافسين المباشرين لسيارة «موديل واي» في السوق، ومن حيث الأداء والتطبيق العملي، تحافظ «سيليون 7» على مكانتها، حيث توفر مدى يصل إلى 456 كم، وتتسارع من 0 إلى 60 ميلاً في الساعة في نحو 4.5 ثوانٍ، وتتميز السيارة بتصميم داخلي فاخر مع جماليات بسيطة، ويوفر طراز «موديل واي» القياسي مدى يبلغ نحو 516 كم، ويتسارع من 0 إلى 60 ميلاً في الساعة في 6.8 ثوانٍ، مع توفير إمكانية الوصول إلى شبكة محطات الشحن الفائق الواسعة من «تسلا»، ومع ذلك فإن سعر «سيليون 7» مرتفع في أسواق التصدير، إذ يبدأ سعرها من نحو 60.000 دولار في المملكة المتحدة، وهو الآن أغلى بنسبة 30 % على الأقل من طراز تسلا الجديد من فئة «موديل واي» في القارة الأوروبية.

ويمثل هذا عكساً للأدوار، فقد كانت تسلا هي التي تحتاج إلى تبرير سعرها المرتفع مع صعود «بي واي دي» في تصنيفات حصة السوق، والآن تواجه «بي واي دي» نفس التحدي، وتمنح مزايا التكلفة وسلسلة التوريد المتكاملة رأسياً وبطارية فوسفات الحديد الليثيوم «بي واي دي» ميزة قوية في المواد، وقد انخفضت تكلفة هذه البطاريات في الصين بالفعل إلى 52 دولاراً للكيلوواط/ساعة العام الماضي، وفقاً لشركة «إس آند بي جلوبال موبيليتي»، ومع ذلك يتعين على «بي واي دي» استيعاب تكاليف رحلات الشحن الأعلى والتكيف التنظيمي، وتعقيد تعبئة البطاريات.

ومع نجاح تسلا في سد فجوة التكلفة بدأت قوتها التسعيرية في جعل السوق يميل لصالحها، لذلك بعد تخفيضات الأسعار في عام 2023 ارتفعت عمليات تسليم تسلا بنسبة 38 % على أساس سنوي إلى 1.81 مليون في ذلك العام.

وحتى مع الأخذ في الاعتبار تحديات السمعة التي واجهتها العلامة التجارية في السنوات الأخيرة في ظل جدل ماسك تشير هذه التجربة إلى أن تخفيضات أسعار تسلا يمكن أن تضيف نحو 300000 مركبة إلى الطلب السنوي على جميع منتجاتها.

وحتى لو جاء نصف هذه المكاسب على حساب «بي واي دي» ستظل تسلا تستفيد من زيادة الأحجام وتحسين كفاءة المصنع، بينما ستواجه «بي واي دي» تآكلاً في كل من حصتها السوقية وقوتها التسعيرية.

وبالنسبة لشركة «بي واي دي»، التي ازدهرت ورغم المنافسة السعرية الشرسة في الصين، فإن التوقيت يحمل معه بعض المخاطر، ومحاولة مجاراة أسعار «تسلا» الجديدة من شأنه أن يضغط على هوامش الربح عبر طرازات «سيليون» الخاصة بها، والتي أصبحت ثاني أفضل مجموعة مبيعاً لدى الشركة الشهر الماضي.

يوفر التكامل الرأسي لشركة بي واي دي بعض الحماية، ولكن ليس بما يكفي لتجنب ضغط أوسع، ويسمح النطاق العالمي الأكبر لشركة «تسلا» وشبكة التوزيع الواسعة لها بامتصاص هذه الضغوط بسهولة أكبر.

وقد يكون هذا خبراً جيداً لشركة تسلا على المدى القصير، لكنه يثير تساؤلات أعمق حول تقييم الشركة، وتم بناء القيمة السوقية للشركة والبالغة 1.4 تريليون دولار، أي أكثر من 10 أضعاف قيمة «بي واي دي»، على وعد بهوامش ربح استثنائية، والتي ستضغط عليها تخفيضات الأسعار حتماً.

وقد بلغ هامش الربح الإجمالي لشركة تسلا نحو 17 % في الربع الثاني من هذا العام، حيث شكلت مبيعات السيارات حوالي ثلاثة أرباع إجمالي الإيرادات، وهذا أقل بكثير من الربع الرابع من عام 2021 عندما بلغت هوامش الربح الإجمالية للسيارات، باستثناء الاعتمادات التنظيمية، ما يقرب من 30 %، وصحيح أن قيمة تسلا تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد سياراتها الكهربائية، فهي أيضاً شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، ومزود للطاقة، ومبتكرة في مجال الروبوتات.

وقد ساعدت الروايات حول النمو المحتمل لهذه الآفاق في دعم تداول أسهمها بأكثر من 200 ضعف الأرباح المستقبلية، وهذه الطموحات حقيقية لكن في الوقت الحالي، لا يزال الجزء الأكبر من سيولتها يأتي من بيع طرازين من السيارات الكهربائية، ويواجه هذان الطرازان الآن منافسين موثوقين، يمكنهم مقارعة تسلا في الأداء، وبشكل متزايد في التصميم.

لقد أثبتت تخفيضات أسعار تسلا أنها لا تزال قادرة على تحديد مسار صناعة السيارات الكهربائية، لكنها تكشف أيضاً عن حدود نموذج أعمالها الحالي، فالشركة التي جعلت من السيارات الكهربائية رمزاً للمكانة الاجتماعية، يجب عليها الآن أن تجعلها في متناول الجميع لتظل قادرة على المنافسة، ومع ذلك سيحتاج تقييم الشركة إلى التكيف مع هذا الواقع الجديد.