وقد أسهم هذان الطرازان بالفعل في نمو الشركة لما يقرب من عقد من الزمان.
ومع ذلك فإن الأسواق آخذة في التغير، فنمو الطلب يتباطأ، والمنافسون يلحقون بالركب، وكان رد الفعل من جانب تسلا هو خفض الأسعار بشكل كبير، على أمل أن يُعوّض حجم المبيعات هامش الربح.
ويعد إطلاق طراز «موديل واي ستاندرد»، بسعر 39.990 دولاراً في الولايات المتحدة، و39.990 يورو في ألمانيا، أوضح دليل على هذه الاستراتيجية الجديدة، وتمثل نقطة الدخول المنخفضة لأهم طراز لـ«تسلا» خطوة دفاعية من جانب الشركة، التي تكافح للحفاظ على مكانتها أمام «بي واي دي» في نفس فئة سيارات الدفع الرباعي الكهربائية متوسطة الحجم، التي بدت في السابق منيعة لصالح شركة إيلون ماسك.
ومع نجاح تسلا في سد فجوة التكلفة بدأت قوتها التسعيرية في جعل السوق يميل لصالحها، لذلك بعد تخفيضات الأسعار في عام 2023 ارتفعت عمليات تسليم تسلا بنسبة 38 % على أساس سنوي إلى 1.81 مليون في ذلك العام.
وحتى مع الأخذ في الاعتبار تحديات السمعة التي واجهتها العلامة التجارية في السنوات الأخيرة في ظل جدل ماسك تشير هذه التجربة إلى أن تخفيضات أسعار تسلا يمكن أن تضيف نحو 300000 مركبة إلى الطلب السنوي على جميع منتجاتها.
وحتى لو جاء نصف هذه المكاسب على حساب «بي واي دي» ستظل تسلا تستفيد من زيادة الأحجام وتحسين كفاءة المصنع، بينما ستواجه «بي واي دي» تآكلاً في كل من حصتها السوقية وقوتها التسعيرية.
يوفر التكامل الرأسي لشركة بي واي دي بعض الحماية، ولكن ليس بما يكفي لتجنب ضغط أوسع، ويسمح النطاق العالمي الأكبر لشركة «تسلا» وشبكة التوزيع الواسعة لها بامتصاص هذه الضغوط بسهولة أكبر.
وقد بلغ هامش الربح الإجمالي لشركة تسلا نحو 17 % في الربع الثاني من هذا العام، حيث شكلت مبيعات السيارات حوالي ثلاثة أرباع إجمالي الإيرادات، وهذا أقل بكثير من الربع الرابع من عام 2021 عندما بلغت هوامش الربح الإجمالية للسيارات، باستثناء الاعتمادات التنظيمية، ما يقرب من 30 %، وصحيح أن قيمة تسلا تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد سياراتها الكهربائية، فهي أيضاً شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، ومزود للطاقة، ومبتكرة في مجال الروبوتات.
وقد ساعدت الروايات حول النمو المحتمل لهذه الآفاق في دعم تداول أسهمها بأكثر من 200 ضعف الأرباح المستقبلية، وهذه الطموحات حقيقية لكن في الوقت الحالي، لا يزال الجزء الأكبر من سيولتها يأتي من بيع طرازين من السيارات الكهربائية، ويواجه هذان الطرازان الآن منافسين موثوقين، يمكنهم مقارعة تسلا في الأداء، وبشكل متزايد في التصميم.
لقد أثبتت تخفيضات أسعار تسلا أنها لا تزال قادرة على تحديد مسار صناعة السيارات الكهربائية، لكنها تكشف أيضاً عن حدود نموذج أعمالها الحالي، فالشركة التي جعلت من السيارات الكهربائية رمزاً للمكانة الاجتماعية، يجب عليها الآن أن تجعلها في متناول الجميع لتظل قادرة على المنافسة، ومع ذلك سيحتاج تقييم الشركة إلى التكيف مع هذا الواقع الجديد.
