ويليم بويتر

في عام 2009، كتبت أن الذهب يمر بفترة فقاعة عمرها 6000 عام، ومنذ ذلك الحين، استمر الذهب في تحدي شكوكي بشأن القيمة الحقيقية الجوهرية للمعدن.

وعندما كتبت كلماتي هذه حول الفقاعة، كان سعر الذهب يتداول عند 1109 دولارات للأونصة. والآن، مع زيادة تجاوزت 50 % منذ بداية العام، يجري تداول الذهب فوق 4000 دولار للأونصة.

ويقارن الذهب أحياناً بالبتكوين كاستثمار لمن يخشون انخفاض قيمة النقود الورقية، وكنت أيضاً شبهت الخصائص الجوهرية للمعدن بالعملة المشفرة في عام 2014، فهناك بعض أوجه التشابه، ليس أقلها التقلب.

فقد ارتفع سعر بتكوين بشكل مذهل تجاوز الذهب، من نحو 20 سنتاً في نوفمبر 2009 إلى نحو 125 ألف دولار، لكن عملة بتكوين شهدت أيضاً انخفاضات في أسعارها أكثر من الذهب.

فقد انخفض سعرها بنسبة 74 % بين أكتوبر 2021 وديسمبر 2022، فيما كان أكبر انخفاض نسبي في سعر الذهب خلال هذا القرن بقرابة 44 %، بين عامي 2011 و2015.

وبصفتها عملة رقمية مشفرة حرة التداول، فإن قيمة بتكوين تقدر حسب السوق، أي أنها قد تصل إلى مليوني دولار أو ربما لا شيء بالمرة. وبينما يبلغ إجمالي مخزون بتكوين المتداول 21 مليون وحدة، يمكن لمجموعة ماهرة من خبراء التشفير إنشاء أي عدد من النسخ المتطابقة من البتكوين المقيدة، ولكن قد تقيم البتكوين كوسيلة للدفع، وهو أمر لا يتم مع الذهب.

وبينما يعتبر مخزون الذهب المادي مقيداً هو الآخر، فإن سبب تفضيل أي شخص لهذا المعدن كوسيلة للدفع عن العملات الرقمية، خصوصاً تلك الصادرة عن البنوك المركزية أو العملات المستقرة المدعومة بالكامل، لا يزال لغزاً بالنسبة لي.

إنني أرى أن القيمة الجوهرية للذهب ضئيلة. صحيح أن هناك طلباً استهلاكياً على الذهب كمجوهرات، ومن إجمالي 216.265 طناً من مخزون الذهب السطحي بنهاية عام 2024، شكلت المجوهرات 97.149 طناً (45 %)، وأعتقد أن جزءاً كبيراً من هذا «الطلب الاستهلاكي» -بل معظمه- هو في الواقع طلب استثماري.

حيث تحتسب العملات والسبائك الذهبية (بما في ذلك صناديق الاستثمار المتداولة) كطلب استثماري، وفي نهاية عام 2024، شكلت هذه النسبة 22 % من إجمالي المخزون.

وبلغت حيازات البنوك المركزية 17 %، ويمثل استخدام الذهب في التكنولوجيا جزءاً من نسبة 15 % من المخزون العالمي، وهي مصنفة ضمن «الأغراض الأخرى».

من الممكن أن يكون ارتفاع استخدام الذهب في الإلكترونيات، مدفوعاً بالتقدم المذهل في الذكاء الاصطناعي واستمرار الطلب القوي بطب الأسنان، قد حدد سعراً أساسياً إيجابياً للمعدن. وأشك في أن هذا السعر قريب من تكلفة الاستخراج والتخزين والتأمين.

وتتفاوت تكاليف استخراج الذهب على نطاق واسع، لكن مجلس الذهب العالمي قدر التكلفة الإجمالية بحوالي 1500 دولار للطن في الربع الأول من هذا العام.

وبلغ تدفق الذهب الجديد في عام 2024 نحو 4.975 طناً، وهو ما يمثل هدراً مكلفاً للموارد. وقد أدركت ذلك جيداً عندما عرض علي، بصفتي عضواً في لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا، احتياطيات الذهب المادية المخزنة في قبو البنك.

إن الذهب، المستخرج من باطن الأرض بتكلفة مادية، يحول إلى سبائك ذهبية، ثم يعاد إلى باطن الأرض للتخزين بتكلفة إضافية عالمياً، وتقدر احتياطيات الذهب (رواسب الخام التي يمكن استخراجها اقتصادياً) بنحو 54.770 طناً، وموارد الذهب (رواسب الخام التي يكون الاستخراج فيها مربحاً أكبر موضع شك) بنحو 132.110 أطنان. لذا، فإن الاستراتيجية الوحيدة ذات المغزى الاجتماعي والاقتصادي هي ترك الذهب بالكامل في باطن الأرض.

إن تداول المشتقات يقلل بشكل كبير من تكلفة استخدام المخزون الحالي من الذهب كوسيلة للدفع وتخزين القيمة، ومن السهل تصور عالم يمكن فيه الاحتفاظ بمشتقات الذهب الرقمية وتداولها عبر سلاسل الكتل وغيرها من آليات التمويل اللا مركزية الفعالة. ومع ذلك، سيظل استخراج الذهب المادي الأساسي وتخزينه بأمان مكلفاً دائماً.

ويصبح العالم أسيراً للتاريخ عندما يتعامل مع الذهب كمخزن للقيمة، وخصوصاً البنوك المركزية التي زادت احتياطياتها منه بشكل كبير منذ عام 2022، بأكثر من 1000 طن سنوياً، وفقاً لمجلس الذهب العالمي، وبنهاية عام 2024، شكلت احتياطيات الذهب 20 % من احتياطيات البنوك المركزية، أي أكثر من احتياطيات اليورو (حوالي 16 %).

وكان من شأن ارتفاع سعر الذهب منذ ذلك الحين أن يرفع حصته النسبية، لكن لا ينبغي لأي بنك مركزي الاستثمار في سلعة مادية واحدة، وخصوصاً تلك التي لا قيمة جوهرية لها وتنطوي على مخاطر كبيرة، حيث لن يكون هناك عودة لمعيار الذهب.

إنه من المهم تماماً للأفراد وشركات الاستثمار الذين يفكرون في الاستثمار في الذهب القيام بذلك فقط إذا كانوا قادرين على تحمل خسارة معظم هذا الاستثمار أو كله، وعموماً، ينبغي على البنوك المركزية بيع أكبر قدر ممكن منه لأي وكلاء خاصين يستوفون هذا المعيار.