لي هاريس

في مواجهة التكاليف المتزايدة الناجمة عن اتساع نطاق وفرص وقوع الأعاصير وحرائق الغابات والعواصف الشديدة، يلجأ قطاع التأمين بشكل متزايد إلى أدوات مالية مبتكرة تتيح للمستثمرين فرصة الرهان على مواقع وقوع الكوارث المناخية، لتحقق الربح عند عدم وقوعها.

ويواجه قطاع التأمين الآن بشكل روتيني ولسنوات خسائر تزيد على 100 مليار دولار، وهو رقم لا يشمل سوى الأصول المؤمنة، لكن خلال السنوات الأخيرة، كلفت الخسائر غير المؤمنة المجتمعات المحلية مئات المليارات من الدولارات.

وللمساعدة في تمويل هذه الخسائر المتصاعدة، لجأت شركات التأمين إلى ما يسمى بـ«سندات الكوارث». وشهد هذا العام إصدار سندات الكوارث، التي تستخدمها شركات التأمين لنقل جزء من تكلفة الكوارث الكبيرة إلى حاملي السندات، بوتيرة قياسية كجزء من توجه أوسع نحو الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين.

وقد منح نمو هذه المنتجات مديري الأصول البديلة فرصاً أكبر لتجاوز مخاطر تغير المناخ. وتستخدم هذه المجموعات الأموال التي تتدفق في نهاية المطاف من المستثمرين، ومنهم صناديق التقاعد والمكاتب العائلية والأوقاف، لشراء أدوات يمكن أن توفر عوائد أعلى من عروض الدخل الثابت التقليدية مثل السندات الحكومية. ولكن مع التوسع الواضح في إصدار هذه النوعية من سندات التأمين الدولية، فقد جذب ذلك المزيد من التدقيق، خاصة من جانب المتشككين الذين يحذرون من أن هذه الأدوات يمكن أن تجعل أسواق التأمين أكثر تقلباً بدرجة كبيرة.

ويشعر وسطاء التأمين، الذين يساعدون الشركات والحكومات على شراء منتجات التأمين، بسعادة كبيرة بشأن هذا الاتجاه الذي يقولون إنه يساعد في كبح جماح تكاليف التغطيات المرتفعة. وقال ديفيد فلاندرو، رئيس تحليل قطاع التأمين في هاودن ري، لنشرة «مورال موني» إنه لولا التدفق «الهائل» لرأس المال البديل بحوالي 70 مليار دولار بعد عام 2015، لكانت تكاليف إعادة التأمين أعلى بكثير.

وتجاوز حجم إصدار سندات الكوارث 18.1 مليار دولار خلل شهر يوليو، وفقاً لمزودة البيانات المتخصصة «أرتميس» وذلك مقارنة بإصدار قياسي بلغ 17.7 مليار دولار لعام 2024 بأكمله. ويجمع المستثمرون الدخل من السندات طالما أنه لم تحدث أي كارثة.

وحتى في حال وقوع كارثة بالعل، فإنه يُمكن حينها تحويل بعض رأس المال أو كله لتغطية خسائر التأمين. يُفضّل المستثمرون هذه المنتجات نظراً لانخفاض ارتباط عوائدها بالدورة المالية الأوسع مقارنةً بالعديد من منتجات الاستثمار الأخرى عالية العائد.

وتقليدياً، دأبت أكبر شركات إعادة التأمين على إدارة الأحداث الاستثنائية لشركات التأمين من خلال تنويع تعرضاتها للكوارث الأكثر تكلفة في العالم. وتستطيع شركات مثل ميونيخ ري وسويس ري، على سبيل المثال، الموازنة بين حدوث زلزال في اليابان مقابل هبوب إعصار في فلوريدا، أو وقوع هجوم إرهابي في فرنسا، أو هجوم إلكتروني في المملكة المتحدة. وقد لاحظت شركات إعادة التأمين زيادة إصدار سندات الكوارث من قِبل شركات التأمين، لكنها حذّرت من احتمال تراكم المخاطر في السوق، مع ازدهار المستثمرين البديلين في الأسواق.

ويلفت البعض إلى أن مستثمري أسواق رأس المال، مثل صناديق التحوّط، لا يستثمرون فيها على المدى الطويل، وقد ينسحبون بسرعة من أسواق التأمين، مما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في تكلفة التغطية التأمينية.

يحتجّ آخرون في قطاع إعادة التأمين على أن سندات الكوارث غالباً ما تتحمل جزءاً ضئيلاً من المخاطر - إذ تتعاقد لتغطية المخاطر الأقل احتمالاً للحدوث فقط، وتدفع في آخر وقت الاستحقاق - وفي الوقت نفسه تجني أقساطاً متراكمة باستمرار.

ويقول البعض إنه يبدو أن شركات إعادة التأمين باتت تشعر بالانزعاج من تفوق منافسين جدد عليها. وعلى سبيل المثال، وبعد حرائق الغابات القياسية في كاليفورنيا في يناير، تكبّدت شركات التأمين الأساسية ونظام تأمين الملاذ الأخير في الولاية أكبر الخسائر. بينما تكبّدت شركات إعادة التأمين التقليدية خسائر أقل، ولم تتأثر هياكل التأمين المتكاملة، التي كانت معرضة نسبياً لحرائق الغابات، إلى حد كبير.