إدوارد وايت
قبل بضعة أسابيع، سافرت إلى تشانغشا، عاصمة مقاطعة هونان بوسط الصين، لإلقاء نظرة على مستقبل قطاع النقل بالشاحنات والخدمات اللوجستية، فداخل مجمع صناعي جديد بقيمة 3 مليارات دولار على مشارف المدينة، تدير مجموعة ساني، التي تُعد بالفعل أكبر مُنتج لمعدات البناء في الصين، مصنعاً عالي الأتمتة يُنتج عشرات الآلاف من الشاحنات التي تعمل بالبطاريات، بالإضافة إلى محطات شحن وتبديل البطاريات التي تعمل بالطاقة الشمسية.
وقال ليانغ لينه، رئيس قسم النقل بالشاحنات الكهربائية في ساني، بمكتبه في المصنع: «من الواضح للجميع أن التوجه المستقبلي يركز على إزالة الكربون». وساني هي واحدة من بين مجموعة من الشركات الصينية التي تُجري إصلاحات شاملة على صناعة النقل بالشاحنات في الصين، وربما في أماكن أخرى قريباً. ومن المتوقع أن تتفوق مبيعات الشاحنات الكهربائية في الصين على مبيعات شاحنات الديزل في السنوات الثلاث المقبلة، وتستثمر الشركات المحلية بالفعل في شبكات المبيعات والتصنيع حول العالم.
وكان واضحاً من خلال الزيارة والمقابلات اللاحقة مع المحللين أن شاحنات الديزل في الصين تسير على نفس النهج الذي سلكته السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي خلال السنوات القليلة الماضية. ومن المتوقع أن تؤدي الإعانات الحكومية الصينية، والانخفاض الهيكلي في أسعار البطاريات، والتطورات التكنولوجية في مدى القيادة وإنتاج الطاقة، إلى إزاحة سريعة لشاحنات الديزل من البلاد. ويمكن ملاحظة تحولات مماثلة في مجموعة واسعة من القطاعات، مثل الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، والبطاريات، بفضل حجم السوق الصيني، والابتكار، والدعم الحكومي.
وهذا بدوره يمنح الأمل للعديد من الدول لتقليل الاعتماد على واردات النفط والبترول والديزل، وربما التخلي عنها تماماً يوماً ما، مع منح الصين فرصاً لتعميق نفوذها الجيوسياسي. وبينما يصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغير المناخ بالخدعة والاحتيال، تُقدم الصين تقنيات ومنتجات جديدة للدول لتطوير الطاقة الخضراء والاستعداد للعواصف والفيضانات والجفاف المتزايدة التكرار والشدة. وبعد يومين من الرحلة إلى تشانغشا، حضرت اجتماعاً في بكين لمسؤولين صينيين وممثلين عن الدول المعرضة لتداعيات تغير المناخ، وهي مجموعة تضم 74 دولة يزيد عدد سكانها على 1.8 مليار نسمة.
وقالت ليز تومسون، الأمين العام المساعد السابق للأمم المتحدة وسفيرة تغير المناخ الحالية في باربادوس، إنه في الوقت الذي تتعرض فيه الدول المعرضة لتأثيرات تغير المناخ لمزيد من الكوارث، فإن استجابتها يعرقلها نقص الوصول إلى التكنولوجيا والتمويل. وقالت: «تقدم هذه التحديات أسباباً مقنعة للعمل بشكل أوثق مع الصين». ويحرص المسؤولون الصينيون وقادة الأعمال على تلبية هذه الحاجة.
وقال تشانغ شيغو، المدير التنفيذي لتحالف الطاقة الجديدة بالصين، وهي منظمة تدعمها الجمعيات الحكومية وشركات الطاقة المتجددة، إن المنتجات الخضراء للبلاد وصلت بالفعل إلى 170 دولة. وأضاف: «إن السبب وراء نجاح قطاع الطاقة الجديد في الصين هو التصميم على الإنجاز». لكن هناك تحذيرات من عواقب خطيرة على بكين بسبب الدعم الواسع والطاقة الإنتاجية الفائضة الصناعية. وتخشى بعض الدول من أن صناعاتها التحويلية المحلية لن تصمد أمام المنافسة الصينية. ومع ذلك، يبدو أن قطاعات كبيرة من العالم النامي أكثر تركيزاً على الجانب الإيجابي الفوري للشراكة مع الصين. وعلى سبيل المثال، ارتفعت صادرات الطاقة الشمسية إلى أفريقيا بنسبة 60% خلال عام حتى يونيو، وفقاً لبيانات مركز إمبر البحثي البريطاني.
وتستفيد الصين أيضاً من خبراتها المتراكمة في نشر الطاقة المتجددة بسرعة، بما في ذلك العمل في ظل درجات حرارة عالية وبرودة شديدة، وسرعات رياح عالية ومنخفضة. وعلى سبيل المثال، يشير باو شياو تشيان، المدير التنفيذي لشركة إنفيجن ومقرها شنغهاي، إلى مشروع لطاقة الرياح يمتد على مساحات واسعة في بنغلاديش، جرى تطويره بالتعاون مع شركته «إنفيجن» رغم أشهر طويلة من الرياح المنخفضة والأعاصير.
كما أشار وانغ روي، المسؤول الكبير في إدارة الأرصاد الجوية الصينية، في الاجتماع مع الدول المعرضة لتغيرات المناخ، إلى أن الصين «على استعداد تام» لتوفير تكنولوجيا الإنذار المبكر للدول النامية. وقال إن إصدار تحذير مسبق قبل 24 ساعة من وقوع كارثة وشيكة يمكن أن يقلل الأضرار الناجمة بنسبة 30 %. لكن، هل ستكون الدول المعرضة للتغيرات المناخية أو الدول النامية فقط هي التي تُعمّق شراكاتها في هذا المجال مع الصين؟
وتسعى الولايات المتحدة إلى التركيز على البدائل المحلية للمنتجات الصينية. أما بالنسبة لبقية العالم، فإن الشراكة مع الدولة الوحيدة التي تسيطر على سلاسل توريد الطاقة النظيفة في العالم لم تعد خياراً على الإطلاق.
