كما تعرض مجالان جويان لعضوين حاليين بالاتحاد للاختراق من قبل روسيا نفسها في الأسابيع الأخيرة. ومع الإقرار أن اعتماد قارة غنية مثل أوروبا على الحماية الأمريكية بعد 80 عاماً من الحرب العالمية الثانية أمر مخزٍ تماماً، لكن ذلك، للأسف، حقيقة واقعة. ويعد ثمن هذه الحماية مرتفعاً للغاية لأن مسألة التجارة مهمة، لكنها في نهاية المطاف قضية غير وجودية.
وقالت: «كان الجانب الأوروبي تحت ضغطٍ هائلٍ لإيجاد حلٍ سريعٍ لاستقرار العلاقات عبر الأطلسي فيما يتعلق بالضمانات الأمنية». وفي حال ضاعت وجهة نظرها وسط ضبابية خطاب المذكرات، فقد قالت بوضوح: «لدينا حرب برية في القارة الأوروبية. ونحن نعتمد كلياً على الولايات المتحدة».
لكن سبب التودد لترامب ليس لتعزيز مكانة بريطانيا على الساحة العالمية أو لتأمين استثمارات في الذكاء الاصطناعي، بل لمجرد إبقاء هذا الرئيس منخرطاً في الأمن الأوكراني والأوروبي. ولنكن سعداء لأنه يستجيب لهذه المجاملات، وعلينا أن نتخيل ما الذي يمكن أن يحدث لو لم يفعل ذلك.
لن تحتاج القارة إلى المال فقط، بل إلى اتخاذ قرارات أسرع وأقل توافقاً، ربما خارج هياكل الاتحاد الأوروبي، نظراً للنفوذ العسكري لبريطانيا (وهي ليست عضواً) والخوف الأقل وضوحاً من روسيا في إسبانيا وإيطاليا (وهما عضوان). لكن الخضوع لترامب لن يجدي نفعاً إلا إذا حدث هذا الإصلاح بالتوازي.
وقد يبدو الأمر سيئاً، لكن بعض الأفعال الحكيمة هي الأخرى يمكن أن تبدو كذلك. ويميل التاريخ إلى التقليل من شأن القادة الذين يعانون من أجل خلفائهم. فقد تعرض ريشي سوناك لانتقادات شديدة لإلغاء تمديد خط سكة حديد عالي السرعة تأخر بشكل غريب وتجاوز الميزانية، فيما لم يلقِ رؤساء الوزراء الذين أساءوا إدارة المشروع لوماً يذكر.
والنتيجة هي أن السير كير ستارمر لم يعد ملزماً باتخاذ هذا القرار، إلا إذا اختار إحيائه. وبالمثل، تعرض الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن لانتقادات أشد بسبب الخروج الفاشل من أفغانستان مما تعرض له أسلافه لعدم بناء دولة هناك على مدى ما يقرب من 20 عاماً.
وقد رضي بتدمير سمعته، كما تذهب هذه الحجة، ليمنح وريثه فرصة للقتال. ويبدو أن رؤساء الحكومات الحاليين في أوروبا، بالإضافة إلى أورسولا فون دير لاين وأمين عام حلف الناتو مارك روته، سيتعرضون أيضاً لانتقادات كبيرة مماثلة تطال سمعتهم.
وكان الحمقى يتباهون بـ «القوة الناعمة» حتى بعد ضم (شبه جزيرة القرم). وبالنسبة للمستقبل، فقد يكون إذلال جيل فون دير لاين هو ما يتطلبه الأمر لمنح خلفائهم المزيد من القوة الصارمة لاستخدامها حين يلزم الأمر.
