إيلين مور

كثيرون منا باتوا يعلمون ما هي المعلومات المعلقة بك المعروضة للبيع - حتى لو كنت تُفضّل عدم التفكير فيها: عمرك، رقم هاتفك، ومكان سكنك.. ما اشتريته على الغداء أمس، وأين ذهبت بعد ذلك، ومن وقف بجانبك. ومدى قوة ضغطك على مكابح سيارتك.

ما هي اللوحة الإعلانية التي مررت بها، وهل اشتريتَ المنتج المُعلن عنه هناك؟ في سوق تداول البيانات عبر الإنترنت، كل ذلك مُتاح - مُجزّأ ومجمعاً للبيع.

ونظراً لكمية البيانات التي تتسرب منّا باستمرار، فمن المنطقي أن نشعر ببعض الإرهاق من الخصوصية. لذلك، قبل بضع سنوات، بدأتُ بتغطية كاميرا حاسوبي المحمول بشريط لاصق بعد أن رأيت صورة لمارك زوكربيرج يفعل الشيء نفسه. لكن هذا الاجتهاد لم يدم طويلاً. فعندما تبيع تطبيقات الطقس موقعك، وتراقب كاميرات الويب حركات عينيك، فلماذا نهتم بقطعة شريط لاصق؟

في الواقع، لماذا تحاول إخفاء بياناتك أصلاً بينما يمكنك الحصول على أجر مقابل ذلك؟ في وقت سابق من هذا العام، حاولت شركة استطلاعات رأي تُدعى «جينيريشن لاب» تحديد سعر أدنى للمعلومات الشخصية من خلال عرض مبلغ 50 دولاراً شهرياً في المتوسط على الشباب لتثبيت برنامج تتبّع على هواتفهم المحمولة. وبطبيعة الحال، لا يتتبع برنامج التتبّع المعلومات الحساسة مثل كلمات مرور الحسابات المصرفية.

ولكن يمكن جمع كل شيء آخر تقريباً: عادات التصفّح، وخيارات البث، والمشتريات - جميعها تغذى في قاعدة بيانات لتحليلها في الوقت الفعلي.

لكن هل 50 دولاراً شهرياً سعر عادل لهذا المستوى من التدقيق؟ كان عالم الرياضيات البريطاني كلايف همبي هو أول من طرح عبارة «البيانات هي النفط الجديد» في عام 2006.

لكن سوق هذه السلعة، المليء بشركات خاصة مثل «فوج داتا ساينس»، غامض. وتغذي معلوماتنا الشخصية صناعة الإعلان الرقمي التي تدعم الإنترنت.

وفي مقابل المراقبة، نحصل على إعلانات مُوجّهة وخدمات مجانية عبر الإنترنت. لكن ما لا نحصل عليه هو وضوح الأسعار. وفك طلاسم مبيعات البيانات الفردية أمر صعب. ولذلك قد تبدو عروض الدفع عشوائية.

وقبل عام 2019، أفادت التقارير بأن فيسبوك كان يدفع لبعض المراهقين ما يصل إلى 20 دولاراً شهرياً لتتبع عاداتهم على الإنترنت. وتقدم عملة سام ألتمان وورلدكوين حوالي 25 رمزاً للراغبين في مسح مقلات أعينهم بواسطة شركة العملات المشفرة البيومترية. وإذا كنت تريد مؤشراً على مدى استخفافنا بالبيانات الشخصية، فإن وورلدكوين تقول إنها تحققت بالفعل من أكثر من 12 مليون شخص.

وربما يكون الإقبال مرتفعاً لأن الصفقات المدفوعة نادرة. يقول سايروس بيشلوس، المؤسس المشارك لشركة «جينيريشن لاب»، إنه قام بتثبيت أقل من 1000 متتبع للهواتف حتى الآن ولكنه حظي باهتمام أكبر بكثير. وقد أعجب المستجيبون بحقيقة أن المقايضة كانت واضحة. ومع ذلك، فهو يقر بأن بعض البيانات التي يتم جمعها أكثر قيمة بكثير من السعر المدفوع.

وتكمن مشكلة بيانات التسعير في تفاوت قيمتها، فأرقام الهواتف سهلة الوصول نسبياً ولا تُقدّر بقيمتها الحقيقية. وقد وجدت دراسة أجراها أستاذ القانون جاستن شيرمان عام 2023 في كلية سانفورد للسياسات العامة بجامعة ديوك أن البيانات هذه المتعلقة بالعسكريين الأمريكيين كانت معروضة للبيع مقابل 12 سنتاً فقط للشخص الواحد.

ويُعد الحصول على بيانات الموقع والصحة أكثر صعوبة، وبالتالي تكون أكثر قيمة - خاصة عند دمجها مع آلاف بيانات الأشخاص الآخرين. ويعتمد الأمر أيضاً على هوية المشتري - سواء كان وسيطاً آخر، أو شركة إعلانات، أو وكالة إنفاذ قانون، أو دائرة حكومية. ويقول «جينيريشن لاب» إن صناديق التحوط كانت مهتمة بشكل خاص بالمعلومات التي يجمعها.

كل هذا واضح للغاية، إذ لو سمحت لتطبيق بتتبعك، وسمح التطبيق للوسطاء بشراء البيانات، فالأمر مباح. وفي أوروبا، يجب إخطار مستخدمي الإنترنت بجمع البيانات، ويُعرض عليهم خيار إلغاء الاشتراك (مع أن هذا قد يكون معقداً). أما في الولايات المتحدة، فلا يوجد قانون فيدرالي للخصوصية.

ومع ذلك، هناك جهود مبذولة حالياً لجعل معاملات البيانات أكثر شفافية. وقد اقترح حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، ذات مرة أن تدفع شركات التكنولوجيا للسكان «عائداً للبيانات».

وقد بدأت الهيئات التنظيمية الأمريكية في استهداف وسطاء مثل «أوت لوجيك» لمنعهم من بيع بيانات الموقع الحساسة. ويقول شيرمان إن هذا مدفوع جزئياً بالقلق بشأن المبيعات لمنافسين مثل الصين. وتساعد هذه الأنواع من المخاوف الناشطين الذين يدفعون لأن يكون وسطاء البيانات أكثر وضوحاً بشأن ما يجمعونه بالضبط، وبأي ثمن يبيعونه، ولمن.

في الوقت الحالي، قد يُعد سعر 50 دولاراً صفقةً جيدةً لأننا نفتقر إلى المعرفة اللازمة للتوصل إلى سعر أدق للمعلومات الشخصية. ولكن مثل النفط، فإن البيانات ليست عملية استخراج لمرة واحدة. وحتى لو وزعت كميات هائلة بالفعل عن غير قصد، فهناك دائماً المزيد للمساومة عليه.