أنجانا أهوجا

يُعدّ سرطان حدوة الحصان، أحد أقدم الأنواع على وجه الأرض. وهذه المخلوقات تبدو وكأنها من عصور ما قبل التاريخ، وهي أقرب إلى العناكب والعقارب، منها إلى القشريات.

وقد وُجدت منذ حوالي 450 مليون عام، ولكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام، هو أن دمها أزرق ناصع، وغني بالنحاس، وتُقدر قيمته بحوالي 16,000 دولار للتر.

ويرجع ذلك إلى خصائصه البيولوجية الفريدة: فهو يتخثر بسرعة في وجود السموم البكتيرية، ما يجعله عنصراً حيوياً للغاية في اختبارات سلامة الأدوية واللقاحات. ويتم صيد حوالي مليون سرطان منه سنوياً لسحب دمها، قبل إعادتها إلى الموائل الساحلية .

- ولكن ما يصل إلى ثلثها يموت عند عودتها. وفي مايو، قضت السلطات الدوائية الأمريكية بأن بديل الدم الاصطناعي، يُعدّ بديلاً مقبولاً لاختبارات الأدوية، ما يحمي، ليس فقط السرطانات نفسها، بل أيضاً الأنواع الأخرى التي تعتمد عليها، مثل الطيور الساحلية التي تتغذى على بيضها.

ويقدم بعض النشطاء هذا الآن كمثال لكيفية مساهمة البيولوجيا الاصطناعية في إنقاذ الأنواع المهددة بالانقراض. وتشمل المشاريع المقترحة في هذا السياق، تعديل الضفادع وراثياً لمقاومة الأمراض الفطرية القاتلة، وتعديل البكتيريا لتحسين صحة الشعاب المرجانية.

لكن حركة موازية ظهرت، تُجادل بأن البيولوجيا الاصطناعية والهندسة الوراثية، لا مكان لهما في مجال الحفاظ على البيئة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بإطلاق الكائنات الحية والدقيقة المعدلة وراثياً في البرية.

ومن المتوقع أن يكون هناك نقاش ساخن بين الجانبين خلال الشهر المقبل في المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة في أبوظبي، حيث سيناقش الحضور اقتراحاً بوقف مؤقت لمثل هذه الممارسات العلمية. وبينما يُبدي المدافعون عن هذا الوقف قلقهم، عن حق، بشأن قضايا مثل السلامة البيولوجية، والعواقب غير المقصودة،.

وحقوق الشعوب الأصلية، فإن السؤال المحوري هو في الواقع، ما إذا كان ينبغي لأي ابتكار علمي أن يتجاوز حدود حماية الأنواع والموائل. وقد تعاونت منظمة بولينيس، وهي منظمة بيئية فرنسية غير ربحية، مع العديد من المنظمات الأخرى، بما في ذلك منظمة «أنقذوا بذورنا»، للمطالبة بوقف مؤقت.

وفي وقت سابق من هذا العام، أوضحت جوان سي مديرة الأبحاث في بولينيس، السبب أن العديد من أفكار الهندسة الوراثية، مثل إدخال متغيرات جينية مرجانية مقاومة للحرارة في المياه الدافئة، غير مثبتة.

كما أن إطلاق الكائنات المعدلة وراثياً في البرية، قد يُحدث اضطراباً لا رجعة فيه في النظم البيئية. وبالنسبة لمحركات الجينات، التي تنشر الصفات الوراثية بسرعة بين السكان، وتُختبر حالياً على البعوض لمكافحة الملاريا، يمكن أن تُضخّم العواقب المقصودة وغير المقصودة. لكن جوان سي كتبت أيضاً عن انقسام أيديولوجي أعمق في مجال الحفاظ على البيئة، بين المدافعين عن البيئة والمتدخلين فيها.

وأوضحت أن «الحفاظ على الطبيعة يستند إلى إدراكنا بأننا لا نفهم تماماً الأنظمة التي نعتمد عليها، وأن الاحتياط ضروري عند التدخل فيها. وفي المقابل، يرى علم الأحياء التركيبي أن الطبيعة قابلة للتحسين».

وقد وقّع أكثر من 200 عالم ومنظمة أخرى معنية بالحفاظ على البيئة، بما في ذلك مؤسسة تشارلز داروين في جزر غالاباغوس، رسالة مفتوحة، ترفض قرار الوقف المؤقت.

وأشاروا إلى أن أساليب الحفظ التقليدية، مثل تسميم الفئران الغازية، لها جوانب سلبية أيضاً، بما في ذلك التكلفة وقابلية التوسع والفعالية والآثار الضارة على الأنواع الأخرى. وجاء في الرسالة:

«مع تدهور الطبيعة بوتيرة غير مسبوقة، ليس هذا هو الوقت المناسب للتراجع عن الحلول الجريئة.. ونحن ندعم بشدة النهج الاحترازي، ولكن لا ينبغي مساواة الاحتياط بالتقاعس».

وقالت لينا تريباثي، عالمة النبات في المعهد الدولي للزراعة الاستوائية في كينيا، إن البيولوجيا التركيبية يمكن أن «تعزز أيضاً أهداف الاستدامة الأوسع، مثل تحسين المرونة الزراعية، وابتكار طرق مبتكرة لالتقاط الكربون أو تخزينه».

ووفقاً لخبراء القانون البيئي، فإنه نظراً لاتفاقيات وبروتوكولات الأمم المتحدة القائمة، فإن قرار الوقف المؤقت، سيكون له تأثير عملي محدود. لهذا السبب، يبدو هذا النقاش أشبه بمعركة حاسمة في عصرٍ جديدٍ من أجل الحفاظ على جوهر البيئة - تماماً كما تواجه البشرية احتمال الانقراض الجماعي الجاري.

لن يحظى كل مشروعٍ للهندسة الوراثية، بموافقة عامة، فكثيرون يشعرون بالانزعاج من طموح شركة مثل كولوسال بيوساينسز، وهي شركةٌ موقعة على الاتفاقية، لإعادة طائر الدودو إلى الحياة، خاصة أن إنجازات الشركة نفسها، تشي بأن كل انقراضٍ قد يكون خسارة لا رجعة فيها. لكن من الحكمة استخدام التقنية بعنايةٍ وتواضع، لإنقاذ كل ما يمكننا إنقاذه.