روبرت أرمسترونغ

تُعلن لجنة السوق المفتوحة التابعة للاحتياطي الفيدرالي اليوم قرارها بشأن أسعار الفائدة. وتتوقع الأسواق بالإجماع تقريباً خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس، كما يتوقع أن يكون هناك أربعة أو خمسة تخفيضات أخرى بمقدار ربع نقطة خلال الاثني عشر شهراً القادمة.

هذا الإجماع قوي بما يكفي لأن زيادة أو نقصان ربع نقطة، أو أي إشارة قوية إلى أن الاحتياطي الفيدرالي ليس في وضع يسمح له بتخفيض متتال، سيُحرك الأسواق. وعموماً، فإن زيادة أو خفض 25 نقطة في أسعار الفائدة لليلة واحدة لن يحدث فرقاً مباشراً يُذكر على الاقتصاد. لكن مع بقاء الاحتياطي الفيدرالي عالقاً بين ولايتيه – في ظل أن سوق العمل يضعف والتضخم يبقى عالقاً فوق المستوى المستهدف - فإن المهم هو ما تكشفه اللجنة حول أي طرف من التفويض ستُعطيه الأولوية، وكيف ستتفاعل اللجنة مع ورود بيانات جديدة.

إننا نعتقد أن الإجماع العميق حول سلسلة متتالية من تخفيضات أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة يُخفي مجموعة واسعة من الاحتمالات: فقد يكون هذا هو متوسط التوقعات الصحيح، ولكن سيكون من الخطأ تجاهل النطاق الواسع للنتائج على كلا الجانبين. ومع وضع ذلك في الاعتبار، نقدم الحجج المؤيدة لإعلان خفض واحد اليوم؛ أو لخفض كبير متساهل؛ أو لعدم الخفض المتشدد. ثم نقول من نعتقد أنه على حق.

الحجة المؤيدة لخفض بمقدار 25 نقطة أساس يكاد يكون عليه إجماع، هي أنه مع المراجعات السنوية لبيانات الرواتب الآن، يعلم الجميع أن سوق العمل قد خلق عدداً أقل بكثير من الوظائف الجديدة في الأشهر الـ12 الماضية مقارنة بالعام أو العامين السابقين. وهذا الاتجاه يؤكده التباطؤ التدريجي في مقاييس الطلب النهائي (مثل المبيعات النهائية الحقيقية للمشترين المحليين من القطاع الخاص).

ويرجع جزء من تباطؤ الوظائف إلى انخفاض المعروض من العمالة، بسبب شيخوخة السكان المولودين في البلاد واستمرار حملة قمع الهجرة. ومع ذلك، كتب ريك رايدر من بلاك روك: أصبحت سرعة العمالة و/ أو تنقل العمالة منخفضة للغاية الآن.

ونعتقد أن ارتفاع سعر الفائدة على الرهن العقاري بشكل مبالغ فيه قد أبطأ أيضاً من حركة العمالة، ولهذه الأسباب، سيكون لدى الاحتياطي الفيدرالي مبرر في خفض أسعار الفائدة، ولن نتفاجأ إذا اختاروا اتخاذ خطوات أكثر حزماً في هذا الاتجاه من الآن فصاعداً.

وبناءً على ذلك، «من الأفضل استباق سوق العمل، فتاريخياً؛ بمجرد أن تبدأ البطالة في الارتفاع، تستمر في ارتفاعها»، حسبما تقول سيما شاه من شركة برينسيبال أسيت مانجمنت. وصحيح أن التضخم يتراوح بين الاستقرار والارتفاع، لكن معظم هذا الزخم الصعودي يأتي من تضخم أسعار السلع، حيث تمتص الشركات صدمة لمرة واحدة من الرسوم الجمركية. ولأن الأسواق قد وضعت في حساباتها سلسلة من التخفيضات، فإن عدم التخفيض ليس خطوة محايدة: إنه تشديد للأوضاع المالية.

وبالنسبة لحجة خفض كبير بمقدار 50 نقطة أساس (توجه حمائمي): فجميع أسباب خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة قائمة. وفوق ذلك، فإن بيانات الصناعات الحساسة لأسعار الفائدة ومؤشرات المعنويات تتدهور بشكل حاد. كما يسجل مكون التوظيف في مؤشر مديري المشتريات الصناعي انكماشاً عميقاً. ووصلت تصاريح بناء المساكن الجديدة إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات.

علاوة على ذلك، فقد وصل مكون توقعات التوظيف في مسح مستهلكي ميشيغن إلى مستويات ركود. وفي هذا السياق يقول كيفن فيليب، من شركة «بيل إير» للاستشارات الاستثمارية: «على الاحتياطي الفيدرالي أن يكون أكثر اهتماماً بالظروف الاقتصادية لسوق العمل من اهتمامه بالتضخم».

وأضاف: «لا أعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي سيتجاهل ارتفاع أسعار الفائدة على ديون بطاقات الائتمان - التي بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق الشهر الماضي - وكذلك ارتفاع أسعار الرهن العقاري للوحدات السكنية والتجارية». وأكد أن بقاء التضخم مرتفعاً قليلاً عند حوالي 3% لكن ضمن سيطرة الاحتياطي الفيدرالي، لن يكون أمراً سيئاً بالمرة. وأوضح قائلاً: «هناك طريقتان للتعامل مع الديون: إما سدادها، أو اللجوء إلى التضخم للخروج منها».

وأخيراً بالنسبة لحجة عدم خفض أسعار الفائدة حتى الآن (التوجه المتشدد): هي تقوم على أن التضخم خطر أشد بكثير مما يعتقده كثيرون. ويجب ألا نضيع في آلاف التعديلات المحتملة على البيانات، فوفقاً لجميع المقاييس العامة، يرتفع تضخم أسعار السلع، بينما يتجذر تضخم أسعار الخدمات فوق المستوى المستهدف.

ويشير آدم بوسن، من معهد بيترسون إلى أن تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار يبدو أنه يتزايد بدلاً من أن يتراجع. وفي الوقت نفسه، يقول إن سوق العمل أكثر تشدداً مما يبدو لكثيرين. فمعدل مشاركة القوى العاملة في سن العمل الأولى يقترب من أعلى مستوى له على الإطلاق (84%). ونمو الأجور قوي (أكثر من 4% سنوياً، وهو معدل مرتفع بما يكفي لتعزيز تضخم الخدمات). كما انخفض عدد الوظائف التي تحقق التعادل مع صافي الهجرة.

وهناك نقطة أخرى، حيث يشير مات كلاين في نشرة «ذا أوفرشوت» إلى أن الميزانيات العمومية للأسر قوية للغاية، مما يجعل أي تحفيز إضافي أمراً محفوفاً بالمخاطر. ويضيف كلاين موضحاً: «تمتلك الأسر الأمريكية قوة مالية هائلة غير مستغلة تحت تصرفها.

وأي محاولة لزيادة الإنفاق بشكل هادف تُخاطر بإطلاق العنان لتدفق هائل من الإنفاق الاستهلاكي الإضافي، والذي من المرجح أن يُترجم جزء كبير منه إلى ارتفاع في الأسعار بدلاً من زيادة في الإنتاج». علاوة على ذلك كله، فإن الظروف المالية عموماً متساهلة.

فأسعار الأسهم مرتفعة. وهناك كميات هائلة من السيولة. وفروقات الائتمان ضيقة للغاية. ويشهد الائتمان المصرفي نمواً جيداً، وأسواق الاكتتابات العامة الأولية مفتوحاً مجدداً. كما تتوفر أموال غير محدودة لشركات التكنولوجيا الكبرى للاستثمار في الذكاء الاصطناعي.

فهل هذا سوق نرغب في ضخ المزيد من الوقود فيه؟ إننا هنا نقف مع المتشائمين، فالتضخم المتجدد يعد الخطر الأكثر رعباً في الوقت الحالي، ليس فقط لأنه ينخر في القوة الشرائية ويؤثر سلباً على المعنويات، بل أيضاً لأن نوبة أخرى من التضخم قد تتسبب في انهيار السوق، وذلك لأن تقييمات الأصول الخطرة متقلبة والوضع المالي الأمريكي محفوف بالمخاطر. وقد تؤدي توقعات التضخم المتقلبة إلى دوامة في أسعار الفائدة طويلة الأجل من شأنها أن تجعل عبء الدين الأمريكي غير قابل للإدارة وتسحق أسواق المخاطر.

إننا نرى أن خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس اليوم أمر جيد، لكن يجب على الاحتياطي الفيدرالي أن يكون حذراً للغاية في الإشارة إلى أن المزيد من التخفيضات تعتمد على البيانات. ويزداد هذا الأمر صحةً نظراً لأن هجمات الإدارة غير الحكيمة للغاية على استقلال الاحتياطي الفيدرالي قد تركت مصداقية البنك موضع تساؤل.