إدوارد وايت - غلوريا لي - كانا إيناغاكي
بعد أن شاهد أقوى رجل في البلاد وأكبر مصنع للسيارات الكهربائية في البلاد حجم التداعيات السلبية الهائلة على صناعة السيارات الصينية، توصلا إلى استنتاجات متشابهة: يجب أن يتوقف ما يحدث على الفور.
كان الرئيس الصيني شي جين بينغ وجه في يوليو الماضي التحذير الأقوى له ضد المنافسة السعرية الشديدة الناجمة عن فائض الطاقة الصناعية في قطاع السيارات، مشيراً إلى أن هناك خططاً استثمارية متهورة، وتساءل عما إذا كانت كل مقاطعة بحاجة إلى مصانع للسيارات الكهربائية.
من جانبها، لفتت ستيلا لي، نائبة الرئيس التنفيذي لشركة «بي واي دي»، الشركة الأبرز بصناعة السيارات الكهربائية في الصين، الأسبوع الماضي إلى أن حملة بكين الصارمة على الخصومات الكبيرة قد تؤدي إلى خروج ما يصل إلى 100 شركة صناعة سيارات من الساحة من أصل نحو 120 شركة. وكان ذلك على هامش معرض ميونيخ للسيارات.
وخلال الأشهر الأخيرة، استجابت شركات صناعة السيارات لحملة الحكومة لمكافحة حرب الأسعار من خلال تسريع المدفوعات للموردين وتخفيف بعض الخصومات الأكثر تطرفاً. لكن لا توجد دلائل تشير إلى حدوث تحول جذري، إذ تخشى الشركات التخلف عن الركب فيما يتعلق بالحجم والتكنولوجيا، وهي مستعدة للتضحية بالربحية قصيرة الأجل. وقال بيل روسو، الرئيس السابق لشركة كرايسلر في آسيا ومؤسس شركة الاستشارات أوتوموبيليتي ومقرها شنغهاي: «إنها لعبة تنافس حاد. وإذا كان النجاح يتطلب حجماً، وكان تحقيق الحجم يتطلب أسعاراً مخفضة، فإن الحجم أهم من الأرباح».
وتشعر بكين بالقلق من أن التراجع الاقتصادي يغذي الضغوط الانكماشية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ويؤجج التوترات التجارية مع الغرب، حيث تتطلع شركات صناعة السيارات في سوق محلية مشبعة إلى الخارج لزيادة مبيعاتها. وقال بول غونغ، الذي يقود تحليلات قطاع السيارات الصيني في بنك يو بي إس: إن حروب الأسعار قد «خفت قليلاً» منذ يوليو. وأظهرت بيانات سيتي أن متوسط الخصومات على السيارات الكهربائية انخفض من حوالي 8% في أواخر يونيو إلى 6.7% في النصف الأول من أغسطس. ومع ذلك، قلل غونغ من فرص اندماج واسع النطاق في الصناعة على المدى القريب، إذ يعيق الدعم المالي الكبير للمجموعات الخاسرة من الحكومات الإقليمية وأسواق رأس المال تحقيق ذلك. وقال: «لن نرى هذا يحدث في غضون أسابيع أو أشهر، بل في غضون سنوات».
ولا يتوقع المحللون أن تكون بكين قاسية على الشركات، بالنظر إلى الدعم السياسي الواسع للانتقال إلى السيارات الكهربائية، والذي يفيد الصين على المدى الطويل.
وقال محللون إن حملة مكافحة حرب الأسعار لن تغير من حظوظ العلامات التجارية الأجنبية في الصين. فقد انخفضت حصتها السوقية إلى 30%، مقارنة مع 60% في عام 2020، مع تحول المستهلكين الصينيين من سيارات العلامات التجارية الأجنبية التي تعمل بالبنزين إلى السيارات الكهربائية عالية التقنية ومنخفضة التكلفة المصنوعة في الصين. وأضاف غونغ: إنه في حين كانت هناك «بعض الفوضى» نتيجة لحروب الأسعار الشرسة وضغط شركات صناعة السيارات على الموردين، فإن «حقيقة أن المستهلكين يمكنهم الاستمتاع بنماذج أفضل بأسعار أقل اليوم هي في حد ذاتها نتيجة للتقدم التكنولوجي الناجم عن المنافسة في السوق».
وقالت ستيلا لي، من شركة «بي واي دي»: «إنها تعتقد أن بكين «لن تسمح» باستمرار حرب الأسعار، لكن إذا تنافسنا على من لديه أفضل ابتكار، ومن هو الأفضل في التكنولوجيا فسيساعدنا ذلك على أن نكون أقوى».
وقال توماس سكيميرا، الرئيس التنفيذي العالمي للعمليات في شركة صناعة السيارات المملوكة للدولة «جي أيه سي موتور»: إنه يعتقد أن عملية الدمج جارية بالفعل كجزء من «المنافسة الطبيعية». ومع ذلك، فإن حملة مكافحة حرب الأسعار تصعب الآفاق أمام مجموعة من رواد صناعة السيارات الكهربائية في الصين، بما في ذلك «بي واي دي»، التي تتنافس مع شركة تسلا التابعة لإيلون ماسك على لقب أكبر شركة لصناعة السيارات الكهربائية في العالم.
وقبل أن يدلي الرئيس الصيني بتعليقاته، كانت الجهات التنظيمية قد نشرت سلسلة من الإجراءات الأكثر مرونة، بما في ذلك إرشادات للحكومات المحلية لخفض الدعم المفرط والحوافز الضريبية. وتم اتخاذ إجراءات ملموسة في يونيو عندما أجبرت شركات صناعة السيارات على سداد مستحقات الموردين في غضون 60 يوماً. وقد ازداد اعتماد الصناعة على ممارسات مثل تأخير تسوية الفواتير، والمطالبة بأسعار أقل للقطع كشرط لتسريع السداد، وإصدار سندات إذنية بدلاً من النقد.
مع الضغوط المزدوجة من المنافسة في القطاع وتشديد الرقابة الحكومية، من المتوقع أن تضاعف الشركات الصينية صادراتها. وخلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، تم تصدير 4.3 ملايين سيارة من الصين، بما في ذلك 1.5 مليون سيارة كهربائية، بزيادة نحو مليون سيارة لعام 2020 بأكمله، في تحول لصناعة لطالما هيمنت عليها أوروبا واليابان والولايات المتحدة. وقادت شركة «بي واي دي» هذه الحملة، حيث تضاعفت مبيعاتها الخارجية متجاوزة 630 ألف سيارة في الأشهر الثمانية الأولى من العام. وأعربت الشركة أخيراً عن ثقتها في القدرة على بيع 940 ألف سيارة بحلول نهاية العام، بزيادة عن الهدف الأولي البالغ 800 ألف سيارة الذي حدده رئيس مجلس الإدارة وانغ تشوانفو.
وقال محللو جولدمان ساكس إنهم يتوقعون تحسن ميزان العرض والطلب في هذه الصناعة، ويعزى ذلك جزئياً إلى ارتفاع الصادرات. وتوقعوا ارتفاع نسبة استخدام مصانع السيارات الكهربائية من 61% في عام 2024 إلى 81% العام المقبل.
