رايف روزنر - أودين - ريتشارد ووترز

أصبحت «أوراكل» أحدث المستفيدين الكبار من رهان «وول ستريت» الهائل على الذكاء الاصطناعي، في الوقت الحالي.

وكشف المؤسس المشارك لاري إليسون والرئيسة التنفيذية صفرا كاتز، في تقرير أرباح الأسبوع الماضي، أن عقود أوراكل لتوريد القدرة الحاسوبية لمجموعات الذكاء الاصطناعي قد زادت إلى 455 مليار دولار من 138 مليار دولار فقط قبل 3 أشهر.

وأذهل الحجم الهائل لتقدم أوراكل وول ستريت، ما أدى إلى ارتفاع أسهم الشركة بنسبة 36 % إلى مستوى قياسي يوم الأربعاء الماضي، وتجاوز إليسون لفترة وجيزة إيلون ماسك ليصبح أغنى رجل في العالم.

وقال إليسون للمستثمرين: «الذكاء الاصطناعي يغير أوراكل وبقية صناعة الكمبيوتر بشكل جذري، رغم أن الجميع لا يدركون تماماً حجم موجة تسونامي التي تقترب». وبالمثل، كان إليسون، البالغ من العمر 81 عاماً، بطيئاً في إدراك أهمية الحوسبة السحابية، التي وصفها ذات مرة بأنها «هراء كامل».

ومع صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي، اغتنم هو وكاتز الفرصة لدفع أوراكل إلى منافسة مع عمالقة الصناعة مثل أمازون ومايكروسوفت في السباق للفوز بعقود مراكز البيانات الضخمة.

وتعتمد قدرة أوراكل على ركوب موجة تسونامي الذكاء الاصطناعي بنجاح الآن على ما إذا كان بإمكانها تسليم الأجهزة التي وعدت بها، وما إذا كان يمكن لقائمة عملائها في النهاية دفع ثمنها.

ويأتي جزء كبير من أعمال أوراكل المستقبلية في الذكاء الاصطناعي من صفقة مدتها 5 سنوات مع شركة «أوبن إيه آي»، صانعة «تشات جي بي تي»، بقيمة 300 مليار دولار، وفقاً لمطلعين على الأمر. وترتبط آمال أوراكل في الذكاء الاصطناعي ارتباطاً وثيقاً بقدرة «أوبن إيه آي» على تمويل نموها المستقبلي.

وقال تشارلز فيتزجيرالد، المستثمر والمدير التنفيذي السابق لمايكروسوفت: «إن نجاح أوراكل الآن هو رهن على قدرة أوبن إيه آي على جمع مئات المليارات من الدولارات كرأس مال جديد».

وقدم المسؤولون التنفيذيون تفاصيل قليلة خلال الأسبوع حول كيفية قيام أوراكل نفسها بتمويل الزيادة الهائلة في الاستثمار الرأسمالي المطلوب لتنفيذ هذه العقود مع أوبن إيه آي ومنافسيها في الذكاء الاصطناعي، أو نوع الأرباح التي ستحققها.

وأضاف فيتزجيرالد: إنه من غير الواضح كيف ستحقق أوراكل عائداً لائقاً من إنفاقها على الذكاء الاصطناعي، نظراً لأن استراتيجيتها ببيع الوصول إلى مجموعات كبيرة من وحدات معالجة الرسوميات من إنفيديا لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي عمل تنافسي للغاية لا يترك مجالاً لهوامش ربح كبيرة.

وادعى مسؤولون تنفيذيون في أوراكل أن الشركة لديها تقنية متفوقة، بما في ذلك قدرات شبكات أفضل، ما يمكنها من تشغيل أنظمة سحابية عملاقة بتكلفة أقل بكثير من الآخرين.

تأسست أوراكل أواخر السبعينات، وكانت معروفة في البداية ببيع برامج قواعد البيانات للشركات، وقد تعافت من بدايتها البطيئة في سوق الحوسبة السحابية وتطورت الآن إلى تقديم بنية تحتية للذكاء الاصطناعي.

وقال برنت ثيل، المحلل في جيفريز إن: «جمال هذه القصة هو أنهم كانوا يعتبرون الأسوأ لأنهم فاتتهم السحابة، واعتقد المستثمرون بالتالي أنهم سيفوتون الذكاء الاصطناعي.. لم يكن هناك تحول بهذا الحجم من قبل».

وقال مسؤول تنفيذي سابق في أوراكل إن كاتز وإليسون كانا مترددين في الاستثمار في السحابة وكانوا بطيئين في إدراك التهديد الذي تشكله خدمات الويب من أمازون. وبدأت أوراكل في تقديم خدمات قواعد البيانات السحابية لعملائها منتصف الألفين، ما أضر بأعمال أوراكل الأساسية.

وأضاف المسؤول التنفيذي: «كان لاري من أوائل من رفضوا السحابة والآن يحاول إعادة تقديم نفسه على أنه حكيم يبشر بعصر الذكاء الاصطناعي». وأضاف مستثمر كبير في أوراكل:

إن نمو الشركة ركد لمدة عقد من الزمن حتى عام 2022، وإنها ارتكبت أخطاء عدة في أعمالها السحابية. لكنه أضاف: إن أوراكل دخلت «مرحلة جديدة» في السنوات الأخيرة مع التركيز على توظيف خبراء من أمازون، وجوجل، ومايكروسوفت للمساعدة في بناء خبرتها في مراكز البيانات حتى تتمكن من ملاحقة العقود الكبيرة.

ورغم إطلاق أعمالها السحابية بعد عقد من أمازون الرائدة في السوق، فإن نهج أوراكل، الذي يركز على تأجير الخوادم وغيرها من معدات مراكز البيانات المخصصة، أثبت شعبيته لدى الشركات التي تطور نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها وتستخدم كميات هائلة من البيانات.

كما استغلت أوراكل القيود التي واجهها منافسوها الرئيسيون في السحابة على صعيد القدرة، مثل مايكروسوفت، والذين اضطروا إلى التخلي عن عقود رئيسية واللجوء إلى مزودين متخصصين في حوسبة الذكاء الاصطناعي مثل «CoreWeave» لتلبية طلبات العملاء.

وجاءت الصفقة الأولى لـ«أوبن أيه آي» مع أوراكل العام الماضي في وقت كانت فيه مايكروسوفت تكافح لتلبية احتياجات «أوبن إيه آي» في الذكاء الاصطناعي.

ثم توصلت أوراكل إلى اتفاق في يناير للشراكة مع «أوبن إيه آي» و«سوفت بنك» في مشروع مركز بيانات «ستار جيت» بقيمة 500 مليار دولار.

ووافقت على تجهيز وتشغيل موقع بقوة 2 جيجاوات في أبيلين بتكساس، تطوره الشركة الناشئة Crusoe ومجموعة الاستثمار Blue Owl Capital.

وساعدت علاقات إليسون السياسية، كأحد أوائل الداعمين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في صناعة التكنولوجيا، في تأمين مكانة أوراكل على الطاولة، بما في ذلك صفقة محتملة لبيع الفرع الأمريكي لتطبيق تيك توك.

وقد استفادت الشركة من صفقات كبيرة عدة مع «بايت دانس»، الشركة الأم لتطبيق التواصل الاجتماعي، بما في ذلك تخزين بيانات تيك توك الأمريكية. في يوليو، تم الكشف عن أن «أوبن إيه آي» وسعت علاقتها مع أوراكل، حيث أبرمت صفقة مدتها 5 سنوات لتوفير قدرات حاسوبية مستقبلية بقيمة 300 مليار دولار.

ورغم الدور الهائل لـ«أوبن إيه آي»، حصلت أوراكل أيضاً على عقود مع شركات تكنولوجيا كبيرة أخرى، بما في ذلك ميتا، «إكس إيه آي»، وإنفيديا، في الأرباع الأخيرة، فقد ارتفعت معنويات المستثمرين بفضل النمو السريع لإيراداتها من الذكاء الاصطناعي وإمكانية منافستها بشكل أكثر قوة مع المنافسين الكبار.

ويرى توني وانغ، مدير المحافظ في T Rowe Price، وأحد المساهمين في أوراكل، أن الشركة تنمو بشكل أسرع من أي من منافسيها «من العملاقة»، مثل جوجل وأمازون ومايكروسوفت.

وقال: إنها أصبحت الخيار الأول الأكثر شيوعاً بدلاً من الملاذ الأخير، مشيراً إلى أنه «تم التقليل من قصة النمو تلك بوضوح، الأمر لم يعد يتعلق فقط بنقص الرقائق».

ومع ذلك، أكد ثيل، محلل جيفريز أنه لا يزال من غير الواضح مدى اتساع هوامش أوراكل في هذه الصفقات وما إذا كانت ستتمكن من الوفاء بها بالكامل.

وأردف ثيل قائلاً: إن وعد أوراكل لقائمة عملائها المتزايدة من العملاء المتطلبين في الذكاء الاصطناعي لا يزال: «يشبه إلى حد ما: سنقوم ببناء هذا. ثقوا بي».