إيدن ريتر - أولاف ستوربيك - إميلي هربرت

يصب المستثمرون الجزء الأكبر من تركيزهم على بيانات الوظائف غير الزراعية الأمريكية، المُقرر صدورها يوم الجمعة، خاصة بعد صدور مجموعة مقلقة من بيانات الوظائف المتعلقة بشهر يوليو. وأظهرت البيانات، التي صدرت في أوائل أغسطس، إضافة الاقتصاد الأمريكي 73,000 وظيفة فقط خلال يوليو، بينما روجعت القراءات المُسجلة للشهرين السابقين بالخفض بمقدار 258,000 وظيفة، ما قلص متوسط النمو الشهري للوظائف المُضافة بين شهري مايو ويوليو، إلى ما يزيد قليلاً على 35,000 وظيفة.

وحفّز القلق بشأن حالة سوق العمل الذي أعقب صدور البيانات، أسواق الفائدة، على البدء في تسعير احتمالية أكبر بخفض أسعار الفائدة في وقت قريب، ربما يكون خلال اجتماع شهر سبتمبر. وتسببت البيانات أيضاً في إقالة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإريكا ماكنتارفر، مفوضة مكتب إحصاءات العمل، وكان القرار مثيراً لكثير من الجدل، وأسفر عن شعور بعض المستثمرين بالذعر.

ورغم تلميح جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، خلال الكلمة التي ألقاها بمؤتمر جاكسون هول، إلى أن المركزي قد يمضي نحو خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر، إلا أن المستثمرين يدركون أن القرار سيكون مشروطاً بدرجة كبيرة بنتائج تقرير الوظائف لشهر أغسطس. وإذا فاق تقرير الوظائف التوقعات، وأظهر أن سوق العمل ليست واقعة تحت ضغوط مباشرة، فإن هناك مؤشرات أخرى في الاقتصاد، تشي بأن الفيدرالي قد يقرر تثبيت الفائدة، حيث لا يزال التضخم مرتفعاً، ويظل النمو قوياً بصورة معقولة، وهو ما أظهرته مراجعة بالرفع لقراءة الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني الخميس الماضي.

ويرجح خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، إضافة الاقتصاد 70,000 وظيفة خلال أغسطس. ومن شأن صدور قراءة أقل ومراجعة كبيرة مُحتملة بالخفض للقراءات السابقة، تعزيز التوقعات الحالية للسوق بشأن الفائدة، أو ربما تدفع المتداولين إلى تسعير تقليص أكبر للفائدة في اجتماع سبتمبر، فيما يمكن أن تثبّط القراءة الأقوى حماس السوق، وتثير حفيظة التوجهات غير التقليدية للرئيس الأمريكي، الرامية إلى خفض الفائدة.

من جانبهم، قلّص المتداولون توقعاتهم بشأن إقرار المصرف المركزي الأوروبي خفضاً إضافياً للفائدة قبل نهاية العام الجاري، وذلك منذ القرار الذي أصدره خلال اجتماع يوليو بتثبيت الفائدة، لينهي بذلك سلسلة من قرارات خفض الفائدة، التي بلغ كل واحد منها ربع نقطة مئوية، ونزلت بالفائدة إلى 2 %.

وترى شركة «بانثيون ماكرو إكونوميكس» للاستشارات، أن بيانات التضخم لشهر أغسطس، التي تصدر اليوم الثلاثاء، ستكون «الفرصة الأخيرة لمؤيدي التيسير النقدي في المركزي الأوروبي»، مشددة على أن صدور قراءة دون التقديرات، من شأنها تعزيز حُجة تقليص إضافي للفائدة.

وتتحسّب الأسواق المالية لاحتمالية تقل عن 3 % بخفض المركزي الأوروبي الفائدة، بواقع ربع نقطة مئوية في اجتماعه التالي، الذي يعقده في 11 سبتمبر. ولا ترجح السوق إقرار المركزي أي تخفيضات إضافية للفائدة هذا العام.

ويتوقع خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، تماشي بيانات التضخم لشهر أغسطس مع مُستهدف المركزي الأوروبي على المدى المتوسط، البالغ 2 % سنوياً، للشهر الثالث على التوالي، فيما شهد النشاط الاقتصادي أداء أفضل من المُتوقع. وفي ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، صعد التضخم السنوي إلى 2.1 % في أغسطس، بارتفاع من 1.8 % في يوليو، ويزيد قليلاً على نسبة 2 %، التي توقعها خبراء الاقتصاد.

وقال محللون لدى «غولدمان ساكس»، إن توقعات التضخم في منطقة اليورو «تبدو راسخة للغاية»، مع انحسار الموجة التضخمية التي شهدتها الأسعار في أعقاب جائحة فيروس «كورونا». وأضافوا: «يتماشى هذا مع توقعاتنا بأن التضخم سيعود من جديد إلى 2 %».

كذلك، سيراقب المستثمرون بيانات التضخم السويسري، بحثاً عن أي مؤشرات حول ما إذا كان صانعو السياسة سيضطرون إلى اللجوء لتبنّي سياسة أسعار الفائدة السالبة دعماً للاقتصاد، مع مواجهة سويسرا تداعيات تعريفات جمركية أمريكية باهظة. ويتوقع خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، تسجيل التضخم السنوي 0.2 % في أغسطس، ما يعني أنه لم تطرأ عليه أي تغيرات، مقارنة بالبيانات الصادرة لشهر يوليو.

وقد جابهت سويسرا تضخماً منخفضاً على نحو ملحوظ هذا العام، ما حفز المركزي على خفض الفائدة للصفر في اجتماع يونيو. وترجح الأسواق باحتمالية بنسبة 90 %، أن يقرر صانعو السياسة تثبيت الفائدة في اجتماع سبتمبر، فيما تراهن أقلية من المتداولين على خفض المركزي للفائدة إلى المنطقة السالبة. وسجل التضخم مستويات سالبة لفترة وجيزة خلال شهر مايو، إذ سجل قراءة بلغت -0.1 % على أساس سنوي.

ودخلت التعريفات الجمركية الأمريكية البالغة 39 %، حيز التنفيذ في أغسطس، ما تزامن مع تباطؤ حاد لحق بالنمو الاقتصادي. وفي الوقت ذاته، حقق الفرنك السويسري مكاسب هذا العام، مع سعي المستثمرين إلى عملات الملاذ الآمن، وسط التقلبات التي اعترت السوق العالمية، ما تسبب في مزيد من الضغوط الهبوطية على تضخم البلاد.

وذكر توماش فيلاديك كبير الخبراء الاستراتيجيين للاقتصاد الكلي الأوروبي في «تي رو برايس»: «ثمة خطر يتمثل في مجيء التضخم السويسري دون إجماع التقديرات». ولفت إلى إظهار مؤشر مديري المُشتريات السويسري، وهو مؤشر للنشاط الاقتصادي، يحظى بمتابعة كبيرة، تراجع المعنويات في قطاع الخدمات، بعد الإعلان الأمريكي الأخير عن التعريفات الجمركية.

وتابع: «إذا انعكست هذه المعنويات على الطلب الفعلي، فسوف ينخفض التضخم الأساسي من جديد». وإذا ما حدث ذلك، يعتقد فيلاديك أن المركزي قد يكون مضطراً إلى النظر في العودة إلى سياسة الفائدة السالبة.