آندي باوندز

يعكف الاتحاد الأوروبي على سلسلة من الإجراءات لحماية صناعة الألمنيوم المتعثّرة داخل التكتل، بعدما أدّت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تحويل مسار الخردة الأوروبية نحو الولايات المتحدة، تاركةً مصانع إعادة التدوير المحلية الأوروبية في مواجهة معركة من أجل البقاء.

وقد شكّلت هذه الرسوم ضربة مزدوجة لقطاع تبلغ قيمة أعماله السنوية 40 مليار يورو، ويوفر 250 ألف وظيفة مباشرة وأكثر من مليون وظيفة غير مباشرة في أنحاء أوروبا.

وفي حين تُفرض على صادرات الألمنيوم إلى الولايات المتحدة رسوم جمركية بنسبة 50% وهو ما يقلص المبيعات بدرجة كبيرة، تُعفى شحنات الخردة من أي رسوم، الأمر الذي يزيد بدوره من الضغوط على الصناعة الأوروبية.

وقد أدّت هذه السياسة إلى رفع أسعار الألمنيوم داخل الولايات المتحدة، وهو ما أتاح للمنتجين هناك تحقيق إيرادات تمكّنهم من دفع أسعار أعلى للخردة المستعملة التي يُعاد توظيفها في صناعة منتجات جديدة. ونتيجةً لذلك، تعاني أوروبا بشدة من نقص في كميات الخردة المتاحة، وهو ما دفع بعض مصانع إعادة التدوير والصهر إلى التوقف عن العمل.

وقال بول فوس، رئيس اتحاد «الألمنيوم الأوروبي»، إن «المصانع بدأت بالفعل في التخلي عن جزء من طاقتها الإنتاجية، وبالنسبة للمصنّعين في مجال إعادة التدوير فإن المسألة لم تعد مرتبطة بتراجع هوامش الأرباح، بل بالبقاء».

مضيفاً أن أمام الاتحاد الأوروبي «أسابيع قليلة فقط لإيجاد الحل المناسب». وتبحث المفوضية الأوروبية حالياً في مجموعة من الإجراءات تعتزم الإعلان عنها في الشهر المقبل.

وأوضح مسؤولان في الاتحاد أن هذه الخطط قد تتضمن فرض رسوم على جميع صادرات الاتحاد الأوروبي من الخردة إلى الخارج. وقال أحدهما: «بحلول نهاية الربع الثالث على أبعد تقدير، ستدرس المفوضية اتخاذ تدابير تجارية لضمان توافر الخردة بشكل كافٍ».

لكنه شدّد هو وزميله على أنه لم يتم اتخاذ أي قرار نهائي بعد. وتُعد صناعة الألمنيوم أساسية لتقنيات الطاقة النظيفة مثل السيارات الكهربائية والتوربينات الهوائية، غير أن تجارة الخردة تشهد منافسة عالمية شرسة.

ومن الطبيعي أن يبيع قطاع النفايات المعدن لمن يدفع أعلى سعر، بينما يجد المنتجون الأوروبيون صعوبة في منافسة المصاهر الأمريكية والصينية التي تتمتع بتكاليف أقل بكثير للطاقة المستخدمة.

ولم ينجح الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الذي تم التوصل إليه في اسكتلندا الشهر الماضي، في خفض الرسوم على الألمنيوم والصلب، بل تعهّد فقط بالعمل على وضع قواعد لسلاسل التوريد تهدف إلى تقليل اعتماد واشنطن على أوروبا، مع إقصاء الصلب الصيني من السوق على ضفتي الأطلسي.

وتضغط بروكسل، من جانبها، من أجل نظام حصص يعفي جزءاً من صادراتها من الصلب والألمنيوم من الرسوم، بما يتناسب مع مستويات التصدير التاريخية تقريباً.

وخلال الفترة بين عامي 2019 و2024، ارتفعت صادرات الاتحاد الأوروبي من خردة الألمنيوم بنسبة 53%، في حين لم يتجاوز نمو الاستهلاك المحلي 5%.

ومع أن آسيا، بقيادة الصين، تستحوذ على ثلثي صادرات الاتحاد الأوروبي من الخردة، إلا أن المبيعات إلى الولايات المتحدة شهدت مؤخراً قفزة كبيرة هي الأخرى، بل تضاعفت ثلاث مرات في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.

وتجاوزت أسعار الخردة الأمريكية نظيرتها الأوروبية بنسبة 20%، وفقاً لبيانات «الألمنيوم الأوروبي». وكان ترامب قد فرض الرسوم على المنتجات النهائية في مارس.

ويزداد الطلب حالياً من جانب عملاء مثل شركات تصنيع عبوات المشروبات على استخدام نسبة أكبر من المعادن المعاد تدويرها، ما يعزز الطلب على الخردة.

وقد استثمرت الصناعة الأوروبية مبالغ كبيرة في أفران إعادة التدوير، لكنها لا تزال تحصل على نحو مليوني طن من الخردة أقل من قدرتها الفعلية على المعالجة.

وأية خطوة لتقييد صادرات الخردة من الاتحاد الأوروبي مرشحة لتأجيج التوتر مع واشنطن، خصوصاً أن بروكسل كانت قد هدّدت سابقاً بحظر صادرات خردة الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة قبل إبرام اتفاقهما التجاري الشهر الماضي. في المقابل، يواصل تجّار الخردة الضغط ضد أي إجراءات متشددة.

وحذّر أوليفييه فرانسوا، رئيس اتحاد صناعة إعادة التدوير، من «اتخاذ خطوات قد تضر عن غير قصد بتنافسية صناعة إعادة التدوير الأوروبية من دون أن تحسّن توافر المواد الدائرية للمصنّعين في الاتحاد الأوروبي». وقال متحدث باسم المفوضية:

«إن فائض الطاقة الإنتاجية العالمي يمثّل تهديداً خطيراً على ربحية هذا القطاع وتنافسيته. ولهذا وضعت المفوضية أداة لمراقبة حركة الخردة، وستقوم بتقييم البيانات المجمعة بعناية قبل اتخاذ أي خطوات إضافية». وأضاف أن المفوضية فرضت بالفعل رسوماً على العديد من واردات الصلب والألمنيوم.