روبرت أرمسترونغ

يقترب مؤشر «إس آند بي 500» من أعلى مستوياته على الإطلاق، وهو ما ينطبق على كل من «البيتكوين» والذهب أيضاً.

وتسجل فروق عوائد الائتمان من الدرجة الاستثمارية أضيق مستوياتها مذ كان بيل كلينتون رئيساً للولايات المتحدة. ويسود هدوء مثير للريبة على سوق سندات الخزانة الأمريكية.

ويجعلنا كل ذلك متأكدين من أن شيئاً مريعاً على وشك الوقوع.

ويتمثل الموضوع الأكثر شغلاً للاهتمام بأسواق الأسهم الأمريكية في النسبة الكبيرة من العوائد النابعة من عدد ضئيل من الشركات العملاقة، وغالبيتها بقطاع التكنولوجيا.

وفي حين توجد بعض المؤشرات على اتساع رقعة المكاسب قليلاً، إلا أن حفنة من الأسهم ما زالت تتربع على السوق.

ويرى البعض الموقف الذي نتبناه منذ أمد طويل في هذا الشأن متردداً على نحو مثير للإحباط، فأنت لا يمكنك أن تكون متأكداً بكل بساطة من مدى وجوب شعور المرء بالقلق الكبير بشأن هيمنة القلة على السوق.

لكننا عموماً على يقين من أن الربحية والعوائد موزعة بصورة غير متكافئة بين الشركات.

كما أننا نؤكد أن ضيق السوق يظل مشكلة كبيرة في يومنا الحاضر.

لذلك، سنواصل متابعة الأرقام ومحاولة تبني وجهة نظر أكثر تحديداً. وأكبر 10 شركات أمريكية من حيث القيمة السوقية هي «إنفيديا»، و«مايكروسوفت»، و«أبل»، و«أمازون»، و«ألفابيت»، و«ميتا»، و«برودكوم»، و«تسلا»، و«بيركشاير هاثاواي»، و«جيه بي مورغان تشيس».

وبحسب البيانات المُستقاة من «إس آند بي كابيتال آي كيو»، تشكّل هذه الشركات مجتمعة ما يلي:

• 40% من قيمة مؤشر «إس آند بي 500».

• 56% من الزيادة التي طرأت على قيمة «إس آند بي» منذ هبوط السوق في 8 أبريل الماضي.

• 31% من نمو الإيرادات الذي شهده المؤشر على مدى الاثني عشر شهراً الماضية.

• 55% من النمو الذي شهده صافي الدخل في المؤشر على مدى الاثني عشر شهراً الماضية (على الرغم من انخفاض صافي دخل «أبل»، و«تسلا»، و«بيركشاير هاثاواي»، خلال هذه الفترة).

• 69% من النمو الذي سجلته النفقات الرأسمالية في المؤشر على مدى الاثني عشر شهراً الماضية.

وكما هو واضح، فإن هذه الشركات العشر تحقق كافة مكاسب السوق، لكنها تحقق حصة ضخمة بالفعل من نمو الشركات العاملة في الولايات المتحدة.

وليس من السهل بمكان تحديد ما إذا كان مستوى التركّز هذا غير طبيعي قياساً بالمعايير التاريخية، حيث لا يمكن لأداة متابعة الأسهم الخاصة بنا عرض المكونات التاريخية لمؤشر «إس آند بي 500»، لذا لا يمكننا تتبع الحصة التاريخية التي استحوذت عليها أكبر عشر شركات في المؤشر.

لكن يمكننا عرض أكبر 10 شركات في أي فترة من التاريخ وفحص قيمتها كنسبة من أكبر 500 شركة، وهو تقريب معقول.

وقد لاحظنا تزامن بروز التركّز مع مبالغة جامحة في تقييم أسهم شركات التكنولوجيا التي انهارت في وقت لاحق.

وبخلاف أسهم شركة «تسلا» الغامضة على اعتبار أنها حالة خاصة، فإن أسهم التكنولوجيا الموجودة اليوم في قائمة أبرز عشرة أسهم تُتداول بين 20 ضِعفاً للأرباح الآجلة، كشركة «ألفابيت»، و43 ضِعفاً، كشركة «برودكوم».

وبالمقارنة، فإنه في عام 2000، كانت أسهم «سيسكو» الأثيرة تُتداول عند 85 ضِعفاً للأرباح الآجلة، كما كانت أسهم «أوراكل» تتداول عند 90 ضِعفاً.

ومن الجدير أيضاً بالملاحظة أن القطاعات ذات الشركات الأكبر قبل 30 عاماً كانت، وبالترتيب التنازلي، هي الصناعة، والطاقة، والسلع الاستهلاكية الأساسية، والتكنولوجيا، والمستحضرات الدوائية، والسلع الاستهلاكية الأساسية، والتكنولوجيا، والتجزئة، والتكنولوجيا، والسلع الاستهلاكية الأساسية.

أما اليوم، فلا تحوي القائمة سوى قطاع التكنولوجيا، والتكنولوجيا، والتكنولوجيا، والتكنولوجيا، والتكنولوجيا، والتكنولوجيا، والتكنولوجيا، والتكنولوجيا، والخدمات المالية، والخدمات المالية!

وفي عام 2000، حلّت خمس شركات تقنية بقائمة أكبر 10 شركات، وبعد خمسة أعوام، خرجت ثلاث شركات من هذه القائمة، وكانت هذه سابقة مُربكة قليلاً.

لكن هل يمكننا تحديد ما إذا كان هذا التركّز يُفضي إلى هشاشة السوق؟ ربما يساعدنا تقسيم هذا السؤال إلى ثلاثة أسئلة فرعية في تقديم الإجابة:

1. هل من المُرجح تباطؤ نمو المبيعات والأرباح لكبرى شركات التكنولوجيا (اللذين يسجلان قرابة 15% و30% على الترتيب باستثناء «تسلا») على نحو بالغ؟

2. هل سيتضح أن النفقات الرأسمالية المهولة لكبرى شركات التكنولوجيا (التي بلغت 291 مليار دولار في العام الماضي لدى «مايكروسوفت» و«أمازون» و«ألفابيت» و«ميتا» وحدها) لا تدر سوى عوائد ضئيلة للغاية على الاستثمار لأن المنافسة المحتدمة تحد من الأرباح المتأتية عن الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال؟

3. في حال وقوع تباطؤ اقتصادي كبير، هل ستنخفض تقييمات كبرى الشركات التي تشكّل نسبة كبيرة من قيمة السوق، مما سيسفر عن تصحيح كبير للأسعار حتى وإن صمدت أرباح شركات التكنولوجيا هذه؟

لست قلقاً من النقطة الأولى، فقد تباطأ نمو «أبل» بالفعل إلى ما يقرب من الصفر، لكنها ما زالت تولّد الأرباح وظلت متمسكة بقدر كبير من قيمتها لأنها تظل مربحة.

وبإمكاني تصوّر مصير مشابه لكل من «مايكروسوفت»، أو «أمازون»، أو «ألفابيت» أو «ميتا».

كما أن قدرة «مايكروسوفت» على البقاء ضمن أكبر عشر شركات طوال ثلاثة عقود - رغم بعض فترات الإدارة المشكوك بأمرها - يعكس الاستدامة الواضحة للامتياز الذي يقوم على البرمجيات.

أما «إنفيديا»، التي تبلغ قيمتها السوقية 4.4 تريليونات دولار وتحقق نمواً بالأرباح يقارب 100%، فهي مصدر أكبر للقلق إذا ما حل الهدوء على الصراع المحتدم حول مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

لاحظوا كيف لم تتمكن «إنتل»، وهي توأم «مايكروسوفت» من حيث المعدات، من الحفاظ على مكانتها في التصنيفات.

وبالنسبة للسؤال الثاني، فلا يساورني قلق بشأنه، باستثناء أنه قد يضرب نمو «إنفيديا» في مقتل.

صحيح أن إنفاق الشركات قدراً كبيراً من الأموال سيكون غير مثالي إذا تبدّى أن الذكاء الاصطناعي ليس مُربحاً، لكن هذه القوة الحوسبية ستكون مفيدة لشيء آخر، وستواصل الأعمال التقليدية للشركات الكبيرة إدرار الأموال.

يتبقى لنا هنا السؤال الثالث، الذي يبدو لي أنه قد يكون مصدر القلق الحقيقي، إذ ليس من الصعب تصوّر أن تُتداول أسهم أكبر عشر شركات عند ثلثي تقييماتها الحالية في حال وقوع ركود كبير.

لكن هل سيكون من الجنون أن تُتداول أسهم «إنفيديا» عند مكرر ربحية يبلغ 24 مرة، أو أن تُتداول أسهم «أبل» عند مكرر ربحية يبلغ 20 مرة؟ إطلاقاً، فقد حدث ذلك من قبل، وإن كان من شأن مثل ذلك الانهيار في التقييمات أن يقود إلى تصحيح مؤلم في السوق.

لكن هذه النقطة لا تقول الكثير عن تركّز السوق، غير أنها تكرر النقطة القديمة وغير المفيدة كثيراً، التي تذهب إلى أن الأسواق الباهظة للغاية مقلقة بعض الشيء، لأنها تميل إلى ألا تظل قوية إلى الأبد.