إدوارد لوس
قال دونالد ترامب ذات مرة، إن التعريفات هي «أجمل» كلمة. لذا، وبعد إغلاق الأسواق يوم الأربعاء، أعلن ترامب «يوم التحرير» تكريماً لهذه التعريفات.
لكن بالنسبة لشركاء أمريكا التجاريين، سيمثل الثاني من أبريل، نهاية حقبة التجارة العالمية، بعد أن رفع ترامب التعريفات الجمركية إلى معدلات لم نشهدها منذ إقرار قانون سموت-هاولي، «سيئ السمعة»، خلال فترة الكساد الكبير.
أما بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين، فيعني يوم التحرير، ارتفاع الأسعار. وبالنسبة لترامب نفسه، فقد كان ذلك تحقيقاً لطموحه القديم، بإعلان حرب اقتصادية على «الغشاشين» الأجانب، الذين «نهبوا» و«اغتصبوا» و«سلبوا» أمريكا لعقود.
وسيكون التأثير الفوري لـ«يوم التحرير»، هو الكثير من الارتباك وعدم اليقين، وهو أمر مقصود بالنسبة لترامب، في كثير من الأحيان. فكلما زادت الفوضى، زاد شعوره بالسيطرة.
لقد أوضح ترامب أنه جرى حساب المعدلات بناءً على مزيج من التعريفات الجمركية، والدعم والتلاعب بالعملة. لكن يبدو أن الأرجح أنه ببساطة قام بقسمة العجز التجاري الثنائي للدولة على صادراتها إلى الولايات المتحدة.
وقد أفلتت بعض الدول، مثل البرازيل والمملكة المتحدة، من العقاب بفرض الحد الأدنى من الرسوم البالغة 10 %. بينما تضررت دول أخرى، مثل فيتنام وكمبوديا ولاوس، مع تجاوز الرسوم نسبة الـ 40 %.
ومع بلوغ مستوى الرسوم بالنسبة للاتحاد الأوروبي نسبة 20 %، والصين 34 %، رفع الرئيس الأمريكي أسعار الواردات الأمريكية في المتوسط، بما لا يقل عن الربع. هذا حتى قبل أن ترد بقية دول العالم.
وهناك تأثير آخر يتعلق بالمعاملات التجارية، حيث ستشكك الدول في منهجية ترامب، وتطالب بخفض الرسوم. كما ستضغط الشركات الأمريكية من أجل إعفاءات جمركية على المكونات، وحسبما يؤكد ترامب، فستتم مكافأة الدول والشركات التي تقدم تنازلات وامتيازات، مقابل خفض الرسوم أو الإعفاءات. أما من يرد بالمثل على ترامب، فسيُعاقب.
كما يُظهر سجله أنه سيرفع أسعار الفائدة الأمريكية بدوره. لكن من المستحيل عموماً التنبؤ بالنتيجة النهائية. مهما كان الضرر الذي تُلحقه حرب التجارة العالمية بالأسعار والنمو والوظائف، فإن التوقعات الاقتصادية ستزدهر، حسب عدد من الخبراء.
من ناحية أخرى، سيسير التأثير السياسي في الغالب نحو اتجاه واحد، حيث من المفترض أن يُلحق ارتفاع التضخم وانخفاض النمو ضرراً بالرئيس، خاصة أنه تولى منصبه متعهداً بخفض الأسعار - على عكس خفض التضخم - وهو الآن يُقدم على عكس ذلك. وبما أن رد الفعل العنيف للتضخم دفع ترامب نحو الفوز، فإن الزيادات المؤكدة للأسعار، ستُسفر عن ردود أفعال عقابية.
وقد ظهرت بالفعل علامات استياء الناخبين، عندما انخفضت هوامش الجمهوريين بشكل حاد في الانتخابات الخاصة في الدوائر الانتخابية الآمنة.
كما انخفض معدل تأييد ترامب، وفقاً لآخر استطلاعات رويترز-إبسوس، بشكل حاد هذا الأسبوع، إلى 43 % فقط، لكن انتخابات التجديد النصفي لا تزال على بُعد 20 شهراً.
من التسرع أيضاً، افتراض أن الناخبين سيكونون بمنأى عن التضليل الاقتصادي. فقد أوصلت وسائل التواصل الاجتماعي فن إلقاء اللوم على الآخرين إلى مستويات علمية قريبة من الكمال.
والخطوة المنطقية التالية - وهي هدف آخر لترامب منذ فترة طويلة - هي إصدار أمر بترحيل المهاجرين على نطاق أوسع بكثير.
وحتى الآن، حصر ترامب اعتقالاته وعمليات إخلائه في قضايا اختبار دعائية. وقد تكون المرحلة التالية هي تكثيفها. ثم هناك تأثير الأمن القومي في الولايات المتحدة.
لقد انصبّ التركيز في معظمه على الكلفة الاقتصادية لـ«يوم التحرير»، الذي أعلنه ترامب. لكن التداعيات الجيوسياسية قد تكون أطول أمداً بكثير. الجدير بالذكر، أن ترامب استعرض قائمة طويلة من الأصدقاء والحلفاء، قبل أن يذكر الصين، لكن التأثير سيكون واضحاً في تقريبهم جميعاً من بعضهم البعض.
وعلى سبيل المثال، ففي نهاية الأسبوع الماضي، التقى مسؤولون اقتصاديون من اليابان وكوريا الجنوبية، بنظرائهم الصينيين - وهو أول اجتماع من نوعه منذ سنوات، فيما كان في الواقع جلسة تخطيطية حول كيفية التعامل مع حرب ترامب التجارية. كما يُقدم الاتحاد الأوروبي وكندا مبادراتٍ تجاه الصين.
إن الرئيس الأمريكي يفتخر بأنه لا يُمكن التنبؤ بتصرفاته. لكن من المُحتمل أن رد فعل السوق، الذي كان واضحاً في انخفاض أسعار العقود الآجلة عند بدء حديثه، قد يكبح جماح غرائزه، فالعالم الآن بات مُدرّباً جيداً على التعامل قدرة ترامب على التغيير المفاجئ.
واسأل المكسيك وكندا، اللتين أجبرهما على إعادة التفاوض على اتفاقية نافتا في ولايته الأولى، في صفقة يصفها الآن بأنها «مروعة». وبغض النظر عما إذا كانت فوضى حرب ترامب التجارية عابرة، أم أنها تزداد سوءاً، فإن التكلفة الدبلوماسية ستستمر.
ستسعى الدول إلى عقد صفقات جادة مع بعضها البعض، متجاوزةً أمريكا. بهذا المعنى، يمكن النظر إلى إجراءات ترامب على أنها «مُدمرة».
