روبرت أرمسترونغ - إيدن ريتر

تشهد الأسهم الدفاعية الأمريكية أداءً ضعيفاً منذ فترة ليست بالقصيرة. 

وعند مراقبة أداء القطاعات الدفاعية الثلاثة الرئيسة في مؤشر «إس آند بي 500» — وهي المرافق، والسلع الأساسية، والرعاية الصحية — منذ التراجع الكبير الذي أصابه في نهاية عام 2022، فإن النتيجة واضحة: الأداء كان مخيباً للغاية.

ولا يبعث ما نراه على الدهشة؛ فمنذ بلوغ التضخم ذروته في عام 2022، تحولت بوصلة السوق إلى أسهم النمو والتكنولوجيا، فيما تخلفت باقي القطاعات عن اللحاق بالمكاسب.

وإذا أضفنا إلى ذلك المخاوف السياسية التي تحيط بقطاع الرعاية الصحية في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، يصبح ضعف الأداء نتيجة متوقعة. لكن ما يحدث اليوم يتجاوز حدود المتوقع.

وفي مذكرة للعملاء، لفت ريان غرابينسكي من شركة «ستراتيجاس» إلى مؤشر لقياس حدة هذا التراجع، يتمثل في مقارنة الوزن القطاعي للأسهم الدفاعية داخل المؤشر العام — أي قيمتها السوقية التي تتحدد أساساً وفق أسعارها — مع وزن أرباحها، أي إسهامها في مجمل أرباح المؤشر.

والمثير للانتباه أن الوزن القطاعي لهذه القطاعات انخفض حالياً إلى ما دون وزن أرباحها. وبمعنى آخر: أرباحها لا تزال متماسكة، خلافاً لما توحي به أسعار أسهمها.

ويشير غرابينسكي إلى أن الانهيار الأخير في الوزن القطاعي مقارنة بوزن الأرباح يذكر بما حدث لهذه القطاعات في الفترة التي سبقت انفجار فقاعة «الدوت كوم» عام 2000.

من جانبنا، فإننا نميل إلى النظر للأداء في سياق النمو، لا في سياق المستويات. وإذا ما نظرنا إلى الأداء بهذه الطريقة، لوجدنا أن الأوضاع مختلفة تماماً بالنسبة للقطاعات الثلاثة. فعلى مدى الأرباع الأربعة الماضية، سجل متوسط نمو المبيعات ونمو الأرباح التشغيلية لقطاع السلع الأساسية 2.4% و1.6% على الترتيب، وذلك استناداً إلى البيانات المستقاة من «إس آند بي كابيتال آي كيو».

وقد بلغت هذه النسب لقطاع المرافق 7% و11% على الترتيب، وسجلت 10% و11% لقطاع الرعاية الصحية. وبموجب ذلك، يشهد قطاعا المرافق والرعاية الصحية نمواً جيداً، لكن يواجه قطاع السلع الأساسية صعوبة جراء ضعف الطلب والتسعير.

إذن، هل حان الوقت للتطلع إلى الفرص لصفقات في قطاعي الرعاية الصحية والمرافق؟ قد يكون قطاع الرعاية الصحية رهاناً أفضل، فالقطاع أكبر من المرافق بأربع مرات تقريباً استناداً إلى القيمة السوقية، ما يوفر مجالاً أكبر للاختيارات.

وتعد نسبة السعر إلى الأرباح في قطاع الرعاية الصحية عند الحد الأدنى من نطاقها التاريخي، فيما تقترب النسبة في قطاع المرافق من الحد الأعلى من النطاق. ولا يسعنا هنا إلا أن نقول: صيد موفق.

على صعيد آخر، تمتع الاقتصاد الصيني بأداء جيد على مدى الأشهر القليلة الماضية.

وفي حين تظل سوق الإسكان في أزمة وتعكس الاستطلاعات المتعلقة بالمصانع وجود قيود حقيقية، إلا أن هناك مؤشرات تبعث على الاطمئنان، فقد ضخت الحكومة أموالاً لدعم برامج تحفيز الاستهلاك، وقد أتى ذلك أُكله، فسجل النمو مستويات قوية في الربع الأخير، وارتفعت الصادرات إلى الولايات المتحدة من مستوياتها المنخفضة.

لكن الأخبار الإيجابية قد لا تدوم مع ذلك، لأن مبلغ القلق هو الانكماش المالي، فقد عاود مؤشر أسعار المستهلكين العام انخفاضه إلى مستوى الصفر في شهر يوليو. وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي.

ويعاني الاقتصاد الصيني من الانكماش، ويقصد بذلك المنافسة السعرية المفرطة التي تعزز الانكماش المالي وتضعف الطلب في نهاية المطاف. ويميل الحديث عن السعة الفائضة التي تدعمها الدولة إلى التركيز على المنتجات عالية التقنية، مثل السيارات الكهربائية، وما يعنيه إنتاج البلاد للمنافسين الغربيين.

لكن سعة البلاد الفائضة في الإنتاج متفشية، خصوصاً فيما يتعلق بالمواد الخام ومدخلات أخرى لقطاع الإسكان الذي كان مزدهراً ذات يوم. والأمر يمثل تهديداً للشركات الصينية وكذلك الأسر.

ويبدو أن هذه الضغوط في طور الازدياد، فقد شهد مؤشر أسعار المنتجين الصيني انخفاضات سنوية كبيرة في شهري يونيو ويوليو.

وربما تكون براعم التعافي الاقتصادي في البلاد في طريقها إلى أن تذبل. كما أن الصادرات إلى الولايات المتحدة تتراجع من جديد.

ولفت تورستن سلوك من «أبوللو»، إلى تراجع كبير في شحن الحاويات من الصين إلى الولايات المتحدة منذ شهر يونيو. علاوة على ذلك، فقد استنفدت الحكومة أكثر من نصف الأموال المخصصة للتحفيز بحلول أواخر يونيو. وسيكون الدعم أقل خلال ما تبقى من العام، ما لم تعمل الحكومة على توسيع البرامج التحفيزية.

ولذلك، يحذر روري غرين من «تي إس لومبارد»: «ستكون هناك أمارات ضعف على مدى الربعين التاليين».

وتشي التعليقات الأخيرة التي صدرت عن عدد من المسؤولين، بأن الحكومة منتبهة لهذه المشكلات، لكن الانكماش المالي سيستمر في غياب المزيد من الدعم وعدم وجود إصلاح هيكلي، مثل إنهاء الدعم الذي تقدمه الحكومة لشركات وقطاعات مفضلة وتشجيع الشركات على الدمج.

ويعتقد البعض أن جهود الحكومة الرامية إلى الحد من السعة الفائضة قد تزيد الطين بلة. وفي هذا السياق يقول دان وانغ من «يوراسيا غروب»:

«سيظل الانكماش المالي ظاهرة مستمرة، لا عرضية. ولا يزال صانعو السياسة يفضلون الصناعات الناشئة وسلاسل توريدها. لذا، ليس هناك من حافز لأي جهة على الخروج من السوق.

وإذا ما اضطرت أي شركة إلى الخروج، سيوسع البقية من سعتهم الإنتاجية بأقصى ما يمكنهم للاستئثار بحصة أكبر من السوق. وسيؤدي ذلك كله إلى مزيد من الانكماش المالي، ولن يقلل منه».

في المقابل، تبدو الأسهم الصينية غير متأثرة بكل ذلك، فها هي الأسهم الممتازة في شنغهاي تقترب من أعلى مستوياتها منذ عامين، وهو ما يبدو متناقضاً مع التهديد الذي يمثله الانكماش المالي.

لكن، وكما هي الحال دائماً، ينبغي ألا نساوي تماماً بين سوق الأسهم والاقتصاد.

وفي كل الأحوال، من المهم عدم إغفال الانتعاش الذي تعيشه صناعتا التكنولوجيا والاتصالات في البلاد، خصوصاً بعد الاتفاق الأخير الذي أبرمه ترامب مع البلاد والذي سيسمح ببيع الرقاقات عالية التقنية للصين.

علاوة على ذلك، فقد أدت احتمالية المزيد من التنازلات في المفاوضات إلى تزايد التفاؤل بشأن صناعة الذكاء الاصطناعي في الصين.

ويتشابه الأمر إلى حد ما مع ما تشهده سوق الأسهم الأمريكية، في ضوء الحماس الذي تعززه شركات التكنولوجيا في مواجهة المخاوف المتزايدة بشأن النمو والتضخم.

لكن تحقيق سوق الأسهم للمكاسب لن يكون مفيداً للصين بقدر ما سيكون مفيداً للولايات المتحدة.

ويقول وانغ من «يوراسيا غروب»: «قد تأتي طفرة سوق الأسهم بتضخم أعلى، لكن عامل تعزيز الطفرة للاقتصاد محدود للغاية، خصوصاً في ظل أن ما يقل عن 1% من الأسر الصينية تستثمر ثرواتها في الأسهم».