آمي كازمين
مع تواصل الانخفاض الكبير لمعدلات المواليد في إيطاليا، أخذت الدولة تبدي اهتماماً متزايداً وبالغاً بالحيوانات الأليفة، بل وتُنفق عليها.
وذهب مدى الاهتمام بعيداً، مع إطلاق أحدث فندق فاخر في مطار روما، ليكون ملاذاً هادئاً ومميزاً للغاية لضيوفه، فغرفه المُجهزة بنظام تبريد أرضي، تفوح منها روائح زيوت عطرية، مثل اللافندر وشجرة الشاي والنعناع، ولكل منها حديقة خاصة.
ويُقدم الفندق جلسات تدليك بالأرنيكا، وحديقة مشتركة، حيث يُمكن للضيوف الاختلاط، وشاشات كبيرة لإجراء مكالمات فيديو مع أحبائهم البعيدين.
ومع ذلك، لن يجد المسافرون المُرهقون أي مساحة لهم هنا، ففندق دوغ ريلايس، لا يتسع إلا لـ 40 نزيلاً للإقامة لليلة واحدة، وهو مُخصص بالكامل للكلاب، حيث يحتاج أصحابها المسافرون - سواءً كانوا من أفراد أطقم الطيران أو المسافرين من رجال الأعمال - إلى مأوى آمن ومميز لحيواناتهم الأليفة أثناء غيابهم.
ويقول روبرتو تورتوريلا مدير فندق دوغ ريلايس في المطار: «نسعى لتوفير أفضل تجربة مُمكنة للكلاب في غياب أصحابها.
ويجب أن يكون ضيوفنا قادرين على التعبير عن أنفسهم بحرية، والتواصل الاجتماعي، واللعب، والشعور بالحب».
والفندق، الذي افتُتح في يوليو، هو مجرد جزء صغير من قطاع خدمات الحيوانات الأليفة سريع النمو في البلاد، حيث يُعنى بالحيوانات التي ارتفعت مكانتها، بالتزامن مع الانخفاض الحاد السنوي للمواليد في إيطاليا.
ومع قلة عدد الأطفال والأحفاد، يُوجّه الإيطاليون المزيد من طاقتهم العاطفية - وأموالهم - نحو مجموعة متنامية من الحيوانات الأليفة المدللة، وتأتي الكلاب على رأس قائمة التفضيلات.
ورغم أن المعدلات الرسمية لامتلاك الحيوانات الأليفة في إيطاليا - حيث تُفيد حوالي 40 % من الأسر بامتلاك حيوان أليف واحد على الأقل - أقل بكثير من تلك الموجودة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والبالغة 60 % و66 % على التوالي، إلا أن روبرتو تورتوريلا، الذي يدير أيضاً حضانة للكلاب في وسط روما، يقول إنه على الرغم من حب الإيطاليين للكلاب دائماً «ففي السنوات العشر الماضية، أصبحت الكلاب أو القطط تُعامل كفرد من أفراد الأسرة.
إنها ثقافة جديدة تُرحّب كثيراً بالحيوانات الأليفة. إنهم يفعلون مع كلابهم نفس الأشياء التي يُمكنك القيام بها مع الطفل».
من رعاية الكلاب النهارية، مع خدمات النقل من وإلى، إلى مختبرات علم الأمراض المتخصصة، إلى تنظيم جنازات مهيبة للحيوانات الأليفة، تلبي الشركات الجديدة احتياجات دورة حياة الحيوانات الأليفة الكاملة.
وفي عام 2022، أنفق الإيطاليون 6.8 مليارات يورو على رعاية الحيوانات الأليفة، وفقاً لشركة نوميسما الاستشارية الإيطالية، وفي حين كانت الكلاب تُطعم في السابق بقايا الطعام، أصبح الناس أكثر انتقائية بشأن ما يُقدم لها.
وقال تورتوريلا: «إنهم يقلقون كثيراً الآن بشأن ما تأكله الكلاب ومدى جودته. وأصبح كثير من الناس يطبخون الآن لحيواناتهم الأليفة».
في روما، يُسمح للكلاب بالوصول إلى الأماكن العامة التي غالباً ما تكون محظورة على الحيوانات في أجزاء أخرى من العالم.
ففي كاليفورنيا، على سبيل المثال، من غير القانوني اصطحاب الكلاب - باستثناء حيوانات الخدمة - إلى متاجر البقالة أو المطاعم.
ومع ذلك، في إيطاليا، لا أحد يرف له جفن عند رؤيتها في متاجر المواد الغذائية أو المطاعم الداخلية أو مراكز التسوق، بل حتى متجر البقالة المحلي، لديه عربتا تسوق مخصصتان للكلاب.
والأكثر من ذلك، أن الكلاب نجحت في اختراق أروقة السلطة أيضاً، بعد أن تمكنت السيناتور ميكايلا بيانكوفيوري، مؤخراً، من الفوز بحق اصطحاب كلبها المحبوب، باغي، البالغ من العمر 12 عاماً، إلى العمل، في سابقة أولى في هذا المجال.
وقالت بيانكوفيوري في مكتبها بمجلس الشيوخ، بينما كان باغي مُسترخياً في الزاوية: «أعمل هنا من الصباح إلى الليل، ولا يُمكنني ترك الكلبة بمفردها طوال اليوم.
جليسة الكلاب لا تُوليها نفس الاهتمام الذي يمكن أن أوليه لها».
وبطبيعة الحال، لا يسعد الجميع مثل هذه الأهمية الجديدة المتزايدة للحيوانات الأليفة، فقد انتقد البابا فرنسيس الراحل، مراراً وتكراراً، الأزواج الذين يختارون امتلاك حيوانات أليفة، بدلاً من الأطفال، مُعتبراً أن ذلك «يُقلل» من قيمة الإنسانية.
بينما يرحب السياسيون بهذا التوجه.
فقد بدأت حكومة رئيسة الوزراء، جورجيا ميلوني، بتخصيص 250 ألف يورو سنوياً، تحت مسمى «مكافأة الحيوانات»، لمساعدة مُلّاك الحيوانات الأليفة المسنين ذوي الدخل المحدود، على تغطية بعض نفقاتها البيطرية.
كما تم مؤخراً تشديد عقوبات الجرائم ضد الحيوانات.
وقال غولييلمو جيوردانو مؤسس مختبر ماي لاف لعلم أمراض الحيوانات، إن وضع الحيوانات الأليفة قد تغير جذرياً، من مجرد حيوانات، إلى «مراكز للعاطفة».
وهذا يتوافق مع ما رأيته في حديقة الحي، وقد تأثرتُ بالفعل برجل يحمل كلبه الداتشوند المسن بين ذراعيه، ويضعه برفق على العشب ليلعب قليلاً، ثم يحمله إلى المنزل مرة أخرى.
وبالنسبة للعديد من الإيطاليين، فإن الكلاب ببساطة رفاق أكثر وفاءً من سائر البشر. وكما قال لي أحد عمال المطار: «الكلب لن يخونك».
