ومع ذلك، فخلال عام 2025، ومهما ازدادت حدة العناوين، ظل الهدوء يسيطر على مؤشرات المخاطر في الأسواق.
كذلك، أصبحت العوائد الإضافية المقدمة للمستثمرين كحافز للاكتتاب في إصدارات السندات الجديدة عند مستويات مماثلة لما كانت عليه قبل الجائحة.
أما المؤشرات الأساسية لتكلفة مبادلات التخلف عن السداد – وهي أشبه بالتأمين ضد التعثر – فقد اقتربت من أدنى مستوياتها التاريخية. فلماذا إذن لا تعكس تسعيرات السوق حجم القلق السائد؟
وهذه المرونة لا تدعم أسواق الأسهم فحسب، بل تتيح أيضاً للمستثمرين فرصة جيدة لتأمين دخل مرتفع من السندات الممتازة ذات التصنيف العالي، والتي تستخدم ركيزة دفاعية إلى جانب الأصول الأكثر مخاطرة.
وعلى مدار عقود، لم ينكمش استهلاك الخدمات الحقيقي على أساس سنوي سوى مرتين: عام 2009 وعام 2020.
وكلما ارتفعت حصة الخدمات، ازداد استقرار الدورة الاقتصادية. كما ساهمت سلاسل الإمداد الرقمية وسوق العمل المرن في تقليص مخاطر التعثر وتقلبات الأرباح.
كما أن إجمالي تكاليف الفائدة على الأسر تقل عن 10% من الدخل، وهو أدنى مستوى مسجل قبل الجائحة.
ويبلغ متوسط سعر الفائدة على الرهون العقارية القائمة حالياً 4.05% فقط، ما يبقي مدفوعات الفائدة عند 4% من دخل الأسر.
وفي الوقت ذاته، يملك الأمريكيون حالياً أكبر قدر من حقوق الملكية العقارية في منازلهم في التاريخ.
وانخفضت نسب المديونية لدى الأسر والشركات بأكثر من 30% مقارنة بذروتها خلال الأزمة المالية العالمية، بينما تبلغ هوامش الأرباح حالياً 13.8%، أي أعلى من أي مستوى مسجل قبل الجائحة.
وفي ظل غياب أي اختلالات هيكلية في الميزانيات، لا تنشأ موجات خفض المديونية القسرية - وهي النوع الذي يثير التقلبات - من الأساس.
وتحوز الأسر أصولاً مالية بقيمة 129 تريليون دولار، نصفها تقريباً في أدوات تحقق عوائد تتجاوز 4%، ما يجعل الحاجة إلى إعادة الاستثمار دافعاً ذاتياً متكرراً.
وهذا السعي المستمر وراء العائد يولد طلباً دائماً على السندات والأصول المهيكلة. وفي ظل احتفاظ المتعاملين بكميات محدودة من الأصول، تنكمش الهوامش في التداول، وتنخفض تقلبات الأسعار.
فعائدات سندات الخزانة لا تزال أعلى من 4%، بينما انخفض معدل التضخم إلى ما يزيد قليلاً على 2%.
أما العوائد الحقيقية، بعد احتساب أثر التضخم، فهي الأعلى منذ 15 عاماً على الأقل.
وتضيف الأصول المهيكلة والائتمان الخاص عوائد مشابهة لأسواق الأسهم، لكن بمستويات خسارة أقرب إلى أدوات الدين ذات التصنيف الاستثماري.
ومع استخدام مدروس لعقود الخيارات، يمكن لعوائد الدخل الثابت أن تقترب بشكل معقول من خانة الأرقام الأحادية المرتفعة، من دون الحاجة إلى مطاردة السندات الرديئة بحثاً عن عائد أعلى.
والأهم أن مثل هذه العوائد تمثل ركيزة أساسية للمحافظ الاستثمارية اليوم، وليست مجرد إضافة تكميلية.
وفي ظل المستويات القياسية للسيولة في صناديق أسواق المال، وعمليات إعادة شراء الأسهم من قبل الشركات، وشح الطروحات العامة الأولية، لا تزال وتيرة الطلب تتفوق على المعروض.
وتعد أي تراجعات في السوق بمثابة دعوة لإعادة بناء المراكز، سواء في شركات التكنولوجيا الرائدة أم في الشركات الراسخة التي تولد تدفقات نقدية قوية.
