كيت دوغويد - جورج ستير - هارييت كلارفيلت - إيان سميث
دفعت المكاسب القوية التي حققتها وول ستريت خلال صيف هذا العام تقييمات الأسهم إلى الاقتراب من مستويات قياسية، ما أثار تحذيرات متزايدة من دخول الأسواق «المتحمسة» في مرحلة فقاعة مالية.
وقد سجل مؤشر «إس آند بي 500» سلسلة من القمم التاريخية خلال هذا الشهر، في وقت تقترب فيه تكاليف اقتراض الشركات الأمريكية من أدنى مستوياتها منذ عقود مقارنة بعوائد السندات الحكومية، في انعكاس لتحول جذري في مزاج السوق منذ التراجع الحاد في أبريل الماضي، بسبب الحرب التجارية التي أطلق شرارتها الرئيس دونالد ترامب.
ورغم توقيع الرئيس على اتفاقيات تثبت فرض الولايات المتحدة لتعريفات جمركية تعد الأعلى منذ عقود، إلا أن مؤشرات التضخم في تقييمات السوق تضاعفت بشكل لافت.
فقد قفزت أسهم شركات التكنولوجيا مرتفعة التقييم إلى مستويات غير مسبوقة، لتصبح «إنفيديا» أول شركة مدرجة تتجاوز قيمتها السوقية حاجز أربعة تريليونات دولار.
كما عادت موجة «أسهم الميم»، التي برزت في عام 2021، إلى الواجهة مجدداً، مع اندفاع المستثمرين الأفراد نحو أسهم شركات مثل «غو برو» لتصنيع الكاميرات، وسلسلة متاجر الحلوى «كريسبي كريم».
ويرى دان إيفاسين، كبير مسؤولي الاستثمار لدى شركة «بيمكو» التي تدير أصولاً بقيمة 2.1 تريليون دولار: «أعتقد أننا بدأنا نشهد بعض أوجه الشبه المبكرة مع ما حدث أثناء طفرة الإنترنت المسجلة في نهاية التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة». وتابع: «بدأت عقلية تذكرة اليانصيب تعود إلى الظهور بقوة... وهي أوضاع خطيرة بالتأكيد».
وتشير بيانات «بلومبيرغ»، إلى تقييم المستثمرين للأسهم المدرجة في مؤشر «إس آند بي 500» بأكثر من 3.3 أضعاف مبيعاتها، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
وقد قفز مؤشر «حماس الأسهم» لدى مصرف «باركليز»، وهو مؤشر مركب يتتبع تدفقات المشتقات المالية والتقلبات والمعنويات في السوق، إلى ضِعفي مستوياته العادية ودخل منطقة ارتبطت فيما مضى بفقاعات الأصول.
وقال ستيفانو باسكالي، رئيس قسم استراتيجية مشتقات الأسهم الأمريكية لدى «باركليز»: «يظهر المؤشر بكل وضوح أن السوق في حالة من النشوة».
ورحب المستثمرون بتوصل الولايات المتحدة واليابان إلى اتفاق يحدد التعريفات الجمركية على الواردات من اليابان عند 15%، بالإضافة إلى احتمالية التوصل إلى اتفاق مشابه مع الاتحاد الأوروبي.
ورغم أن هذه الرسوم تفوق كثيراً المستويات التي سادت قبل عودة ترامب إلى البيت الأبيض، إلا أنها أقل ضراوة من تلك التي هدد بفرضها في «يوم التحرير»، وهو ما دفع الأسواق حينها إلى الانخفاض.
وذكر لوكا باوليني، كبير الخبراء الاستراتيجيين لدى «بيكتيت أسيت مانجمنت»: «هذه الاتفاقيات الأولى سيئة بالفعل، لكن المستثمرين مسرورين بأي شيء ليس حرباً تجارية شاملة».
ولعل الأسهم لم تتأثر بالمخاوف بشأن الاقتراض المفرط الذي تعتزم الحكومة الأمريكية الإقدام عليه، أو حتى مسألة استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي التي ألقت بظلال قاتمة على كل من سندات الخزانة الأمريكية والعملة الخضراء، التي انخفضت بما يقارب 10% هذا العام أمام سلة من العملات المنافسة.
وقاد العديد من أسهم شركات التكنولوجيا ذات القيم السوقية الكبيرة، وهي التي تشكل الجزء الأكبر من مكاسب السوق في الأعوام الماضية، الانتعاش الذي شهدته السوق من عمليات البيع الكثيف المسجلة في وقت مبكر من العام الجاري.
وهنا تجدر الإشارة إلى ارتفاع أسهم «إنفيديا» لتصنيع الرقائق وشركة «ميتا» المالكة لمنصة «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي بـ 100% و50% على الترتيب منذ المستويات المتدنية المسجلة في أبريل الماضي.
ولفت روب أرنوت، مؤسس شركة «ريسيرش أفيلييتس» لإدارة الأصول ورئيس مجلس إدارتها: «تقترب نسبة السعر إلى المبيعات، ونسبة السعر إلى التدفقات النقدية، ونسبة السعر إلى القيمة الدفترية، ومضاعف السعر الى توزيعات الأرباح، من مستويات قياسية».
وشبه أرنوت الاستثمار في مجموعة ضئيلة من أسهم التكنولوجيا التي تهيمن على المؤشر بالانحناء لالتقاط عملات معدنية صغيرة فيما تقترب بشدة آلة رصف طرق ضخمة.
وأسهب: «تسعر السوق الجهات المهيمنة على فضاء الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن كما لو أنها لن تواجه أي منافسة مستقبلاً، فيما هناك خوف من الابتعاد عن الشركات ذات الشعبية والمبالَغ في تقييمها، لأنك ستكون في ورطة إذا ما ابتعدت مبكراً».
ومع ذلك، شهدت مجموعة من الشركات الأصغر أداءً أفضل. وأسهمت المبيعات القوية بفضل العقود المبرمة مع الحكومة، في ارتفاع أسهم شركة «بالانتير» بواقع 140% منذ بلغت أسهمها القاع في أبريل الماضي.
كما صعدت أسهم بورصة الأصول المشفرة «كوين بيس» بحوالي 180%، وساعدها في ذلك ازدياد التفاؤل بشأن قطاع الأصول الرقمية بفضل فوز ترامب بالانتخابات في نوفمبر الماضي.
في الوقت نفسه تخطت عملة «البيتكوين» مستوى 120 ألف دولار للمرة الأولى على الإطلاق منذ أيام قليلة، مع مواصلة الشركات والمستثمرين مراكمة الأصول المشفرة التي تدخل الأسواق المالية التقليدية.
وقد امتد هذا التفاؤل إلى سوق ائتمان الشركات، حيث انكمشت الفروق بين العوائد الإضافية على الشركات الأمريكية عالية التقييم مقارنة بالسندات الحكومية القياسية، إلى ما يقرب من أدنى مستوياتها منذ عام 2005 عند 0.8 نقطة مئوية.
وتساءل محللون لدى «دويتشه بنك» في مذكرة نشرت الخميس الماضي، عما إذا كان ارتفاع الاقتراض لتمويل مشتريات الأسهم بمثابة علامة على «أقصى درجات الحماس» منذ عامي 1999 و2007.