أيدن رايتر - هاكيونغ كيم

يتابع المستثمرون صدور نتائج الأرباح لشركات «السبع الكبار» في قطاع التكنولوجيا، حيث أعلنت شركتا «ألفابيت» و«تسلا» نتائجهما، أمس، تليهما «أمازون» اليوم، فيما ستكشف «ميتا» و«أبل» و«مايكروسوفت» نتائجها خلال الأسبوع المقبل.

وتكتسب هذه الإعلانات أهمية خاصة في الأسواق المالية، إذ شكلت شركات التكنولوجيا العملاقة المحرك الرئيس لانتعاش السوق خلال الربع الأخير.

وبالنظر إلى القيمة السوقية أصبحت شركات «السبع الكبار» تمثل حالياً نحو 31% من مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، وهو ما يقترب من أعلى المستويات التاريخية.

ويقول جيسون برايد، من شركة «جلينميد»، إن نمو الأرباح سيكون قوياً في هذا الربع، لكنه لن يكون استثنائياً بأي حال، إذ ظل معدل نمو الأرباح السنوية لشركات التكنولوجيا الكبرى مستقراً أو متباطئاً، خلال الأرباع الماضية، ويتوقع أن يتواصل هذا التباطؤ خلال عامي 2025 و2026.

ويمكن استثناء شركتي «إنفيديا» و«تسلا» من التوقعات، لأن أرباح «إنفيديا» خلال عام 2023 ومطلع 2024 كانت خارجة عن نطاق التوقعات بدرجة كبيرة، رغم أنها لا تزال تتبع الاتجاه العام نفسه، أما بالنسبة لـ«تسلا» فهي تشهد تذبذباً حاداً في أرباحها، وتخرج عن النمط السائد لباقي الشركات.

ويشكل ذلك إشارة سلبية محتملة بالنسبة للسوق وهذه الشركات على حد سواء، فقد دأب المستثمرون خلال العامين الماضيين على معاقبة أسهم شركات السبعة الكبار عندما كانت نتائج الأرباح جيدة فقط، ولم تكن «مذهلة»، لذا فإن استمرار تباطؤ النمو لا ينبئ بخير، ويتجلى ذلك في أداء سهم مايكروسوفت العام المنصرم، حيث تفوقت أرباح السهم في كل ربع على تقديرات «وول ستريت»، لكن لم ترتفع قيمة السهم إلا عندما تجاوزت الأرباح التوقعات بنسبة 8%، بينما انخفضت في بقية الحالات.

وفي سوق بهذا المستوى المرتفع من التقييمات، من الطبيعي أن يتوقع المستثمرون الكثير من الأسهم الأعلى سعراً، وكما يوضح ديك مولاركي من شركة «إس إل سي» لإدارة رأس المال، فإن جانباً من تباطؤ نمو الأرباح يعود إلى العودة التدريجية للمعدلات الطبيعية.

وكشفت توقعات بنك أوف أمريكا أن شركات «السبع الكبار» ستحافظ على تفوقها في نمو الأرباح مقارنة ببقية شركات مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» لمدة لا تتجاوز 18 شهراً إضافية فقط، وهو أمر يبعث على القلق، خصوصاً العام الجاري، إلا أن فترة الـ18 شهراً تعد مهلة طويلة نسبياً، والأهم أن المشهد يحمل وجهين متناقضين، فبينما يترقب السوق تباطؤاً في وتيرة نمو أرباح «السبع الكبار»، ينتظر في المقابل انتعاش نمو أرباح باقي الشركات ضمن مؤشر «إس آند بي 493»، ومن المرجح أن تواصل «السبع الكبار» تسجيل أرباح منخفضة في خانة العشرات مع احتمالية عودة التسارع في 2027، في حين سيتمكن باقي السوق من اللحاق بها تدريجياً.

ويقول كيفن جوردون من شركة «تشارلز شواب»: «هناك جانب بناء في السوق، ففي المرة الأخيرة التي شهدت فيها شركات «السبع الكبار» تباطؤاً، تباطأت معها بقية السوق أيضاً، ما مهد لسوق هابطة في عام 2022، أما، اليوم، فإذا استمر اتساع نطاق الأداء عبر مختلف الأسهم، فقد نحظى بأفضل ما في العالمين».

وإذا تحقق هذا الاتساع في السوق، فسيكون أمراً إيجابياً، شريطة أن تتمكن الشركات الكبرى من مواصلة دعم مؤشر «إس آند بي 500» حتى ذلك الحين، إلا أن تباطؤ نمو الأرباح والمخاوف المتزايدة من إصدار الشركات تقديرات مستقبلية متشائمة في ما يتعلق بالرسوم الجمركية والنفقات الرأسمالية، سيشكلان تحدياً لا يستهان به».

على صعيد آخر أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المستاء من عدم استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الصراع في أوكرانيا، تهديداً بفرض تعريفات جمركية على روسيا.

وكما هو معتاد تبقى تفاصيل هذه التعريفة غير محددة بدقة، إلا أن ما يستشفه السوق هو أن ترامب يلوح بفرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المئة على أية دولة تستورد الطاقة الروسية، إذا أخفقت موسكو وكييف في التوصل إلى هدنة بحلول مطلع سبتمبر.

وبشكل مفاجئ تراجع سعر خام «برنت» عقب صدور هذه التصريحات، وقد عزت مذكرة صادرة عن «دويتشه بنك» هذا التراجع إلى «الفجوة الزمنية الكبيرة» الفاصلة عن مهلة الـ50 يوماً التي حددها ترامب، إلا أن التراجع قد يعكس أيضاً حالة من عدم اليقين بشأن طبيعة الرسوم المحتملة، وآلية تطبيقها، أو حتى مدى جدية تنفيذها.

وتشكل صادرات روسيا من النفط الخام نحو 5% من الاستهلاك العالمي، وفقاً لتقديرات كيران تومبكنز من «كابيتال إيكونوميكس».

ومنذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا باتت صادرات روسيا النفطية تتركز لدى عدد محدود من الشركاء التجاريين، إذ تتجه 73% منها بحراً إلى الهند والصين، و24% إضافية تنقل عبر خطوط الأنابيب إلى الصين، فيما تتوزع النسبة المتبقية على عدد من الدول الأوروبية وتركيا.

وحتى إذا أدت التعريفات الجمركية إلى منع تصدير النفط الروسي فقد لا يسبب ذلك بالضرورة اضطراباً كبيراً في الأسواق، فصادرات روسيا من النفط الخام تقل عن 5.5 ملايين برميل يومياً، وهي الكمية التي تقارب الطاقة الإنتاجية الفائضة المتاحة لدى بقية دول «أوبك بلس»، بحسب كيران تومبكنز.

ويضيف: «نظرياً، يمكن لسوق النفط استيعاب حظر شامل على الصادرات الروسية، غير أن التخلي عن تلك القدرة الاحتياطية سيكون أشبه بقيادة دراجة من دون ماص للصدمات، إذ ستتفاعل أسعار النفط مع كل صدمة خارجية مهما كانت صغيرة». ومع استمرار التوترات المشتعلة في الشرق الأوسط فإن توقيت مثل هذا القرار سيكون سيئاً.

وتتباين آراء الخبراء حول التأثير المباشر المحتمل لهذه الإجراءات، فبحسب هانتر كورنفايند من مجموعة «رابيديان إنرجي» فإنه، حتى لو اقتصر التعطيل على نصف صادرات روسيا من النفط الخام والمنتجات المكررة (والتي تبلغ مجتمعة 2.4 مليون برميل يومياً إضافية)، فسنشهد قفزة ملموسة في أسعار النفط الخام تستمر لعدة أشهر.

وكما هي الحال مع العديد من تهديدات ترامب يبدو من المستبعد أن يمضي قدماً في تنفيذها، وبحسب هليما كروفت من شركة «آر بي سي كابيتال ماركتس»: «فإن ترامب لا يظهر أي رغبة تذكر في اتخاذ أي إجراء قد يدفع أسعار النفط نحو الارتفاع، خاصة أنه يسعى لتحقيق خفض في أسعار الفائدة»، وتجدر الإشارة إلى أنه تخلى قبل أشهر قليلة عن خطط مماثلة لفرض تعريفات على الدول المستوردة للنفط الفنزويلي.

وهناك خيار أقل حدة متاح أمام إدارة ترامب، فوفقاً لكروفت، إذا كانت واشنطن تريد فعلاً استهداف صادرات النفط الروسية دون إحداث اضطراب في السوق بأكمله فسيمكن لإدارة ترامب البناء على العقوبات القائمة ضد شركات النفط الروسية، مثل روسنفت ولوك أويل وغازبروم، من خلال فرض عقوبات محددة على الشركات الصينية والهندية، وغيرها من الكيانات الأجنبية، التي تستورد النفط الروسي، ويرى هانتر كورنفايند أن هذا السيناريو أكثر ترجيحاً، إلا أن كروفت تتشكك في ذلك، وتقول: «هناك العديد من الإجراءات التي يمكننا اتخاذها إذا كانت هناك رغبة حقاً في معاقبة الدول التي تشتري النفط الروسي، لكن لن يتم الإقدام حتى على اتخاذ الخطوات السهلة».