جنيفر هيوز
في شيكاغو، قام ستيف كويرك كعادته بفحص أسعار العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500، ولاحظ على الفور انخفاضاً كبيراً. في اليوم التالي، كان الوسيط المخضرم في الأسواق يبحث في الأرقام التي تظهر ارتفاعاً في التداول بين عشية وضحاها على شركة «روبن هود» للوساطة عبر الإنترنت، مع تراجع الشركة المفضلة بين المتداولين «إنفيديا»، وسط مخاوف بشأن تأثيرات شركة «ديب سيك» الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي الصيني.
لقد تسببت متاعب شركة «إنفيديا» في حدوث ثاني أكبر جلسة تداول في وقت متأخر من الليل لشركة «روبن هود»، والتي اشتهرت بالترويج للتداول القائم على الهواتف الذكية. وعرضت القيام بالتعاملات الليلية على مدار الـ 18 شهراً الماضية.
ويقول كويرك، كبير مسؤولي الوساطة في الشركة: «لا يتداول المتعاملون معنا ليلاً مرة واحدة ثم يرحلون». «إنهم يبحثون عن فرصة للقيام بذلك مرة أخرى».
إن ازدهار نشاط شركة «روبن هود» في الساعات الأولى من الليل ليس سوى أحدث مثال على الاهتمام المتزايد بالتداول ليلاً - وهو اتجاه يغذيه توافر تطبيقات التداول المتطورة على الهواتف، وقاعدة المعرفة المتزايدة من صغار المستثمرين الأفراد الذين يتداولون وهم مسترخون على أرائكهم.
لقد طور العديد من هؤلاء الأشخاص ذوقاً للتداول خلال عمليات الإغلاق التي تسببت فيها الجائحة، وقد أدت العودة إلى المكتب إلى دفع عاداتهم الاستثمارية خارج ساعات العمل. الجلسة الليلية - من الساعة 8 مساء إلى 4 صباحاً في نيويورك - كثيراً ما تشهد تداولهم مع مستثمري الأسر النشطين المشهورين في آسيا، الذين يستمتعون بفرصة تداول الأسماء الأمريكية الكبيرة في نهارهم.
لكن هناك مخاوف كبيرة حول كيفية تعامل مديري المحافظ مع مخاطر التحركات الكبيرة لممتلكاتهم أثناء نومهم، وتكلفة وصعوبة صيانة الأنظمة المعقدة مع فترة توقف قليلة أو معدومة.
إن الدولار يجري تداوله على مدار 24 ساعة يومياً على منصات مختلفة حول العالم، ويتم التعامل في العقود الآجلة لمؤشر «س آند بي 500» والتي تشير إلى اتجاه السوق المحتمل قبل افتتاح نيويورك، بشكل نشط من صباح طوكيو فصاعداً. وفي الوقت نفسه، لا يعرف مستثمرو العملات المشفرة سوى عالم رقمي يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
لقد التزمت أسواق الأسهم الأمريكية إلى حد كبير منذ الأيام الأولى للتداول غير الرسمي في مقاهي مانهاتن السفلى، بشكل ما من أشكال يوم العمل التقليدي، على الرغم من اختلاف ساعات العمل المحددة.
وحتى القوة المتزايدة للمستثمرين والشركات في الساحل الغربي لم تغير موعد إغلاق العمل الرسمي في نيويورك عند الساعة الرابعة مساءً. تم إجراء آخر التغييرات الرئيسية في يوم الولايات المتحدة منذ حوالي عقدين من الزمن، عندما بدأت البورصات في تقديم جلسات ما قبل وبعد السوق، والتي تبدأ الآن من الساعة 4 صباحاً بالتوقيت الشرقي إلى الافتتاح، ومن الإغلاق حتى الساعة 8 مساءً بالتوقيت الشرقي، على التوالي.
ويرى كثيرون أن التداول النهاري للأسهم عملي لأنه يشمل العديد من الأطراف، حيث يعمل أكثر من مليون شخص بشكل مباشر في صناعة الأوراق المالية في الولايات المتحدة، وهناك المديرون التنفيذيون للشركات التي يتم تداول أسهمها والهيئات التنظيمية التي تشرف على كل ذلك.
ومما يزيد من التعقيد الحجم الهائل للسوق البالغة قيمتها 50 تريليون دولار، ويتم تداول نحو 12 مليار سهم يومياً من خلال ملايين المعاملات، وتشمل الأطراف المقابلة صناديق التقاعد العملاقة، والمتداولين فائقي السرعة الذين يتعاملون بالمللي ثانية.
والمستثمرين الأفراد الذين يتداولون ما لا يتعدى حفنة من الأسهم. ويجب الموافقة على كل معاملة، مع تداول الأموال والأسهم في اليوم التالي. وفوق كل ذلك، هناك شبكة من القواعد المعقدة المصممة لضمان التعامل العادل.
لكن خلال الفترة بين الساعة 8 مساءً و4 صباحاً في نيويورك، يتم الآن التداول ليلاً، بما في ذلك على شركة «روبن هود»، في الغالب من خلال «بلو أوشن»، أو ما يسمى بنظام التداول البديل الذي تم إطلاقه في عام 2021 خصيصاً لتوفير التعاملات الليلية. أعضاء هذه الأنظمة البديلة - المعروفة أيضاً باسم «المجمعات المظلمة» - يتاجرون فيما بينهم بأسعار غير معلنة.
وفي نوفمبر الماضي، وافقت لجنة الأوراق المالية والبورصة مبدئياً على «24 إكستشينج، أو 24 إكس اختصاراً»، وهي مجموعة مقرها برمودا مدعومة من صندوق بوينت 72 فنتشرز التابع لملياردير صناديق التحوط ستيف كوهين، ولديها خطط للتداول طوال اليوم تقريباً. وحتى وقت قريب، كان نشاطها الرئيسي هو تداول العملات.
وبمجرد الانتهاء من إنجاز قدر ما من البنية التحتية التنظيمية الرئيسية، فإنها تخطط للفتح 23 ساعة يومياً مع ساعة للوسطاء لتحديث أنظمتهم. والموافقة عليها تجعلها أول بورصة أمريكية ذات هدف معلن هو التعامل ليلاً، وذلك على الرغم من أنها قلصت الخطط الأصلية التي تضمنت التداول في عطلة نهاية الأسبوع في ظل معارضة كبيرة من جانب أركان الصناعة.
وقد تنضم بورصة نيويورك أيضاً قريباً إلى هذه المعركة المتصاعدة. ولم تدرس هيئة الأوراق المالية والبورصات بعد خطتها المنفصلة، التي طرحتها البورصة قبل شهر، والتي من شأنها أن تمدد يوم تداولها من الساعة 4 صباحاً حتى 8 مساءً إلى يوم أطول بكثير من 1.30 صباحاً إلى 11.30 مساءً.
إن مشاركة البورصات مهمة بالنسبة لبقية الأسواق لأنها تخضع لإشراف أكثر إحكاماً بدرجة كبيرة من المجمعات المظلمة. كما أنها مسؤولة عن النشر المستمر لأفضل أسعار العطاءات (الشراء) والعرض (البيع) خلال يوم التداول الخاص بها. ويتدفق ذلك كله من خلال خدمة تُعرف بالعامية باسم «الشريط».
والتي يمكن من خلالها لأي مستثمر مقارنة السعر الذي حصل عليه من وسيطه، الذي لديه التزام بتنفيذ الصفقات بأفضل الأسعار. ومع ذلك، لا تزال هناك تحفظات كبيرة في الصناعة، بدءاً من إدارة المخاطر وحتى الاضطرار إلى العمل طوال الليل.
المتداولون، على الجانب الآخر، لديهم مخاوفهم أيضاً، بدءاً من مقدار الأسهم التي يمكن أن تتحرك، إلى ما إذا كان المنظمون قد يأخذون في الاعتبار الأسعار الليلية في كيفية تطبيق القواعد النهارية. ومتى يبدأ اليوم وينتهي يهم المستثمرين في كل مكان.
لذلك، فإن قليلين في الصناعة يرغبون في تغيير موعد الإغلاق الرسمي عند الساعة 4 مساءً - وهي نقطة التداول الأكثر ازدحاماً في اليوم الحالي لأنها تستخدم لتحديد الأسعار المرجعية اليومية للأوراق المالية المتداولة، والتي يتم الاحتفاظ منها بما يزيد على 30 تريليون دولار في صناديق الاستثمار المتبادلة وصناديق الاستثمار المتداولة. لننتظر ونرى.
