هوو فان ستينيس

بعد أن كان حكراً في السابق على صناديق المعاشات التقاعدية وشركات التأمين وفائقي الأثرياء، يشهد قطاع الائتمان الخاص تحولاً هادئاً، حيث تعمل المنتجات المبتكرة والتطورات التكنولوجية بسرعة على فتح الباب أمام فئة جديدة من المستثمرين- ذوي الدخول المرتفعة والأثرياء الجدد، وليس كبار الأثرياء فقط. 

على سبيل المثال، أصبح الحد الأدنى للاستثمار في أحد الصناديق المختلطة، التي تستثمر في الأصول العامة والخاصة 1000 دولار فقط.

والنتيجة هي بروز واحد من أسرع القطاعات نمواً في الاستثمار. فقد نمت ممتلكات الائتمان الخاص للأثرياء، بمقدار مرتين ونصف المرة خلال السنوات الثلاث الماضية، أي أسرع بمقدار أربع مرات من الأعمال المؤسساتية التقليدية.

ووفقاً لتقديرات حديثة من «أوليفر وايمان» يمثل هؤلاء المستثمرون نحو 12% من أصول الائتمان الخاص لكبرى الشركات. ولا يزال الجزء الأكبر من هذه الأصول يتركز في أيدي فائقي الثراء، إلا أن طموح الصناعة واضح، وهو إدخال الائتمان الخاص في التيار الرئيسي لمحافظ الثروات.

وتقدر «أوليفر وايمان» أن أكبر 7 شركات لديها نحو 275 مليار دولار من أصول الائتمان الخاص من الأثرياء تحت الإدارة، ويبلغ إجمالي الصناعة ما بين 325 إلى 375 مليار دولار.

وتجري الصناديق الدائمة عملية تحول في السوق. وهو نوع جديد من الاستثمار يغيّر طريقة مشاركة المستثمرين، وهي تسمح لك بالانضمام أو سحب أموالك في أي وقت تريده تقريباً، بدلاً من أن تلتزم باستثمار أموالك لفترة طويلة ومحددة. والميزة الكبيرة هنا هي أن أموالك تبدأ في العمل والاستثمار مباشرة.

وهذا يختلف عن الصناديق القديمة (التي تسمى صناديق السحب)، والتي تطلب منك إيداع الأموال على دفعات في عملية معقدة وفي أوقات محددة يختارونها هم، وليس أنت، لاستثمارها.

ويعيد المستثمرون أيضاً النظر في ما يشكل محفظة ائتمانية متنوعة، ويتساءلون لم يجب عليهم وضع 100% من استثمارات الدخل الثابت في الأصول العامة.

وقد بدأ العديد من المستثمرين الأثرياء اعتماد استراتيجية تجمع بين الاستثمار في الصناديق منخفضة التكلفة للتداول في السندات من جهة، والاستثمار في الائتمان الخاص مرتفع العائد والأقل سيولة في الطرف من جهة أخرى.

وهذه الاستراتيجية التي كانت سمة مميزة للاستثمار في الأسهم، أصبحت الآن تعيد تشكيل قطاع الاستثمار في السندات، ولا يزال أمامه طريق طويل ليقطعه.

في الوقت نفسه، تسهل التكنولوجيا عمليات هذا الاستثمار. وتاريخياً كانت الأصول الخاصة تتطلب جهداً كبيراً في الوثائق المطلوبة وتباع بكميات كبيرة. لكن يتم تبسيط هذه العملية لتصبح أقرب إلى تجربة شراء صندوق استثمار مشترك، وإذا كان ذلك يتطلب عدداً قليلاً من التوقيعات الإضافية.

لكن إلى أي مدى يمكن أن يذهب هذا؟ يشير المستشارون والمديرون الذين استطلعت «أوليفر وايمان» آراءهم، إلى إمكانية تضاعف مخصصات الأثرياء للائتمان الخاص أربع مرات خلال الأعوام الخمسة المقبلة مع تحولها إلى مكون رئيس في محفظة الائتمان الأوسع نطاقاً.

رغم ذلك، سيتوقف نجاح هذه المساعي على تمكن مديري الأصول من حل أربعة تحديات مهمة.

والتحدي الأول هنا هو إدارة السيولة، فالائتمان الخاص بطبيعته غير سائل، وستحتاج الشركات إلى التعامل مع الطبيعة الدورية المحتملة لتدفقات رؤوس أموال الأفراد والحفاظ على الانضباط عملية اكتتاب وسط النمو السريع. وستكون الشركات ذات قنوات الاكتتاب المتنوعة وضوابط مخاطر قوية في وضع أفضل يمكنها من فعل ذلك.

ويكمن التحدي الثاني في التوزيع الفعال من حيث التكلفة، لأن الوصول إلى المستشارين الماليين في الولايات المتحدة ودولياً ليس سهلاً.

وعادة ما تفتقر شركات الائتمان الخاص للبنية التحتية فيما يتعلق بالمبيعات للتعاطي مع القنوات الموجهة للأفراد على نطاق واسع، وغالباً ما يفتقر مديرو الأصول التقليديين لخبرة الأسواق الخاصة.

ويخلق هذا مبرراً قوياً لعقد الشراكات، مثل شراكة «أبوللو» مع «لورد أبيت»، وشراكة «كيه كيه آر» مع «كابيتال غروب»، وشراكات «بلاك ستون» مع «ويلينجتون» و«فانجارد».

ويمكننا توقع إبرام مزيد من الشراكات قدماً، إضافة إلى مزيد من عمليات الاستحواذ لتعزيز القدرات.

وتعد البنية التحتية هي التحدي الثالث، فلِكي يصبح الائتمان الخاص منتجاً حقيقياً للأفراد، فسيكون القطاع بحاجة إلى سيولة في السوق الثانوية، واتفاقات تسعير متطورة، وبيانات وتحليلات أفضل. ولا يزال النظام البيئي في بدايته، غير أنه يمر بتطورات متسارعة.

ويتمثل التحدي الرابع في القواعد التنظيمية، حيث سيتحتم على الجهات التنظيمية مراقبة القطاع وضمان تمتع العملاء بمعاملة عادلة. ويمكن توقع إصدار الجهات التنظيمية لقواعد مع تنامي المخصصات.

ويحدث كل ذلك حتى قبل إجراء أي تغييرات تنظيمية في الولايات المتحدة تسمح بضخ خطط التقاعد «401 كيه» لمزيد من الاستثمارات في الأصول الخاصة.

وعلى نطاق أوسع، من المرجح أن يصبح الائتمان الخاص مكوناً رئيساً لمحافظ الائتمان المتنوعة، بما في ذلك حسابات الاستثمار الخاضعة للإدارة.

ويعد هذا شبيهاً، بشكل من الأشكال، بإتاحة المشتقات لتكون عنصراً من عناصر صناديق الائتمان المشتركة في تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من الألفية لزيادة العوائد وإدارة المخاطر.

ويسلط هذا التحول الضوء على مدى التغير الذي يطرأ هيكل سوق المال. وسيتزايد عدم وضوح الخطوط الفاصلة بين الائتمان العام والخاص. وبينما يتدفق قدر أكبر من الأموال خارج الأسواق العامة، ستعاد كتابة أسس تسعير المخاطر، وتوزيعها.