روبرت رايت

حذرت شركات الشحن واللوجستيات من أن التعريفات الجمركية العشوائية التي فرضها دونالد ترامب، إلى جانب انخفاض مناسيب الأنهار، تسببت في أسوأ ازدحام تشهده سلاسل التوريد في أوروبا منذ جائحة فيروس كورونا.



وقد أدى ذلك إلى انتظار سفن الشحن النهري لأيام حتى تتمكن من تحميل البضائع، كما تواجه سفن الحاويات أوقات انتظار طويلة، وهي مشكلات يتوقع استمرارها لأشهر عدة على الأقل، وتتركز بشكل خاص في موانئ روتردام وأنتويرب وهامبورج.

وقال سيزار لويكينار، المدير الإداري لشركة «دبليو إي سي لاينز» للشحن التي تتخذ من هولندا مقراً لها: «جميع الموانئ الكبرى مكتظة بالكامل. كما أن عدداً من الموانئ المهمة في مختلف أنحاء أوروبا تعمل بطاقتها القصوى».

وتعد هذه المشكلات هي أحدث ضربة للنظام اللوجستي العالمي الذي سمح حتى وقت قريب لشركات عدة بالحفاظ على الحد الأدنى من المخزونات، مع الثقة في أن خدمات الشحن المجدولة ستعيد ملء مخزوناتها بانتظام وفق جدول زمني ثابت. وحذرت شركة كونتارجو الألمانية للوجستيات، العملاء من أن سفن النقل النهري قد تنتظر 66 ساعة في المتوسط لتحميل الحاويات في ميناء أنتويرب، و77 ساعة في روتردام. وعادة ما تتاح للسفن مواعيد زمنية ثابتة للتحميل في محطات الحاويات؛ لضمان السرعة والكفاءة.

وقال كاسبر إليربايك، أحد كبار المسؤولين التنفيذيين بشركة دي إتش إل الألمانية، إن التأخيرات لم تجبر أي من عملائه بعد على إيقاف عمليات الإنتاج بسبب نقص المكونات، لكن مثل هذه «الدراما» ما زالت تشكل خطراً.

وتتأخر سفن الشحن النهري في ميناء أنتويرب، ثاني أكثر الموانئ الأوروبية ازدحاماً، في تفريغ حمولتها لما يتراوح بين 3 و5 أيام عن الموعد المحدد.

وألقت شركات اللوجستيات باللوم في الأزمة بصفة خاصة على التغييرات الحادة في سياسة التعريفات الجمركية الأمريكية لإدارة دونالد ترامب، حيث اضطرت خطوط شحن الحاويات إلى إعادة تنظيم شبكاتها لاستيعاب التغييرات الحادة في تدفقات التجارة العالمية.

وتتفاقم المشكلات أيضاً بسبب القيود المفروضة على تحميل سفن الشحن النهري الراسية في الراين، بعدما تسبب الربيع الجاف في انخفاض منسوب المياه هناك بشكل غير معتاد.

في الوقت نفسه، تتعامل المرافئ مع عمليات إعادة ترتيب كبيرة للتحالفات بين خطوط الشحن، بعدما أنهت شركتا البحر الأبيض المتوسط للملاحة السويسرية وميرسك الدنماركية اتفاق التعاون السابق بينهما. وتتسبب مثل هذه التغييرات في اضطرابات على المدى القصير، لأنها تتسبب في تغيير الخطوط لجداولها الزمنية أو الانتقال إلى مرافئ أخرى.

وفي هذه الأثناء، تتكيف الموانئ الأوروبية مع ازدياد أحجام الواردات الآتية من آسيا، لأن التعريفات الجمركية العالية تتسبب في تحويل اتجاه البضائع إلى أماكن أخرى.

وألقى كاسبر إليربايك بشركة «دي إتش إل»، باللوم في نمو أحجام الحاويات من آسيا إلى أوروبا، على تغير استراتيجية المصدرين الآسيويين.

وتشير تقديراته إلى ارتفاع أحجام الحاويات الآتية من آسيا إلى أوروبا بنحو 7% على أساس سنوي.

وقال: «إذا ما نظرت إلى مستويات النمو في مختلف الأحجام، لوجدت أن أوروبا باتت تستقبل حصة كبيرة كان من المفترض تاريخياً أن تتوجه إلى السوق الأمريكية».

وأفاد عاملون في القطاع، بأن شركات تشغيل المرافئ، وغالباً ما تكون شركات خاصة تستأجر أرصفة من سلطات الموانئ المملوكة للدولة، يسارعون إلى تعيين أفراد جدد في طواقم العمل لديهم ويشترون معدات جديدة في خضم محاولاتهم لتخفيف الضغوط.

وأكدت «إي سي تي»، وهي واحدة من مشغلي المرافئ في روتردام، بأن المنشأة «مزدحمة للغاية»، لكنها شددت على أن هذه الظاهرة شائعة في أنحاء الموانئ الواقعة شمالي أوروبا.

وسلطت الشركة الضوء على التحديات المرتبطة بالتحالفات، وارتفاع الطلب، و«أوجه عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي»، باعتبارها من أبرز الأسباب وراء هذه المشكلات.

وقال مارك روزنبيرغ، رئيس الشؤون التجارية المسؤول عن الموانئ والمرافئ لدى موانئ دبي العالمية التي تملك محطات مناولة في موانئ تشمل أنتويرب وروتردام، إن فرق الشركة «تعمل جاهدة» لإدارة تدفقات الحاويات و«تخفيف حدة الاضطرابات».

واستطرد: «تظل موانئ دبي العالمية ملتزمة بالحفاظ على مستويات عالية من الخدمات، والاستثمار في الطاقة الاستيعابية، وتعزيز جانب المرونة من شبكة المرافئ الأوروبية التابعة لنا؛ دعماً لعملائنا في هذه الفترة التي تسودها تحولات تطال كل أركان الصناعة».

وأقرت سلطة ميناء أنتويرب-بروغ، وهي المؤسسة العامة المالكة للميناء، بوجود «ازدحام متزايد». وقال: «يؤدي ذلك إلى عدم كفاءة تشغيلية قصيرة الأجل، لكن تواصل أنظمتنا العمل في إطار المساحات المحددة».

ومع ذلك، أعرب البعض في القطاع عن تشاؤمهم بشأن إمكانية التوصل إلى حل سهل لمشكلة الازدحام.

ولفتوا إلى أن بعض شركات الشحن التي تخدم السوق المحلية في أوروبا تضطر إلى المكوث لمدة أسبوع، بدلاً من الحد الأقصى المعتاد البالغ ثلاثة أيام، لجمع الحاويات من مختلف المرافئ في روتردام لتوزيعها على موانئ المنطقة.

وأشاروا إلى أن الاستثمار في الطاقة الاستيعابية قد يستغرق أعواماً لحل كل هذه المشكلات.