أكدت وزارة الاقتصاد، أمس، أن دولة الإمارات تتبنى منظوراً جديداً لتطوير القطاع التعاوني تستهدف من خلاله زيادة مساهمة التعاونيات في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 5% بحلول 2031، وأوضحت الوزارة أن القانون الجديد للتعاونيات يسمح بعضوية غير المواطنين في الجمعيات التعاونية، باستثناء التعاونيات الاستهلاكية النمطية التي تقتصر عضويتها على مواطني الدولة.

جاء ذلك خلال إحاطة إعلامية نظمتها وزارة الاقتصاد في أبوظبي، بحضور عبدالله آل صالح، وكيل الوزارة، وسماح الهاجري، مدير إدارة التعاونيات والمخزون الاستراتيجي في الوزارة؛ لتسليط الضوء على قانون التعاونيات الجديد الذي يبدأ تطبيقه في ديسمبر المقبل، فيما يتوقع أن تصدر وزارة الاقتصاد لائحته التنفيذية خلال الأشهر الـ6 المقبلة.

منظور جديد

وأكد عبدالله آل صالح في كلمته، أن الإمارات، بفضل رؤية قيادتها الرشيدة، تتبنى اليوم منظوراً جديداً لتطوير القطاع التعاوني، إيماناً بدوره كمساهم رئيس في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للدولة، مؤكداً العمل على توفير السياسات الضامنة؛ للارتقاء بأداء هذا القطاع الحيوي بصورة شاملة.

وأوضح أن الإمارات أصدرت مرسوم القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2022 بشأن التعاونيات؛ بهدف تطوير وتنمية القطاع التعاوني لمستويات جديدة، وأضاف أن وزارة الاقتصاد تهدف إلى زيادة نسبة مساهمة التعاونيات في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 5% بحلول 2031، مقارنة بمساهمة حالية لا تتجاوز 1%، مع زيادة الأعضاء المساهمين في الجمعيات التعاونية إلى نحو 500000 عضو مساهم، ارتفاعاً من 100435 عضواً في الوقت الحالي.

وأشار إلى أن القانون الجديد يسهم في إحداث نقلة نوعية في القطاع التعاوني لبناء تجربة تعاونية رائدة تواكب أفضل التجارب العالمية. ويمثل محطة مفصلية في حوكمة قطاع التعاونيات، حيث عملت وزارة الاقتصاد بالتعاون مع شركائها على تطوير مواد القانون بنهج استباقي ومرن يستشرف اتجاهات المستقبل، كما يسهم القانون الجديد في استكمال الأطر القانونية والمؤسسية للمنظومة التشريعية للتعاونيات في الدولة، ويصل عدد التعاونيات على مستوى الدولة إلى 43 تعاونية برأس مال يزيد على 3 مليارات درهم.

توفيق الأوضاع

وفي رد على سؤال لـ«البيان»، أكد آل صالح أن القانون منح «التعاونيات» القائمة مدة لا تزيد عن سنتين لتوفيق أوضاعها، مشيراً إلى أن القانون سوف يطبق بدءاً من ديسمبر 2022، حيث تعمل الوزارة حالياً على إعداد لائحته التنفيذية، بالتعاون مع شركائها من الجهات الاتحادية والمحلية وممثلين عن القطاع التعاوني، ومن المتوقع أن تصدر هذه اللائحة خلال 6 أشهر المقبلة.

وتابع أن القانون حدد حقوق والتزامات التعاونيات، ونظم عمليات التدقيق المحاسبي والانضباط المؤسسي، فضلاً عن تنظيم الضبطيات القضائية. ويفتح القانون آفاقاً جديدة وواسعة أمام جميع فئات المجتمع للمشاركة في العمل التعاوني من خلال السماح بعضوية غير المواطنين في الجمعيات التعاونية بالدولة، باستثناء التعاونيات الاستهلاكية النمطية التي تقتصر عضويتها على مواطني الدولة.

إدراج وتداول

وأكد أن القانون سمح بإدراج وتداول التعاونيات في الأسواق المالية للدولة بما يعزز استفادة التعاونيات من الخدمات المتقدمة والمبتكرة التي تقدمها الأسواق المالية في الدولة من حيث الشفافية والمرونة وسرعة الإجراءات، كما يدعم القانون توسع أنشطة وأعمال التعاونيات في الدولة وتوفير الدعم الفني والمادي والتشغيلي والتسويقي لها عبر السماح لها بدخول شريك استراتيجي بما يعود بالنفع على التعاونية، وسوف تصدر وزارة الاقتصاد قراراً خلال المرحلة المقبلة، تحدد من خلاله شروط وإجراءات دخول الشريك الاستراتيجي في الجمعية التعاونية.

ومنح القانون الحق للجمعية التعاونية بتأسيس جميع أشكال الشركات، وفقاً للمتطلبات والإجراءات المحددة من السلطات المختصة، كما يحق لها الاستحواذ على أسهم الشركات والتعاونيات الأخرى، وأيضاً إمكانية الاستحواذ أو المشاركة في تأسيس شركات تجارية أو تعاونيات سواء بمفردها أو مع الغير، مشيراً إلى أن القانون الجديد يعزز قوة الاقتصاد الرقمي الوطني، من خلال السماح بتأسيس تعاونيات جديدة في المجالات الرقمية والتوسع بالأنشطة التكنولوجية الحديثة.

7 التزامات

وقال آل صالح إن القانون حدد 7 التزامات يجب على «التعاونيات» أن تراعيها للحفاظ على المبادئ الأساسية للقطاع التعاوني من أبرزها، تنفيذ السياسة العامة للتعاونيات والمنبثقة عن القانون ولائحته التنفيذية، والمساهمة الطوعية في المسؤولية المجتمعية، ولا سيما عبر تخصيص نسبة من أرباحها السنوية أو التراكمية لهذا الغرض، وعدم إثارة الكراهية والنزاعات الطائفية أو العنصرية أو الدينية، والعمل على رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي لأعضائها، وأوضح أن قانون التعاونيات الجديد نظم الإجراءات وآليات العمل في مجال التعاونيات وتأسيس الشركات التعاونية الجديدة في الدولة، كما منح الحق لوزارة الاقتصاد والسلطات المختصة مسؤولية الإشراف والمتابعة على الجمعية التعاونية ونشاطها وأعضائها ومساهميها وفقاً لآليات واضحة، إضافة إلى حوكمة عمليات إعداد السياسة العامة للتعاونيات وفئاتها.

أفضل الممارسات

وأكدت سماح الهاجري، مديرة إدارة التعاونيات والمخزون الاستراتيجي في وزارة الاقتصاد، أن الإمارات تمضي قدماً في تطوير قطاعها التعاوني وفق أفضل الممارسات العالمية، وتعزيز مكانة الدولة الرائدة في القطاع التعاوني إقليمياً وعالميا، وأشارت الهاجري إلى أن القانون يسمح للتعاونيات بفتح فروع لها في الدولة بعد موافقة السلطات المختصة، كما يمنح التعاونية الحق في التحول إلى شركة بالشكل المحدد وفقاً للشروط التي ستحددها اللائحة التنفيذية، ويمكن للتعاونية الاندماج مع تعاونية أخرى بعد الحصول على موافقة السلطة المختصة.

معايير التأسيس

وأوضحت أن القانون الجديد وضع مجموعة من المعايير لتأسيس تعاونية جديدة، ففي مرحلة التأسيس، ينتخب المؤسسون من بينهم لجنة بعضوية 3 أشخاص بحد أدنى، تتكون من رئيس ونائب للرئيس ومسؤول مالي، تتولى مهام وصلاحيات يتم الاتفاق عليها لإتمام إجراءات التأسيس والتعاقدات والصرف وتمثيل التعاونية قانونياً أمام الجهات الرسمية، كما سمح القانون للتعاونيات من النوع نفسه أن تؤسس اتحاداً تعاونياً فيما بينها، ويمكن لأي عدد من التعاونيات المرخصة أن تكون فيما بينها تعاونيات مشتركة.

العقوبات والغرامات

وأكدت الهاجري أن القانون حدد مجموعة من العقوبات والغرامات الجزائية بحق المخالفين بالتعاونيات منها، فرض غرامة مالية لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، لكل من يتقدم ببيانات كاذبة أو مضللة في عقد التأسيس أو النظام الأساسي أو في نشرات الاكتتاب في الأسهم أو البيانات والتقارير السنوية، وفرض غرامة مالية لا تقل عن 100 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم لكل من استعمل بغير حق اسماً أو شعاراً يظهر للجمهور بأن هذا العمل أو المشروع تعاوني، وكذلك كل من استخدم شعاراً تعاونياً على غير الحقيقة.

توزيع الأرباح

أوضح القانون الجديد أن توزيع صافي الأرباح بعد خصم الاحتياطي القانوني المقرر بنسبة %10 من صافي الأرباح تستقطع سنوياً إلى أن يصل %50 من رأس المال، ويكون توزيع الأرباح في شكل عوائد على المعاملات تمنح لكل عضو وفقاً لحجم تعاملاته مع التعاونيات، وعوائد على الأسهم لجميع الأعضاء وفق النسبة المعتمدة من الجمعية العمومية، والعوائد المتأتية على الأسهم التمويلية والأدوات المالية، بالإضافة إلى مكافأة أعضاء مجلس الإدارة، على أن تحدد الجمعية العمومية للتعاونية هذه المكافأة، بما لا يتعدى 10% من صافي أرباحها السنوية، وكذلك ما تقرر الجمعية العمومية تخصيصه للمسؤولية المجتمعية.