انطلقت في دبي أمس النسخة الثانية من ملتقى طاقة المستقبل، الذي تنظمه وزارة الطاقة والبنية التحتية تحت عنوان «الاقتصاد ومستقبل الطاقة» ويشكل الملتقى لبنة رئيسة لاستشراف مستقبل قطاع الطاقة للخمسين عاماً المقبلة بما يلبي متطلبات المرحلة المقبلة في المسيرة التنموية للدولة وبناء قدراتها لتكون أحد المزودين الرئيسيين لطاقات المستقبل بأنواعها؛ المتجددة والنووية والهيدروكربونية وطاقة الهيدروجين.

ويكتسب ملتقى طاقة المستقبل، الذي حظي بحضور بارز، منهم هيثم الغيص، الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، والمهندس شريف العلماء، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لقطاع الطاقة والبترول، والمهندس يوسف آل علي، الوكيل المساعد لقطاع الكهرباء والمياه وطاقة المستقبل، وعدد من المسؤولين الدوليين، وذوي الاختصاص والشركاء في الجهات الحكومية والخاصة، يكتسب أهمية كبرى لدوره في دعم مستهدفات الإمارات التي تعد من البلدان الأكثر اهتماماً بالطاقة النظيفة، وتعزيز قدراتها في ظل التغيرات العالمية من خلال تصميم مبادرات وخطط عمل طموحة لقطاع الطاقة، وتحديد المبادرات والرؤى الطموحة للانتقال لمرحلة جديدة تدعم تنويع مصادر الطاقة، إضافة إلى مواصلة مسيرة الإنجازات والعبور بسلاسة واقتدار لخمسين عاماً مقبلة من التميز والريادة العالمية.

 

مرحلة جديدة

 

وأثنى شريف العلماء، على الملتقى الذي يتيح للمعنيين بقطاع الطاقة وذوي الاختصاص التفاعل المباشر ومناقشة خطط العمل المستقبلية التي تعتبر بمثابة خريطة طريق لمرحلة جديدة من التنمية الشاملة وفق رؤية حكومة المستقبل، والأثر الإيجابي لمثل هذه الملتقيات والمبادرات الطموحة في تعزيز مركز الدولة في عدد من المؤشرات العالمية ذات الصلة بقطاع الطاقة بمختلف أشكالها، وتحقيق مستهدفات الدولة وطموحها بالريادة العالمية، مؤكداً أهمية الملتقى في ظل استعداد دولة الإمارات لاستضافة الدورة الـ 28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28) العام المقبل 2023.

وقال: «حققت دولة الإمارات، خلال السنوات الماضية، إنجازات نوعية وطموحة في قطاع الطاقة، ونحن اليوم حريصون على الاستعداد جيداً للخمسين عاماً المقبلة بشأن هذا القطاع، باعتباره من القطاعات الحيوية المعززة لمسيرة التنمية المستدامة، ومحوراً رئيساً لجذب الاستثمارات الأجنبية، وإن الدولة تتبع نهجاً واضحاً للتخطيط لمستقبل الطاقة ومعالجة التغير المناخي، وتولي اهتماماً كبيراً برسم مستقبل قطاع الطاقة، من خلال وضع خطط التطوير والتصورات والتوجهات الاستراتيجية للـ 50 عاماً المقبلة بما يعزز ريادة الإمارات إقليمياً وعالمياً».

 

3 محاور

 

وأوضح شريف العلماء أن خطة وزارة الطاقة والبنية التحتية تركز، ضمن مسار النموذج الاقتصادي والقطاعات للـ 50 عاماً المقبلة، على ثلاثة محاور هي «الطاقة المتجددة والنظيفة، النفط والصناعات البتروكيميائية والتعدين، والنقل البري والبحري»، فيما تستهدف إرساء بنية تحتية تنظيمية قادرة على تمكين وتحفيز الاستفادة من ابتكارات وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة لدفع عجلة نمو القطاع، وتعزيز تنافسية قطاع الطاقة، وخصوصاً النظيفة منها، وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.

وأضاف: «أثبتت الإمارات على الدوام قدرتها على استشراف المستقبل من خلال رؤية القيادة الرشيدة الرامية لتسخير الإمكانيات كافة وإيجاد الحلول لمختلف التحديات في ظل التوجه نحو مئوية الإمارات، وجعل بلادنا إحدى أكثر دول العالم تقدماً في مختلف القطاعات والمجالات وعلى رأسها الاقتصاد الأخضر والطاقة، ونرى، ضمن مستهدفاتنا للخمسين عاماً المقبلة، أهمية التركيز على محاور الطاقة والمياه بحسب التوجهات العالمية والممارسات الخاصة بأنظمة الطاقة والمياه والخدمات ذات العلاقة، لما لها من تأثيرات كبيرة على الاقتصاد بشكل عام، والتوسع في استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة لتنويع مصادر الطاقة وبرامج إدارة الطلب لخفض استهلاك الكهرباء والمياه، ورفع كفاءة الاستخدام للمحافظة على البيئة والموارد والبحث والتطوير ومتابعة وتبني التقنيات الحديثة المناسبة، وخفض البصمة الكربونية، إضافة إلى توفير بيئة مثالية لتمكين الكفاءات الوطنية والشباب وتعزيز مساهماتهم القيّمة في دفع التنمية المستدامة».



رؤية طموحة



وأضاف وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لقطاع الطاقة والبترول: «إننا نعمل اليوم برؤية طموحة تستشرف المستقبل لمتابعة المسيرة التنموية لدولة الإمارات، عبر رسم وتطوير السياسات والمبادرات والمشروعات بالتعاون مع شركائنا في الجهات الاتحادية والحكومات المحلية والقطاع الخاص لمستقبل أكثر جاهزية ورشاقة واستباقية في التعامل مع المتغيرات والمستجدات لجعل دولة الإمارات الأفضل في العالم بحلول 2071».

 

دور قيادي



وقدم هيثم الغيص، أمين عام منظمة أوبك، خلال مشاركته في الملتقى عبر تقنية الاتصال المرئي، الشكر والتقدير لدولة الإمارات العربية المتحدة لمساهماتها القيّمة والمهمة في قطاع الطاقة الدولي، مضيفاً إن لمعالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، دوراً قيادياً بارزاً في هذا المجال، خصوصاً فيما يتعلق بشؤون المنظمة واتفاقية أوبك بلس «أوبك +».

وأشار الغيص إلى أهمية الملتقى وموضوعه الرئيسي في ظل الظروف الحالية، منوهاً أن تواجد الشباب اليوم بين الحضور عزز من أهمية هذا الحدث. فقد أشار أمين عام أوبك أن للنفط أهمية كبيرة في أمور الحياة اليومية، كما أنه يقدم فرص عمل شيقة للشباب التي من خلالها يمكنهم كسب مجموعة متنوعة من المهارات والخبرات. لذا قام الغيص بدعوة الشباب إلى توسيع آفاقهم وتعلم المزيد عن الصناعة النفطية، معرباً عن بالغ أمله أن ينضم عدد أكبر من الشباب في المستقبل إلى هذا القطاع.

وأكد هيثم الغيص أن هدف منظمة أوبك واتفاقية أوبك بلس هو التوصل إلى سوق نفط مستقر ومتوازن لما له من فوائد للمنتجين، المستهلكين، المستثمرين والاقتصاد العالمي. كما تطرق أمين عام أوبك لعدد من القضايا المهمة التي تمس القطاع، من أبرزها فقر الطاقة والنقص الحاد في استثمارات جميع مراحل إنتاج النفط (مثل التكرير).

كما هنأ الغيص سيدات دولة الإمارات بمناسبة يوم المرأة الإماراتي (28 أغسطس)، متمنياً لهم المزيد من التقدم، النجاح والازدهار.



جلسة حوارية



وضمن فعاليات ملتقى طاقة المستقبل، عُقِدت جلسة حوارية جمعت عدداً من رواد الأعمال، وتم خلالها مناقشة دور ريادة الأعمال والابتكار باعتبارها مفتاحاً رئيساً لتطوير قطاع الطاقة، وخصوصاً المتجددة والنظيفة منها، إلى جانب الفرص المتاحة لتسريع وتيرة تنويع مصادر الطاقة، كونها إحدى الدعائم الرئيسة للاقتصادات الوطنية، وجذب رواد الأعمال والاستثمارات لدولة الإمارات، وركز المتحدثون على أهمية الملتقى في ظل التوجه العالمي الفعلي لتبني أنواع مختلفة من مصادر الطاقة.

كما ناقش الملتقى، ضمن جلستي رؤية اقتصادية لمشاريع قطاع البترول والغاز والثروة المعدنية، وقطاع الكهرباء والماء وطاقة المستقبل، الدور المحوري الذي تضطلع فيه تلك القطاعات في تمكين النمو الاقتصادي في الإمارات للخمسين عاماً المقبلة، وضرورة العمل بشكل دؤوب لزيادة كفاءة عمليات إنتاج الطاقة بمختلف أشكالها، والتوازن بين الإنتاج وحماية البيئة، من خلال تقليل البصمة الكربونية بالاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتقنيات المستدامة كمثال التقاط الكربون واستغلاله في تعزيز إنتاج البترول.

 

مشاريع ملهمة



على هامش فعاليات ملتقى طاقة المستقبل، نظمت وزارة الطاقة والبنية التحتية، ضمن سلسة مبادرة «مشاريع ملهمة لطاقة مستدامة»، ورشة عمل بعنوان «الاقتصاد ومستقبل الطاقة»، سلط الضوء على الدور الرئيس الذي تلعبه الطاقة بمختلف أشكالها في دعم الاقتصادات الوطنية، وجذب الاستثمارات، ودعم مشاريع الخمسين التي تمثل سلسلة من المشاريع التنموية والاقتصادية تهدف إلى تسريع عجلة التنمية في دولة الإمارات، إضافة إلى دور الطاقة في تعزيز مكانة دولة الإمارات التنافسية إقليمياً وعالمياً، وتحقيق مستهدفات الإمارات للخمسين عاماً المقبلة، وقد شارك فيها نخبة من الأكاديميين وذوي الاختصاص وممثلين عن القطاع الخاص بالإضافة إلى طلبة الجامعات.