من المحتمل أن يقرر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي التحرك قريباً لمواجهة مخاطر وتحديات السوق، التي قد تتزايد حدتها إذا ما استمر الاتحادي في شراء السندات. ويتوقع أن يحصل الدولار على الدعم إذا ما تزايدت تدفقات رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة.

فقد هدأت التوقعات حيال قرار البنك الانسحاب تدريجياً من برنامج شراء السندات، لا سيما بعدما أظهر مسح رسمي انخفاض مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي خلافاً للتوقعات. ويتوقع مراقبون اقتصاديون أن يعاود مؤشر الثقة تراجعه إذا ما جاء تقرير الوظائف أقل من التوقعات. وفي الوقت الحالي، ما زال الاقتصاد الأميركي في وضع جيد مقارنة بالاقتصاد الأوروبي، ما يوفر قدراً من الحماية للعملة.

عقب بداية قوية في التعاملات الأسبوعية، انخفض الدولار إلى أدنى مستوى له في النصف الثاني من الأسبوع وتراجع عن المكاسب التي سجلها في مايو ومني بخسائر كبيرة مقابل الين.

وانخفض الدولار عقب صدور بيانات مؤشر معهد إدارة التوريدات لنشاط المصانع الأميركية التي أظهرت انخفاض المؤشر إلى 49.0 في مايو من 50.6 المسجلة في الشهر السابق. وهي القراءة الثالثة على التوالي التي تظهر انخفاض المؤشر إلى ما دون مستوى 50 في أربعة أعوام وأقل قراءة منذ يونيو 2009. وأصيب المتعاملون بخيبة أمل حيال البيانات الرئيسة، إذ بالكاد ارتفع مؤشر الوظائف فوق مستوى 50 فيما تراجعت الطلبيات.

مخاوف

أكدت (إيستر جورج) رئيسة بنك الاحتياطي الفيديرالي في كانساس سيتي مخاوفها حيال التيسير الكمي وواصلت الضغط على البنك من أجل تقليص حجم مشترياته من السندات. ولكن لم يكن للنبرة المتشددة تأثير كبير قبيل صدور بيانات الوظائف المهمة المترقب صدورها يوم الجمعة وتقرير شركة ايه دي بي للقطاع الخاص المترقب صدوره يوم الأربعاء.

وأظهر تقرير شركة ايه دي بي أن القطاع الخاص بالولايات المتحدة أضاف 135 ألف وظيفة في مايو، خلافاً لتوقعات الاقتصاديين، وتم تعديل قراءة إبريل بالخفض لتظهر إضافة 113 ألف وظيفة.

وفي ظل تقارير الوظائف الحكومية التي أظهرت انخفاضاً مستمراً في معدل التوظيف هذا العام والتأثير السلبي المحتمل من هذه البيانات، عمت الأسواق مخاوف حيال تقرير الوظائف الذي صدر يوم الجمعة، والذي جاء أقل من التوقعات.

وفي المقابل، عمت الأسواق موجة من التفاؤل حيال بيانات مؤشر مديري إدارة المشتريات في القطاع غير الصناعي؛ إذ أظهر المؤشر تحسن النشاط بنسبة 53.7 من 53.1. ولكن، أصيب المتعاملون بخيبة أمل حيال تقرير الوظائف.

نمو متواضع

وكشف تقرير البنك الاحتياطي الاتحادي المعروف بـ"كتاب بيج" عن نمو متواضع إلى معتدل في معظم المقاطعات، وأظهرت مقاطعة دالاس نمواً قوياً. وأكد التقرير أن قطاع البناء ما زال يحافظ على قوته في جميع المقاطعات وأن سوق العمل آخذ في التحسن رغم الاختلافات الإقليمية الرئيسة.

وعلى صعيد العملة، ما زالت العملة الأميركية عرضة لتسوية المراكز المالية وتقليص المراكز الطويلة. وارتفعت التقلبات في وقت لاحق من جلسة نيويورك يوم الخميس وتعرض الدولار لضغوط بيعية كبيرة لا سيما مقابل الين.

ويتوقع أن تستمر الأسواق بالتركيز على التوقعات المتعلقة بموقف الاحتياطي الاتحادي واتجاهات النمو العالمية وأن يظل الدولار ضعيفاً مع تراجع التوقعات. كما يتوقع أن تكون اتجاهات الأسواق الناشئة مهمة جداً لاتجاهات العملة الأميركية الحالية، التي يتعين عليها تفادي حدوث مزيد من الخسائر الفادحة. ويتوقع أن يظل التذبذب المرتفع السمة المهمة.

حركة يورو مبهمة

في أوروبا، كانت حركة اليورو غير واضحة مقابل العملات الرئيسة بعامة، ولكنه تقدم بقوة مقابل الدولار وسجل أعلى ارتفاع له في ثلاثة أشهر وتم التعامل به فوق 1.32.

وأصيب المتعاملون بخيبة أمل حيال البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخراً في منطقة اليورو، إذ أظهرت القراءة النهائية لمؤشر مديري المشتريات بقطاع الخدمات في منطقة اليورو انكماش القطاع بوتيرة أقل من المتوقع بلغت 47.2 من 47.5 في القراءة السابقة، يقابله تحسن ملحوظ في بيانات القطاع الصناعي.

وانخفضت مبيعات التجزئة في منطقة اليورو أكثر من المتوقع بنسبة 0.5% دون تحسن يذكر في مؤشر الثقة، رغم أن ردود الفعل الإجمالية كانت محدودة. وفي سوق السندات، واصلت السندات الإسبانية لأجل عشرة أعوام انخفاضها بعدما باعت البلاد في المزاد سندات بقيمة 4.02 مليارات يورو مستحقة في 2015 و2016 و2023.

وكما كان متوقعاً، قرر البنك المركزي الأوروبي الإبقاء على معدل فائدته الرئيسة دون تغيير عند 0.50 في المئة في ختام اجتماع المجلس وسط ترقب الأسواق المؤتمر الصحافي لـ (دراجي).

وبصفة عامة، ما زالت تصريحات رئيس البنك المركزي الأوروبي متشائمة حيال توقعات النمو، حيث خفض توقعاته لنمو اقتصاد منطقة اليورو هذا العام لكنه أبقى على توقعاته للتضخم دون تغيير يذكر. وحث (دراجي) الحكومات في المنطقة على ضرورة البدء في اتخاذ الإصلاحات لبناء الثقة، وأكد في الوقت نفسه أن البنك ما زال حريصاً جداً على الضغط على الساسة.

وإذ يتركز معظم الاهتمام على تصريحاته حول أسعار الفائدة السلبية، أوضح (دراجي) أن البنك المركزي الأوروبي على استعداد لأن يفرض أسعار فائدة سلبية عند اللزوم، ولكنه لا يرى أية ضرورة للقيام بذلك في الوقت الحاضر، وكانت نبرته أكثر ثقة؛ إذ أشاد بخطة شراء السندات الأوروبية المعروفة بـ"عمليات السوق المفتوحة".

وأعرب عن معارضته اتخاذ مزيد من التدابير في الوقت الحالي ولم يقدم أية تلميحات حيال أي تحول في السياسة في المدى القصير ما أدى إلى تحسن توقعات العائد التي دعمت اليورو.

مكاسب الاسترليني

في بريطانيا، استطاع الجنيه الاسترليني أن يحقق أول مكسب أسبوعي له في ستة أسابيع مقابل اليورو. وارتفع إلى أعلى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر مقابل الدولار الأميركي، إذ انخفضت العملة الأميركية مقابل كافة العملات باستثناء عملتين من أصل 16 عملة رئيسة.

وانخفضت السندات الحكومية البريطانية للأسبوع الثالث على التوالي عقب قرار أعضاء السياسة النقدية في بنك إنجلترا الإبقاء على تدابير التحفيز النقدي دون تغيير في آخر اجتماع يترأسه ميرفين كينغ؛ محافظ البنك.

أسعار الفائدة

أبقى بنك انجلترا المركزي في اجتماعه الأخير على سعر الفائدة عند 0.50% وبرنامج شراء السندات عند 375 مليار جنيه دون تغيير كما كان متوقعاً. ويتوقع أن تدعم السياسة النقدية الحالية الجنيه الاسترليني الذي يتعامل به بالقرب من 0.85 مقابل اليورو والذي واصل ارتفاعه مقابل الدولار الأميركي الضعيف.

وارتفع الجنيه الاسترليني إلى أعلى مستوى له وتم التعامل به فوق 1.56 ليسجل مستويات مماثلة للمستويات التي سجلها في إبريل، إذ خضع الدولار لعمليات بيع واسعة.

وتحسنت الثقة في التوقعات الاقتصادية عقب سلسلة من المسوحات المواتية، وخصوصاً في قطاع الخدمات، وتزايدت الثقة حيال قطاع المساكن. وإلى ذلك، يتوقع أن تتراجع التكهنات حيال احتمال أن ينظر محافظ بنك إنجلترا الجديد (كارني) في تعديل السياسة النقدية واتخاذ مزيد من إجراءات التيسير الكمي.

ارتفاع الين وتراجع نيكي

 

ارتفع الين الياباني بقوة في تعاملات الأسبوع عقب التراجع الحاد لمؤشر نيكي؛ ما أدى إلى تراجع مراكز الين القصيرة. وجدد رئيس الوزراء الياباني (آبي) التزام حكومته بدعم تدابير الإصلاح لتعزيز النمو.

وفي ظل عدم وجود تدابير محددة وعقب تراجع الين إلى مستويات منخفضة قبيل الخطاب، شهدت العملة تحولاً كبيراً في جلسة طوكيو واستطاع الين الحصول على الدعم إثر تعرض مؤشر نيكي لضغوط بيع متجددة.

وسجلت البيانات زيادة أسبوعية أخرى في صافي رأس المال للأعمال المالية الخارجية فى اليابان، حيث ارتفع صافي التدفقات إلى 1173 مليار ين ياباني من 1117 ينا يابانيا المسجل في الأسبوع السابق. واستندت عمليات بيع الين إلى توقعات تفيد باحتمال عودة تدفقات كبيرة من رؤوس الأموال.

وانخفض مؤشر نيكي بنسبة تزيد عن 20% من أعلى مستوى له، وعمت الأسواق مخاوف من استدعاء الهامش ما يؤدي إلى مزيد من عمليات وقف الخسارة لشراء الين.

واستمر المؤشر في التعرض للضغط الجمعة وانخفض الدولار إلى أدنى مستوى بالقرب من 95.50 بعدما قال وزير المالية الياباني إنه يراقب تحركات العملات، ولكن أسواق الصرف ليست في مرحلة تلزم البنك بدراسة التدخل.