انكمش اقتصاد منطقة اليورو 0.6% خلال الربع الرابع وزادت حدة الركود أكثر من المتوقع في الربع الأخير من العام الماضي مع انكماش ملحوظ في ألمانيا وفرنسا أكبر اقتصادين في المنطقة في نهاية العام. ويمثل هذا الاستمرار في الانكماش للربع الثالث على التوالي على خلفية موجة إجراءات التقشف التي تبنتها عدة دول في المنطقة بهدف خفض معدلات عجز الميزانية والدين العام. ويقول محللون إن هذا الانكماش سيعقد مهمة الاقتصاد العالمي الذي لا يزال يحاول الخروج من أزمة الديون الأوروبية التي ألقت بظلال قاتمة على الأسواق المالية والاقتصادات الكلية.

وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إن الناتج الاقتصادي في المنطقة التي تضم 17 دولة تراجع في الربع الأخير أيضاً بعد تراجعه 0.1% في الربع الثالث. وكان اقتصاديون قد توقعوا في استطلاع سابق أن تبلغ وتيرة التراجع 0.4% في المتوسط. وعام 2012 هو أول عام لا تسجل فيه منطقة اليورو نموا في أي من الفصول الأربعة وفقا لبيانات يوروستات التي ترجع إلى عام 1995.

قوة اليورو

وأكد البنك المركزي الأوروبي أن استمرار ارتفاع قيمة العملة الأوروبية الموحدة اليورو يمثل أبرز المخاطر على اقتصادات المنطقة خصوصاً تلك التي تعتمد على التصدير بشكل أكبر. وجاء في التقرير الشهري للبنك المركزي الأوروبي الذي أعلن عنه في فرانكفورت أنه رغم أن مخاطر حدوث تضخم متوازنة بشكل إجمالي، يمثل ارتفاع سعر اليورو أمام العملات الأخرى خطرا للتدهور.

وأشار البنك في تقريره إلى أن ارتفاع سعر اليورو يخفض أسعار الواردات من الدول التي خارج منطقة اليورو وأن ذلك يتزامن مع ضغط على مستوى الأسعار من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض معدلات التضخم بشكل واضح دون الحاجز الذي يسعى إليه البنك المركزي الأوروبي وهو 2% وهو ما يمكن أن يجبر البنك على اتخاذ إجراءات مضادة لذلك مثل خفض قيمة الفائدة على سبيل المثال.

وأعلن المكتب الفدرالي الألماني للاحصاءات (ديستاتيس) ان اجمالي الناتج الداخلي لالمانيا تراجع 0.6% في الفصل الرابع من 2012 عما كان عليه في الربع الثالث بسبب انخفاض الصادرات. وكان المكتب الفدرالي قدر التراجع في الفصل الاخير بـ0.5% فقط، لذلك جاء التراجع اكبر مما كان متوقعا بعد التغييرات الموسمية والمرتبطة بعوامل بينها الاسعار. ويشكل هذا أكبر انكماش للاقتصاد الالماني منذ منتصف العام 2009 عندما ضربت الازمة المالية الاقتصاد العالمي بقوة.

تراجع فرنسي

وفي فرنسا تراجع اجمالي الناتج الداخلي 0.3% وكان النمو معدوما في 2012، حسب ارقام نشرها المعهد الوطني الفرنسي للاحصاءات ايضا. وفي 2012، سجل نمو اجمالي الناتج الداخلي لفرنسا انخفاضا عما كان في 2011 حيث بلغ 1.7%. ويمكن ان يعقد هذا الانكماش مهمة الحكومة الاشتراكية التي كانت تعول على نمو سنوي بنسبة 0.3% في 2012 لاعادة العجز العام الى معدل 4.5% من اجمالي الناتج الداخلي.

النمسا وايطاليا

وبالمثل تراجع نمو الاقتصاد النمساوي أواخر عام 2012 للمرة الأولى منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام، وذلك بحسب ما أعلن معهد "فيفو" النمساوي لأبحاث الاقتصاد في فيينا. وأشار المعهد إلى أن إجمالي الناتج القومي للنمسا تراجع في الربع الأخير من العام الماضي بنسبة 0.2% وأن هذا التراجع هو الأول منذ الربع السنوي الأول عام 2010.

وأظهرت الأرقام أن إجمالي الناتج المحلي الإيطالي انكمش بنسبة 0.9% خلال الربع الممتد من أكتوبر إلى ديسمبر الماضيين مقارنة بالربع الثالث فيما تعد نسبة أعلى بكثير من النسبة المتوقعة. وكانت مجموعة يوني كريديت المصرفية قد توقعت بانكماش الاقتصاد بنسبة 0.4 % بجانب المخاطر الجانبية. كما تراجع إجمالي الناتج المحلي الإيطالي للربع السادس على التوالي ليقع الاقتصاد في أعمق دائرة ركود في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

أطفال أوروبا يواجهون خطر الفقر

 قالت منظمة كاريتاس الخيرية العالمية: إن نحو ثلث أطفال اليونان وأيرلندا والبرتغال وايطاليا واسبانيا يدفعون دفعاً نحو الفقر بسبب إجراءات التقشف التي تستهدف خفض الدين العام.

وتبين إحصائيات المفوضية الاوروبية أنه في عام 2011 أصبح أكثر من 30% من الاطفال في اسبانيا واليونان يواجهون خطر الفقر بزيادة أربع نقاط مئوية منذ عام 2005. وفي البرتغال كان الرقم 28.6%.

وذكرت المنظمة، وهي تستشهد باحصائيات من الاتحاد الاوروبي، أن ايطاليا ودول منطقة اليورو التي حصلت على قروض دولية تنتج جيلا من الصغار الذين يعانون من الفقر الغذائي وانخفاض الروح المعنوية وتدني فرص العثور على وظائف مع الزيادة المستمرة في عدد الاطفال الذين يواجهون خطر الفقر.

ومنذ عام 2010 حصلت اليونان وايرلندا والبرتغال واسبانيا على عشرات المليارات في صورة قروض من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل خفض الانفاق وزيادة الضرائب. ولم تحصل ايطاليا المثقلة بالديون على قرض دولي. وزاد معدل الاطفال الذين يقتربون من حد الفقر في الدول الخمس مع ذروة الأزمة في عام 2008 وازداد سنويا حتى عام 2011 . ولم تتوفر بعد الاحصائيات لعام 2012 .