أعلنت الحكومة الإسبانية اعتزامها خفض الإنفاق العام حتى عام 2014 بمقدار 102 مليار يورو أي 122 مليار دولار.
ومن المقرر تقديم مشروع الموازنة الجديد إلى المفوضية الأوروبية التي تطالب بمزيد من إجراءات التقشف في إسبانيا مقابل زيادة الفترة المتاحة لإسبانيا لكي تخفض عجز ميزانيتها إلى المعدل المستهدف. وتشمل إجراءات التقشف الحزمة السابقة التي تبلغ قيمتها 65 مليار يورو وتتضمن زيادة ضريبة القيمة المضافة وإلغاء مكافأة رأس السنة التي كان يحصل عليها العاملون في الدولة والقطاع العام.
خفض العجز
وتحاول حكومة رئيس الوزراء الأسباني ماريانو راخوي خفض عجز الميزانية من 8.9% العام الماضي إلى 2.8% عام 2014. وتتوقع أسبانيا انكماش اقتصادها خلال العام المقبل بمعدل 0.5% من إجمالي الناتج المحلي قبل أن يسجل نموا بمعدل 1.2% عام 2014. وفي الوقت نفسه لم يستبعد راخوي احتمال طلب أسبانيا مساعدة البنك المركزي الأوروبي ومنطقة اليورو لخفض الفائدة على سندات الخزانة الإسبانية في أسواق المال.
وقال راخوي إن أسبانيا ستقرر ما إذا كانت ستطلب المساعدة من منطقة اليورو بعد أن يوضح البنك المركزي الأوروبي طبيعة الإجراءات التي يعتزم اتخاذها لتقليل أسعار الفائدة على سندات الدول المتعثرة ماليا في منطقة اليورو. وكان رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي قد قال إن الدول المتعثرة ماليا وتريد مساعدة البنك المركزي بشراء سنداتها عليها أن تطلب أولا المساعدة من صناديق إنقاذ منطقة اليورو.
جدلية الإجراءات
وقال راخوي في مؤتمر صحفي بالعاصمة مدريد إن أسبانيا تريد أن تعرف أولا إذا كانت الإجراءات التي قال دراجي إنها "إجراءات غير تقليدية" مناسبة لبلاده أم لا. واعترف راخوي بأنه من الصعب للغاية على إسبانيا الحصول على قروض أو إعادة تمويل لديونها الحالية. وتراهن أسبانيا على قيام البنك المركزي الأوروبي بشراء سنداتها من الأسواق بهدف خفض سعر الفائدة المرتفع على هذه السندات حاليا. وقال محللون في مدريد إن طلب أسبانيا الحصول على مساعدات مالية تمثل مساعدات إنقاذ جزئيا سيفرض على مدريد اتخاذ المزيد من إجراءات التقشف الاقتصادي ووضعها تحت إشراف البنك المركزي الأوروبي ومنطقة اليورو.
تكاليف الاستدانة
يأتي ذلك فيما ارتفعت تكاليف استدانة إسبانيا بعد أن عجز البنك المركزي الأوروبي عن الإعلان عن خطط فورية للتصدي لأزمة ديون منطقة اليورو. وبلغ العائد على السندات الإسبانية لأجل عشر سنوات 7.4% أي أعلى بكثير عن مستوى 7% الخطير. وارتفع هامش المخاطرة الذي يقيس الفارق بين عوائد السندات الإسبانية والألمانية العشرية إلى 616 نقطة أساس. ويرى محللون أسبان أن دراجي كما لو أنه يدفع إسبانيا نحو طلب حزمة إنقاذ مالي ثانية جزئية بعد أن تعهدت منطقة اليورو بتقديم ما يصل إلى 100 مليار يورو أي 120 مليار دولار في شكل مساعدة للقطاع المصرفي للبلاد.
المركزي الاوروبي يتبنى إجراءات غير تقليدية
ازاء الخلل الذي تعاني منه سوق المصارف منذ العام 2007، والازمة المالية في 2008، رد المركزي الاوروبي بتعديل معدل الفائدة الرئيسي وايضا بتبني اجراءات "غير تقليدية". واستخدم المصرف الذي يعتبر حامي الاستقرار المالي اداته الرئيسية وهي معدل اعادة التمويل.
ومن خلال خفض المعدل، فان "المركزي" يعزز عرض قروض المصارف الاوروبية مما يجعل الاقتراض اقل كلفة. وبعد اندلاع ازمة قروض الرهن العقاري عالية المخاطر والتي يظل رمزها افلاس مصرف ليمان براذرز في سبتمبر 2008، فان المركزي الاوروبي اضطر الى التدخل لمواجهة ازمة مالية عالمية لا سابق لها. وبسبب تركيز المصرف على مكافحة ارتفاع الاسعار، تاخر في خفض معدله الاساسي لا بل انه رفعه في يوليو 2008 الى 4,25%.
الا ان الامر انتهى بالمصرف الى الاحتذاء بالمركزي الاميركي ولو بعد تاخير، وقام بالتالي بخفض معدل الفائدة الرئيسي مرات عدة اعتبارا من اكتوبر 2008 ليصل الى 1% في مايو 2009. الا انه سيعود الى رفعه في ابريل ويوليو 2011 قبل ان يتسع نطاق ازمة الديون.
ومنذ يوليو وهذا المعدل متوقف عند 0,75% وهو يعتبر مستوى اخر متدنيا في تاريخ البنك.
وعلاوة على عمليات اعادة التمويل المعتادة من سبعة ايام، لجا المصرف المركزي الاوروبي الى عمليات على المدى الطويل وذلك اعتبارا من 2008 بمهل تتراوح بين ستة اشهر وعام لقيم غير محددة وبمعدلات ثابتة.
الا ان المركزي الاوروبي، الذي لم يحبذ الاداة التي استخدمت ابان ازمة الديون اليونانية الاولى قبل ان يتم توسيع نطاقها في صيف 2022 للحد من ارتفاع اسعار معدلات قروض اسبانيا وايطاليا، لم يعد يلجأ اليها منذ اواسط مارس، لا بل منذ فبراير اذا استثنينا عملية شملت مبلغا بسيطا. وبات اجمالي قيمة هذه العمليات 211,5 مليار يورو.
