تراجع النفط أمس لمخاوف بشأن نمو الطلب في حين هدأت بواعث القلق من تعطل إمدادات مع انتهاء إضراب بقطاع النفط في النرويج.
ونزل برنت عن 99 دولارا للبرميل بعد أن انحدرت واردات النفط من قبل الصين ثاني أكبر مستهلك له في العالم إلى أدنى مستوياتها هذا العام في يونيو بعد تسجيل مستوى قياسي مرتفع في الشهر السابق، حيث عمدت شركات التكرير إلى تقليص المشتريات وسط تباطؤ في الطلب على النفط.
هبوط حاد
وهبط برنت أكثر من دولارين للبرميل ليسجل 98.22 دولارا بعد أن قفز اثنين بالمئة لتتحدد التسوية فوق 100 دولار في الجلسة السابقة بفعل المخاوف من أن يتسبب إضراب النرويج في توقف تام للإنتاج بثامن أكبر بلد مصدر للخام في العالم. وفي إحدى مراحل التداول انخفض سعر برنت 1.77 دولار إلى 98.55 دولارا في حين فقد الخام الخفيف 94 سنتا ليسجل 85.05 دولارا للبرميل.
إنتاج النرويج
وقالت شركة شتات أويل النرويجية إنها تعتزم أن تستأنف على الفور كل إنتاجها في الجرف القاري النرويجي بما في ذلك الإنتاج من حقلها اوسبرج وذلك بعد أن أوقفت الحكومة اضرابا للعمال في المناطق البحرية. وقالت الشركة في بيان: قد يتطلب استئناف الإنتاج من يوم إلى يومين وتتوقع شتات اويل ان تعود الحقول الى الإنتاج الكامل خلال اسبوع.
أزمة إيران
وقال مراقبون إن إيران تضطر تحت وطأة العقوبات الغربية الصارمة لاتخاذ إجراء مؤلم يتمثل في إغلاق آبار في حقولها النفطية الشاسعة الأمر الذي دفع الإنتاج لمستويات لم يبلغها منذ أكثر من عقدين وأفقد طهران إيرادات بالمليارات.
وجاهدت إيران لبيع نفطها قبل بدء سريان حظر أوروبي في الأول من يوليو وأبقت في الوقت ذاته على إنتاجها النفطي عند مستويات عالية تتجاوز ثلاثة ملايين برميل يوميا بعد أن خزنت الكميات غير المطلوبة في صهاريج على البر وناقلات في البحر.
لكن المبيعات النفطية تراجعت الآن إلى نصف ما كانت عليه قبل عام كما أن أماكن التخزين تكاد تنفد. وكملاذ أخير تجري إيران صيانة «اضطرارية» للمكامن النفطية المتقادمة حسبما تقول مصادر نفطية إيرانية وغربية وهو ما من شأنه خفض الإنتاج لما دون ثلاثة ملايين برميل يوميا.
وضع مبهم
وقال مصدر نفطي إيراني طلب عدم نشر اسمه لحساسية المعلومات: نحن الآن في وضع مضطرين فيه لتقليل الإنتاج لذا سنطيل أمد إعادة تأهيل حقولنا النفطية. وليس من المتوقع أن تبوح إيران بالكثير.
فحين بدأت مبيعات النفط في التراجع في مارس بسبب القيود التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم تقر إيران إلا في يونيو بأن صادراتها انخفضت انخفاضا كبيرا.
وفيما يتعلق بتراجع الإنتاج -وهو نتيجة حتمية لاستمرار تراجع الصادرات- استمرت إيران في التزام الصمت وبات الحصول على معلومات دقيقة أمرا في غاية الصعوبة. وقال مسؤول نفطي إيراني أصر على عدم نشر اسمه: في العمليات -سواء عمليات المنبع أو المصب- الصيانة ليست بالأمر غير المتوقع... من الطبيعي جدا إجراء بعض الصيانات.
وأحجم عن التعليق عما إذا كانت إيران تغتنم الفرصة لإجراء صيانة في حقولها النفطية مع تراجع الصادرات الآن بنحو مليون برميل يوميا عن مستواها في العام الماضي. ويرى خبراء نفط غربيون أن عدم توافر أماكن التخزين وهبوط المبيعات النفطية ربما أجبرا طهران على خفض الإنتاج بمئات الآلاف من البراميل يوميا على الأقل.
ومما يزيد الأمر تعقيدا تغيير بعض القيادات في شركة النفط الوطنية. فقد تم تعيين محمد علي خطيبي مندوب إيران في مجلس محافظي منظمة أوبك مديرا لإدارة الشؤون الدولية بالشركة خلفا لمحسن قمصري الذي تولى المنصب قبل نحو عام فقط.
تراجع الشحنات
وتراجعت شحنات النفط باطراد مع تقليص المشترين لوارداتهم امتثالاً للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب القلق من أن تكون إيران تسعى لإنتاج قنبلة نووية.
وفي الشهر الماضي أقرت إيران بأن صادراتها انخفضت انخفاضاً حاداً بما بين 20 و30 في المئة من الأحجام المعتادة حول 2.2 مليون برميل يومياً. وأرجع محمد علي عمادي المسؤول بشركة النفط الوطنية الإيرانية التراجع لأعمال صيانة في الحقول لا للعقوبات المفروضة بسبب برنامج إيران النووي. و
حين كان هناك إلحاح في السؤال عن تفاصيل أعمال الصيانة في الحقول امتنع ثلاثة مسؤولين إيرانيين كبار عن التعليق. ولا نهاية للتكهنات بين مسؤولي الشركات وصناع السياسة الغربيين.
وقال مصدر بالصناعة يتابع الإنتاج والتصدير الإيراني: سمعت عن إغلاق بعض الحقول وبمجرد النظر إلى الأرقام أعتقد أن هذا صحيح. لا أظن أن عندهم مساحة كبيرة أخرى يمكن وضع النفط بها. وأضاف: لكني متأكد أنهم لا يريدون الاعتراف بهذا أو إعطاء أي أفكار عن الحقول المعنية.
طهران تواجه مشكلة تراجع عملتها وارتفاع أسعار السلع
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن إيران و في ظل العقوبات الدولية عليها بسبب برنامجها النووي، تجد نفسها أمام مشاكل اقتصادية عدة من بينها تراجع قيمة عملتها إلى جانب ارتفاع أسعار معظم السلع.
وأفادت الصحيفة ان إيران تكافح في مواجهة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل عملتها الريال، وزيادة الأسعار، في وقت يشكل فيه بازار العملات في مركز مدينة طهران القديمة موضع نقاش حول كيفية حل مخاوف إيران المالية.
وأشارت إلى ان السلطات الإيرانية لن تهتم يوماً لهذا البازار إلى أن بدأ الاختلاف بين سعر الصرف الرسمي للدولار المحدد من قبل مصرفها المركزي ،والأسعار التي تعرض في الشارع يقلل الثقة بالعملة الايرانية ويزيد من كمية العملات التي يتم تداولها في الأسواق غير الرسمية.
وإذ توقفت عند ارتفاع سعر صرف الريال مقابل الدولار، وآخرها في الأسبوع الماضي يوم قدر الدولار الواحد بـ20 ألف ريال، أشارت إلى ان المسؤولين الإيرانيين بدأوا مناقشة سبل استقرار سوق الصرف لأن هذا الأمر الذي يشكل تحدياً وحملاً إضافياً على كاهل الاقتصاد المحلي.
وأشارت إلى ان الطرق المطروحة لحل الأزمة مختلفة ومن بينها التهديد بإعدام من يقومون بأعمال غير مشروعة في هذا المجال. ولفتت إلى انه في محاولة لإقناع الناس بصرف أموالهم في أماكن مرخصة وحسب، عمد وزير المالية شمس الدين حسيني إلى التحذير من وجود عملات مزورة في طهران.
وتوقفت الصحيفة عند ارتفاع أسعار السلع، مشيرة إلى ان أسعار كل ما يباع في إيران ارتفعت بسرعة منذ ديسمبر 2010 يوم رفع الدعم عن السلع الأساسية، لكن الارتفاع أصبح مثيراً للقلق بعد فرض الجولة الأخيرة من العقوبات على البلاد بسبب برنامجها النووي.
وأوضحت ان سعر ربطة الخبز الذي كان قبل سنتين ألف ريال بات الآن 10 آلاف في بعض أنحاء طهران، في حين ان سعر كيلو اللحم بات بحوالي 30 ألف ريال أي نحو 15 دولارا، في وقت لا يجني غالبية الإيرانيين أكثر مما يعادل 500 دولار شهرياً.
