استمرت المخاوف في الأسواق العالمية أمس حيث سجلت بورصات آسيا وأوروبا تراجعات جماعية متأثرة بحالة عدم اليقين التي سادت الاقتصادات العالمية. ورسم صندوق النقد العالمي صورة قاتمة عن الأوضاع الاقتصادية العالمية وقال إنه يعتزم مراجعة توقعات النمو الأمر الذي ألقى بظلاله على معنويات المستثمرين.
تداولات طوكيو
وأغلقت مؤشرات الأسهم اليابانية في بورصة طوكيو للأوراق المالية على تراجع برغم اتخاذ بنوك مركزية في العالم خطوات لتنشيط النمو إذ تراجعت أسهم شركات التصدير لارتفاع الين أمام اليورو.
وخسر مؤشر نيكاي القياسي المؤلف من 225 سهما 59.05 نقطة من قيمته أو ما يعادل 0.65% ليغلق على 9020.75 نقطة. بينما انخفض مؤشر توبكس الأوسع نطاقا بمقدار 4.54 نقاط أو بنسبة 0.58% لينهي التعاملات على 771.83 نقطة.
وأحجم المستثمرون عن التعامل في ظل عدم اتضاح الرؤية الاقتصادية. وتراجعت أسهم شركات التصدير مع ارتفاع الين أمام اليورو ليستقر عند النطاق الأعلى من مستوى 98 ينا للعملة الأوروبية الموحدة.
ويتسبب ارتفاع الين في جعل السلع اليابانية أكثر غلاء في الخارج ويقلص أرباح الشركات عند تحويلها لداخل البلاد. وانخفضت أسهم كانون بنسبة 2.5% وكوماتسو لصناعة معدات البناء بنسبة 0.36% وباناسونيك كورب بنسبة 0.32% وهوندا موتور بنسبة 0.7% ونيسان موتور بنسبة 0.53%.
وكان البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية لتصل إلى مستوى قياسي عند 75ر0%، وضخ بنك انجلترا المركزي 50 مليار جنيه إسترليني إضافية أي 78 مليار دولار في الاقتصاد البريطاني وخفض بنك الشعب الصيني المركزي سعر فائدته إلى 6%.
الأسهم الأوروبية
وتراجعت الأسهم الأوروبية إذ دفع انحسار الآمال في المزيد من اجراءات التحفيز النقدي قبل تقرير رئيسي عن الوظائف الأميركية المستثمرين إلى جني المزيد من أرباح خمسة أسابيع متتالية من المكاسب في أطول موجة صعود هذا العام.
وأذكى تقرير أفضل من المتوقع عن العمالة في القطاع الخاص التوقعات بأن يخف الضغط على مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي كي يطلق جولة جديدة من اجراءات التحفيز لكنها فشلت في تبديد المخاوف بشأن حالة أكبر اقتصاد في العالم.
وفي إحدى مراحل التداول انخفض مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 0.3 في بالمئة إلى 1041.09 نقطة بعدما أغلق منخفضا 0.1 في المئة أول من أمس الخميس. وفي أنحاء أوروبا نزل مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني 0.2 في المئة وانخفض مؤشرا داكس الألماني وكاك 40 الفرنسي 0.4 في المئة.
سندات إسبانيا
ووصل العائد على السندات الإسبانية لأجل 10 سنوات إلى 7% وهو مستوى يعتبره محللون بأنه لا يمكن تحمله على المدى الطويل. وزاد الفارق بين عائدي السندات الإسبانية والألمانية القياسية إلى 562 نقطة أساس.
ويعزو محللون الزيادة إلى رفض البنك المركزي الأوروبي اتخاذ إجراء لتخفيف اضطراب السوق يتجاوز خفض أسعار الفائدة. ولم تكن أسعار الفائدة على السندات الإسبانية مرتفعة إلى هذا الحد منذ التاسع عشر من يونيو.
وتراجعت بعد قمة للاتحاد الأوروبي حيث قررت منطقة اليورو خلالها ضخ المساعدات مباشرة إلى البنوك الإسبانية المتعثرة. وينظر إلى عائد يبلغ 7% بأنه مستوى قد تضطر إسبانيا عنده إلى أن تسلك طريق اليونان وأيرلندا والبرتغال في طلب حزمة إنقاذ كاملة لاقتصادها.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو في مؤتمر عقد في قبرص: إننا على ثقة تامة بأن السلطات الإسبانية ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لتعزيز الثقة في قدرات الاقتصاد الإسباني لمواجهة الوضع الحالي الذي هو بالطبع أمر مقلق لنا جميعا.
مخاوف النمو
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إن الصندوق سيخفض تقييمه للاقتصاد العالمي لعام 2012. وقالت لاغارد في طوكيو إن توقعات نمو الاقتصاد العالمي أصبحت أكثر إثارة للقلق.
وأضافت أن الكثير من مؤشرات النشاط الاقتصادي والاستثمار والتوظيف والتصنيع تتدهور وليس فقط في أوروبا أو الولايات المتحدة وإنما أيضا في أسواق صاعدة رئيسية مثل البرازيل والصين والهند. وأوضحت أن الإعلان عن ذلك سيتم في غضون 10 أيام.
وقالت لاغارد إن الاقتصادات المتقدمة يجب أن تتعامل مع قضية الدين العام لكنها حذرت من أن مثل هذه التخفيضات يجب ألا تكون كبيرة جدا بحيث تضعف التحسن الاقتصادي. وقالت إنها قلقة بشكل خاص حيال الولايات المتحدة.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تبذل ما تستطيع من أجل تجنب القيادة فوق ما يصفه البعض بأنه منحدر مالي. وقالت إن ذلك يشير إلى انتهاء صلاحية خفض الضرائب واستقطاعات الإنفاق التلقائية التي تم تقنينها كي تبدأ العام القادم والتي ستؤدي بشكل مفاجئ إلى إحداث انكماش في الميزانية بحوالي 4% وسيعرض ذلك ليس التعافي الاقتصادي الأميركي للخطر وإنما أيضا تعافي الاقتصاد العالمي.
وقالت لاغارد إن عاملي القلق المتعلقين بالاقتصاد الياباني هما ارتفاع الين بدرجة أكبر والخطر الذي تشكله أزمة الديون الأوروبية على الطلب على الصادرات اليابانية. وأضافت أن الين مقوم بأعلى قليلا من قيمته وهناك خطر أن يواصل ارتفاعه إذا أثارت أزمة الديون الأوروبية هروبا من الأصول التي تنطوي على مخاطر.
أسواق السلع تشهد ارتفاعاً
شهدت أسواق السلع ارتفاعاً ملحوظاً هذا الأسبوع بعد قمة الاتحاد الأوروبي. وحققت مؤشرات السلع بما فيها مؤشر طومسون رويترز/ جيفريز مكاسب عالية بنسبة كبيرة بلغت 7.5% في منتصف الأسبوع.
وكانت السلع الفائز الأكبر في أعقاب قمة الاتحاد الأوروبي، حيث اتخذ الزعماء الأوروبيون خطوات لمحاولة حل أزمة الديون السيادية، تضمنت تعزيز مرونة حزم الانقاذ المالية، والاتفاق على إنشاء اتحاد مصرفي.
وقالت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في فوركس كوم أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا إن سعر 95 دولارا للبرميل يشكل حاجز مقاومة كبيرا لخام برنت. وقد تمكن من اختراق هذا المستوى بسهولة نسبية في بداية هذا الأسبوع، وارتفع السعر منذ ذلك الحين ليصل إلى 100 دولار.
واذا تجاوزت الأسعار هذا المستوى، فإنها قد تصل إلى -104.20 دولارات للبرميل الذي سيكون بمثابة حاجز المقاومة المقبل الذي سيحافظ عليه النفط، وذلك في إطار معدل تحرك يبلغ 50 يوماً.
وتمكنت السلع من توسيع المكاسب، على الرغم من أن سعر اليورو مقابل الدولار الأميركي بدأ يتراجع في منتصف الأسبوع، وذلك بسبب التوقعات بأن البنوك المركزية في منطقة اليورو والمملكة المتحدة، سوف تلجأ إلى تخفيض القيود على السياسة النقدية.
وعادة ما تميل السلع إلى الازدهار مع تخفيف القيود على السياسات النقدية، ويضاف إلى ذلك أن انخفاض أسعار الفائدة واتخاذ المزيد من إجراءات التيسير الكمي يساهم في تعزيز النمو، مما يفيد أسعار الذهب.
ويعد المعدن الأصفر ملاذاً تقليدياً للتحوط من التضخم، وبالتالي عندما تتغير الظروف فإن ذلك قد يعود بالنفع على التوقعات الاقتصادية (وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم)، وقد يكون ذلك ايجابياً بالنسبة لسعر الذهب. وإذا تمكن الذهب من كسر حاجز 1630 دولاراً للاوقية، فإننا قد نشهد ارتفاعاً إلى 1650 أو 1660 دولاراً على المدى المتوسط.
