أكد مارك مكفارلاند، كبير استراتيجيي الاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة في بنك «الإمارات دبي الوطني»، أن موجة الارتفاع التي شهدتها الأسواق عقب يومي الخميس والجمعة، تعكس إدراك المستثمرين بأن البنوك المركزية ستتدخل من خلال شراء السندات وخفض أسعار الفائدة.
وهو ما يفسر أسباب تسجيل ارتفاع في أسواق المخاطر هذا الصباح، ولاسيما عندما صوتت اليونان بصورة أساسيّة لصالح بقائها في منطقة اليورو. ومن ناحية أخرى، ليست هناك أمور جديدة على الساحة سوى تجاوز عائدات السندات الحكومية الإسبانيّة لأجل 10 سنوات نسبة 7٪.
وقال في التقرير الاقتصادي الأسبوعي خلال المرحلة الراهنة، من المفيد أكثر التفكير ملياً بدراسة الخيارات المتاحة لتدخل البنوك المركزيّة بدل التركيز على الفترة التي يمكن فيها للسلطات اليونانية والإسبانيّة والإيطاليّة والأوروبيّة الصمود وترسيخ استقرارها الاقتصادي. ويؤكد الارتفاع الذي شهده الأسبوع الماضي.
والذي لم يُكتب له الاستمرار، أن تسجيل انتعاش مستدام في السوق أمر مستبعد ما لم تترافق التدابير المتخذة لترسيخ استقرار الأنظمة المصرفية مع خطوات تشجيعيّة من جانب البنوك المركزيّة، ولاسيما بعد حصول إسبانيا على حزمة مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي بقيمة 126 مليار دولار أميركي. وكان لرفض «البنك المركزي الأوروبي» خفض أسعار الفائدة مع حلول مطلع شهر يونيو الجاري أثر سلبي واضح رغم استناده إلى حجة شبه مؤكدة بضرورة تحقيق قدر أكبر من المساءلة المالية قبل ضخ مزيد من الأموال في السوق.
فرص التمويل الإضافي
وتابع: منذ بداية عام 2010، شكّلت فرص ضخ التمويل الإضافي في الأسواق حافزاً لدعم موجات الصعود في أسواق الأسهم والسلع من خلال انخفاض سعر صرف الدولار الأميركي في الدول الناشئة الكبرى؛ فقد خفضت البرازيل أسعار فائدتها إلى مستويات قياسية، حيث تراجعت أسعار الفائدة المتداولة على التمويل في إطار «النظام الخاص بالمقاصة والتعهد» (SELIC) بواقع 2.5٪ عن المعدل الذي لامسته بتاريخ 31 ديسمبر الماضي.
ومنذ مطلع يونيو الجاري، أعاد «البنك المركزي الأسترالي» (الاحتياطي الأسترالي) تقييم آفاق النمو في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، ما حدا به إلى خفض أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس الأسبوع الماضي، كما خفّض «بنك الشعب الصيني» (المركزي) معدلات الفائدة بالقدر نفسه خلال هذا الشهر، وهو مقبل على تطبيق برنامج لخفض حجم ودائع البنوك لديه.
خفض أسعار الفائدة
وعلى صعيد الوضع خارج مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، باشرت البنوك المركزية منذ مدة طويلة خفض أسعار الفائدة وشراء سندات طويلة الأجل بغية دفع معدلات الرهن العقاري وأسعار التمويل طويل الأجل إلى الهبوط. وخلال الأسبوعين الماضيين، بدا واضحاً أن «البنك المركزي» في المملكة المتحدة قريب من اتخاذ خطوات لتخفيف سياسته النقديّة؛ وليس من المؤكد بطبيعة الحال أن يقرر «بنك إنجلترا» إطلاق جولة جديدة من برنامج التيسير الكمّي.
ولكن محافظ البنك ألمح لإمكانية تخفيف القيود المفروضة على الإقراض المصرفي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في وقت من المتوقع فيه أن يتخذ «البنك المركزي الأوروبي» الخطوة ذاتها بحلول الشهر المقبل. وستجد الأسواق العالمية نفسها أمام خيارين يترتب عليهما نتائج مختلفة: الأول هو توسيع نطاق السياسة الحالية المرتكزة على ما يعرف بـ«المقايضة الائتمانيّة».
ولسوء الحظ، يعزا معظم النجاح الذي حققته هذه السياسة في توفير عائدات شديدة الانخفاض للسندات الأميركيّة إلى تدهور توقعات النمو العالمي ولاسيما مع انحسار المصداقية المالية والسياسية لمنطقة اليورو. أما الخيار الثاني، فيشمل إطلاق جولة ثالثة من برنامج التيسير الكمي الذي يتطلب بدوره شراء سندات طويلة الأجل بأموال جديدة.
المقايضة الائتمانيّة
وبعيداً عن الخوض في التفاصيل الثانويّة، تبدو الفروقات بين هذين الخيارين خيالية أكثر من كونها واقعية مع اختلاف النتيجة النهائيّة لهما؛ إذ تختلف «المقايضة الائتمانيّة» من ناحية واحدة فقط عن برنامج التيسير الكمي الذي سيشتري «المجلس الاحتياطي الفيدرالي» بموجبه سندات الخزانة الأميركيّة باستخدام الأموال الجديدة مع احتمال أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل التضخم، وبالتالي إعداد خطط ماليّة طويلة الأجل تكون أقل خطراً من مشاكل الانكماش الاقتصادي. أما بموجب «عملية المقايضة»، فلن يتم ضخ أي أموال جديدة، بل سيكون الأمر أشبه بعملية نقل للأموال فقط.
التيسير الكمّي
أتاحت فرص برنامج التيسير الكمّي للأسواق تحقيق موجات صعود مهمة منذ انهيار «ليمان براذرز» في سبتمبر 2008، ولو أنها جاءت بدرجات أقل مع مرور الوقت. ولم تسفر «المقايضة الائتمانيّة» في المقابل سوى عن إبقاء المقترضين، غير القادرين على تسديد قروضهم، في صلب هذه اللعبة.
