عادت المخاوف حول النمو الصيني من جديد لتؤرق المستثمرين بعد أن بيّن مؤشران للقطاع الصناعي الصيني انخفاضاً أكبر من المتوقع.
وذكر تقرير للشركة الكويتية الصينية الاستثمارية أن المؤشر الأول هو مؤشر مديري المشتريات لبنك «اتش اس بي سي» وهو مصمم ليعطي القراءة الأولية للقطاع الصناعي الصيني قبل مؤشر مديري المشتريات الرسمي. وانخفضت قراءة المؤشر إلى 48.7 في مايو (والتي تم تصحيحها إلى 48.4 لاحقاً) عن القراءة السابقة البالغة 49.3 في أبريل تحت مستوى الـ50، وهذا يعني انكماشا على أساس شهري. أما بالنسبة لمؤشر مديري المشتريات الرسمي التابع لمكتب الإحصاء الوطني في الصين، فقد انخفض إلى 50.4 في مايو من 53.3 في أبريل.
جاء الانخفاض أكثر حدة من مستوى الـ52 الذي توقعه المحللون. وتشير قراءة مؤشر مديري المشتريات الرسمي إلى مستوى قريب من الـ50، مما يدل على أن نمو القطاع ثابت تقريباً على أساس شهري، لكنه لا يشهد انكماشاً. ويعود التباطؤ في النشاط الصناعي الصيني إلى ضعف الطلب العالمي، وانخفاض الاستهلاك المحلي.
تختلف قراءتا المؤشرين بسبب اختلاف عينة الشركات المستخدمة في كل منهما. فنسبة الشركات الصغيرة إلى متوسطة الحجم المستخدمة في مؤشر مديري المشتريات لبنك «اتش اس بي سي» أكبر منها في مؤشر مديري المشتريات الرسمي، وتقع هذه الشركات غالباً على الساحل الشرقي وتجعل مؤشر مديري المشتريات لبنك "اتش اس بي سي" مقياساً أفضل للنشاط التجاري.
قطاع الصادرات
وقالت فاطمة عكاشة، محللة اقتصادية في الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية: يشهد قطاع الصادرات أكبر تباطؤ مقارنة ببقية القطاعات، بسبب أزمة الديون في منطقة اليورو والنمو الأمريكي الضغيف اللذين يحدان من الطلب. وبينت تفاصيل البنود في مؤشر مديري المشتريات الرسمي أن المديرين يشهدون انخفاضاً حاداً في الطلبات الجديدة.
حيث سجل هذا البند 49.8 في مايو، منخفضاً عن 54.5 في أبريل. كما يشهد بند التوظيف تباطؤاً كذلك، لكن الإيجابي بالنسبة للاستهلاك الصيني المحلي، هو تحسن أسعار المواد الأولية، فالمواد التي تستخدمها الصين تتداول بسعر أقل مما قد يعني انخفاض الأسعار بالنسبة للمستهلكين، وبالتالي انخفاض معدل التضخم.
وتأتي نتائج مؤشرات مديري المشتريات متوافقة مع تباطؤ النمو الصيني، لكن المخاوف من الانكماش ليست مبررة، حيث من المتوقع أن تشهد الصين نمواً هائلاً يتراوح بين 7.5% و8% في 2012 بسبب مرونة الاستهلاك المحلي والإنفاق الحكومي. وصرحت الحكومة بأنها ستسعى نحو تثبيت واستقرار معدلات النمو، مما يعني زيادة الإنفاق المالي في قطاعات معينة حتى لا ينخفض النمو لأقل من المعدل المستهدف.
ويتألف مؤشر مديري المشتريات من بيانات مبنية على استبيانات شهرية يجيب عنها مديرو مشتريات تنفيذيون في قطاعات مختلفة. ويتابع المؤشر التغييرات الشهرية لوجهات نظر المديرين بالنسبة لأوضاع العمل (هل أوضاع العمل أفضل، لم تتغير، أم أسوأ من الشهر الماضي؟) ويتم تعديل هذه النتائج على حسب التغيرات الموسمية. وتعني القراءة الأكبر من 50 أن أكثر من 50% من المديرين يروون أوضاع العمل تتحسن أفضل من الشهر الماضي، مما يشير إلى بيئة عمل متوسعة.
وتظهر توقعات مؤشر مديري المشتريات لبنك "اتش اس بي سي" قبل أسبوع من بداية الشهر، أي قبل أسبوع من ظهور النتائج الرسمية والنهائية للمؤشر، التي تغطي بين 85% و90% من البيانات المتضمنة في المقياس النهائي. وغالباً ما يستخدم مؤشر مديري المشتريات الصناعي كمؤشر قائد للأداء الاقتصادي، حيث ان القطاع الصناعي الصيني يمثل نصف الاقتصاد تقريباً.
أزمة الديون الأوروبية
ويضعف الوضع المتزعزع لأزمة الديون الأوروبية من النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي. وبالنسبة لاقتصاد عالمي يحتاج حاجة ماسة إلى دعم الصين، مصدر الطاقة الصناعية في العالم، فإن تباطؤ النشاط الاقتصادي الصيني يشكل مصدر قلق.
إلا أن مخاطر التراجع الكبير في النمو الاقتصادي الصيني منخفضة. شهد مؤشر مديري المشتريات الرسمي انخفاضاً، إلا أنه ينخفض في معدل مستقر مما يضمن "هبوطاً سهلاً" للاقتصاد، وبالتالي يزيل المخاوف تجاه انهيار السوق. وتحمل الحكومة على عاتقها مسؤولية حماية الاقتصاد من الآثار السلبية الناتجة عن تباطؤ الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى مهمة السيطرة على معدل التضخم. وقد تراجع معدل التضخم عن مستوياته العالية ليصل إلى ما دون معدل البنك المركزي.
