فشلت أسبانيا في إقناع الأسواق العالمية بجدوى خطة التقشف التي أعلنت عنها مؤخراً. وتعهد رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي بأن "الاصلاحات ستتواصل" كل أسبوع، بينما تذمر عشرات الآلاف من المتظاهرين بمختلف أنحاء البلاد ضد سياساته التقشفية.
وطالب زعيم المعارضة الاشتراكي ألفريدو بيريز روبالكابا، راخوي بالتوقف عن أن يكون آخر موهيكان للتقشف وذلك في إشارة إلى شخصية روائية من سكان أميركا الأصليين حاربت المستعمرين. وأضاف زعيم المعارضة أنه حتى المستشارة الالمانية انجيلا ميركل تتبنى نهجا أكثر اعتمادا على النمو فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية ، مقارنة بسياسة راخوي.
نهج صارم
ويظل رئيس الوزراء الاسباني المحافظ البالغ من العمر 57 عاما واحدا من أقوى أنصار تبني نهج تقشف صارم في أوروبا لكن سياساته محل تشكك على نحو متزايد في داخل اسبانيا وخارجها على حد سواء. ولم تقنع التخفيضات التي أدخلها راخوي على الموازنة المستثمرين، بينما تتزايد المخاوف من أن أسبانيا قد تكون بحاجة لإنقاذ نظامها المصرفي أو حتى يتم انقاذها ماليا من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.
من ناحية أخرى، يواجه رئيس الوزراء ضغوطا داخلية متزايدة بخصوص خفض الانفاق الذي يؤثر في الصحة والتعليم، والتي اعتبرها المتظاهرون يوم الاحد الماضي بداية نهاية دولة الرفاه.
بطالة مفزعة
وفي ظل وصول معدل البطالة الى 24% وتوقعات بانكماش الاقتصاد بنسبة 7ر1 في المئة هذا العام ، تبدو النظرة العامة لأسبانيا قاتمة. وتركز الحكومة على خفض العجز في الميزانية البالغ 5.8% في محاولة لاستعادة ثقة المستثمرين.
ويقول راخوي: إن التقشف هو السبيل الوحيدة لاسبانيا لتوفير فرص العمل واستئناف النمو. وأعلنت الحكومة حتى الآن عن خفض الانفاق وزيادة الضرائب بقيمة تزيد على 40 مليار يورو أي 52 مليار دولار. وستخضع الاقاليم شبه الذاتية في أسبانيا والبالغ عددها 17 اقليما لانضباط صارم بالنسبة للموازنة بينما سيتم ترشيد الإدارة.
إصلاحات ليبرالية
وتصاحب سياسات التقشف اصلاحات اقتصادية ليبرالية كتسهيل تسريح العمال أو تحرير بعض القطاعات الخدمية. ولكن الاصلاحات فشلت حتى الآن في وقف ارتفاع معدل البطالة أو إقناع المستثمرين الذين يعتقد عدد قليل منهم أنه بإمكان أسبانيا خفض العجز في الموازنة لديها هذا العام الى 5.3%. وتظل تكاليف الاقتراض مرتفعة.
وفي الوقت نفسه، يتهم المنتقدون الحكومة بتبني أجندة يمينية خفية حيث تعمل خلسة على تفكيك دولة الرفاه وفتح الباب أمام الخصخصة. وتضرب التخفيضات في الميزانية التي تنفذها جزئيا الحكومات الإقليمية القطاع الصحي بقوة. فقد تم إغلاق بعض أقسام المستشفيات جزئيا وتخفيض خدمات الطوارئ. ولأول مرة ، سيضطر أصحاب المعاشات دفع جزء من تكاليف علاجهم. ولن يتم صرف الكراسي المتحركة والأطراف الاصطناعية واخراج سيارات الإسعاف غير العاجلة بالمجان بعد الآن.
الرعاية الصحية
وربط الاصلاح أيضا الحصول على الرعاية الصحية بحمل تصاريح اقامة ودفع أقساط الضمان الاجتماعي مما يحرم نحو 150 ألف مهاجر غير شرعي من الحصول على الرعاية المجانية بالمراكز الصحية. وقال مارسيانو سانشيز بايل، وهو من إحدى جمعيات الدفاع عن النظام الصحي الوطني، إن الرعاية الصحية لم تعد من الحقوق الأساسية.
كما تؤثر التخفيضات في الميزانية على قطاع التعليم عن طريق خفض عدد المعلمين، بينما سيعمل الكثير من الذين حافظوا على وظيفتهم لساعات أطول في فصول تضم أعدادا أكبر من التلاميذ. ولكن وزير التعليم خوسيه اجناسيو يرت يصر على أن التخفيضات سيكون لها تأثير ضئيل أو لا تأثير على الاطلاق على نوعية التعليم. وتختلف معه ماريا خوسيه وهي تلميذة من مدريد تبلغ 16 عاما.
وقالت ماريا: هناك الكثير من الحديث عن خفض الانفاق في مدرستي ونعلم جميعا أنك لا تتعلم أي شيء في فصل يضم 36 تلميذا أو أكثر. ونشعر بالفزع ازاء هذا الموضوع. وعلى مستوى التعليم الجامعي، سترتفع الرسوم وسيكون من الصعب بدرجة أكبر الحصول على المنح الدراسية، فيما سيتم خفض ميزانيات البحث.
