في خطوة تجسد صعودا استثنائيا من القاع إلى القمة، عُيّن رون فاكريس، رئيسا تنفيذيا لشركة "كوستكو" في يناير 2024، بعد مسيرة مهنية بدأت منذ أكثر من أربعة عقود من أرضية المستودعات، حيث كان يقود الرافعات الشوكية، وليس من مكاتب الإدارة العليا. هذه الترقية تعكس رؤية "كوستكو" لقيم العمل الجاد والولاء والخبرة الميدانية، وتؤكد أن النجاح في عالم الأعمال لا يقتصر على الشهادات الأكاديمية أو المناصب المرموقة.
بدأ فاكريس مسيرته المهنية عام 1982 في شركة "برايس كلوب"، التي كانت النواة الأولى لـ"كوستكو"، حيث عمل موظفا بدوام جزئي أثناء دراسته الجامعية، لم تكن خلفيته الأكاديمية من جامعات النخبة، لكن خبرته العملية التي راكمها عبر العقود كانت كفيلة بوضعه في طليعة المرشحين لقيادة الشركة، وفقا لـ businessinsider.
على مدار سنوات، شغل فاكريس مجموعة متنوعة من المناصب التشغيلية في الشركة، بدءا من إدارة الفروع والمستودعات، وصولا إلى منصب نائب رئيس العمليات ثم نائب رئيس التسويق. وفي عام 2022، تم تعيينه رئيسا ومديرا للعمليات التنفيذية، قبل أن يتسلم المنصب الأعلى في بداية 2024.
ويُنظر إلى فاكريس على أنه تجسيد حي لثقافة "كوستكو"، وهي ثقافة تركز على الكفاءة والواقعية والاهتمام بالموظفين، فهو معروف بزياراته المنتظمة للفروع ومتابعته اليومية لسير العمل، كما يُعرف بحرصه على إبقاء الموظفين في قلب عملية اتخاذ القرار. هذا النهج جعل منه قائدا مقبولا على المستويين الداخلي والخارجي، وساهم في تعزيز الثقة بثقافة الشركة.
تأتي هذه القيادة في وقت تواصل فيه "كوستكو" تحقيق أرقام قياسية في الإيرادات، حيث تخطت إيراداتها 268 مليار دولار، وقيمتها السوقية بلغت حوالي 439 مليار دولار حسب بيانات Britannica، ما يؤكد فاعلية النموذج الذي تأسست عليه، والذي يقوم على توفير منتجات عالية الجودة بأسعار منخفضة، والالتزام بعلاقات طويلة الأمد مع الموردين والزبائن على حد سواء.
ولا يزال المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق جيمس سينغال، الذي يعد من المليارديرات، يُذكَر بوصفه من وضع أسس هذه الفلسفة التي يقوم عليها نجاح الشركة، ويبدو أن فاكريس يسير على خطاه بثبات.
قصة فاكريس تسلط الضوء على نموذج نادر في عالم الأعمال الكبرى، حيث يُمنح القادة القادمون من صفوف الموظفين العاديين فرصة حقيقية للوصول إلى أعلى المناصب، ويؤكد تعيينه أن "كوستكو" لا تزال تفضل الجوهر والكفاءة على المظاهر والعناوين البراقة.
ورغم أن فاكريس لم ينضم بعد إلى نادي المليارديرات، إلا أنه أصبح الوجه الأبرز لأحد أقوى الأسماء في تجارة التجزئة العالمية، واضعا مستقبل "كوستكو" في أيدٍ تعرف جيدا طبيعة الأرض التي تأسست عليها.
يذكر أن كوستكو هي شركة أمريكية متعددة الجنسيات تعمل بنظام نوادي المستودعات الخاصة بالأعضاء، وتضم أكثر من 900 مستودع حول العالم، منها 624 في الولايات المتحدة وباقي المواقع في كندا والمكسيك واليابان والمملكة المتحدة وغيرها.
