في عالم لا يمنح الفرص بسهولة لأولئك الذين أخطأوا في شبابهم، نجح الشاب الأمريكي داوون ماثيوز في تحويل التحديات إلى إنجازات مذهلة. 32 حيث واجه ابن الـ 32 عاما رفضا متواصلا من الشركات بسبب سجله الجنائي، إذ قدّم أكثر من 200 طلب وظيفة خلال شهرين ولم يلقَ أي قبول.
يتذكر ماثيوز تلك الفترة الصعبة قائلاً: "بمجرد أن يروا أن لديك جناية في سجلك، لا يهتمون حتى بالمؤهلات التي حصلت عليها. ببساطة، أنت غير مقبول في ذلك المجتمع."
وبعد هذا الإحباط، اتخذ ماثيوز القرار الحاسم بأن يشق طريقه بنفسه عبر ريادة الأعمال، ساعيا إلى بناء مستقبله على جهوده الخاصة.
بدايات صعبة وشجاعة غير متوقعة
ولد داوون ماثيوز في فيلادلفيا، وعاش طفولة صعبة قبل أن تنتقل عائلته إلى منطقة نورستاون الحضرية، حيث يقول: "في طفولتي، لم يكن لدي مرشدون أو أي شخص أرغب أن أكون مثله. كان لدي فقط مجموعة من الأشخاص الذين لم أرغب في أن أكون مثلهم."
رغم تفوقه في المدرسة الثانوية، اصطدم ماثيوز بالواقع الجامعي عندما وُجهت إليه تهمة اعتداء مشدد بعد شجار في إحدى الحفلات، ما أدى إلى طرده من الجامعة وقضاء ستة أشهر في السجن. ومع ذلك، لم تتوقف التحديات، فقد وُجهت إليه لاحقا تهمة القيادة تحت تأثير الكحول أثناء فترة المراقبة، ما أدخله مرة أخرى إلى النظام القانوني والخروج منه بشكل متكرر، وفق تقرير لـ " CNBC".
حتى بعد حصوله على شهادة الزمالة من كلية مانور وبكالوريوس إدارة الأعمال من جامعة لاسال، لم يستطع ماثيوز العثور على وظيفة. هنا قرر أن يتحول من طالب طموح إلى رجل أعمال مبتكر، مستفيدًا من المهارات التي اكتسبها والتجارب التي عاشها.
أولى خطواته في عالم الأعمال
في عام 2017، أطلق ماثيوز أولى شركاته، Wonderful Cleaning، مع صديق طفولته دارنيل هينتون. كان مجال التنظيف خيارا مدروسًا بعناية: تكاليف منخفضة وبدون حاجة لفحوصات خلفية معقدة، مما جعله مثاليا لبدء مشروع سريع.
قال ماثيوز، مشيرا إلى بساطة البداية " طالما يمكنك الحصول على بعض المبيض والماء الساخن وزجاجات الرش والخرق، يمكنك تحويل هذا الشيء إلى عمل تجاري">
بدأ بتنظيف منزل شقيقه، ثم توسع ليشمل عقودا تجارية أكثر ربحية. بحلول نهاية العام الثاني، بلغت إيرادات الشركة 12 ألف دولار شهريًا، وأصبح ماثيوز يشرف على أطقم التنظيف التي يقوم هو بتوظيفها لتلبية العقود.
استخدم أرباح شركة Wonderful Cleaning للاستثمار في مشروعه الثاني، R&R Junk Removal في 2020، الذي حقق أكثر من 100 ألف دولار في العام الأول. وبالإضافة إلى ذلك، بدأ ماثيوز بالاستثمار في العقارات، وامتلك 16 عقارا في فيلادلفيا، محققا أرباحا شهرية تصل إلى 11 ألف دولار.
خطوة كبيرة نحو عالم الطعام
في يناير 2024، قرر ماثيوز الانتقال إلى هيوستن بحثا عن تحديات أكبر وفرص جديدة. بعد تجربة فاشلة في فتح مقهى خسر فيه أكثر من 170 ألف دولار، وجد ماثيوز المجال الذي سيغير حياته وهو شاحنات الطعام.
طعام الشارع
بحصوله على قرض بقيمة 40 ألف دولار، أطلق شاحنة الطعام Goodies Soul Kitchen في أغسطس 2024 مع شريكته جيسيكا أهواش. على الرغم من عدم خبرته السابقة في مجال المطاعم، كانت لديه رؤية واضحة وهي النجاح ليس في الطعام فقط، بل في الخدمة والجودة والنظام الذي يبني العملاء حوله.
قال ماثيوز، مستلهما نجاح سلاسل طعام مشهورة: "هؤلاء الناس لا يقدمون شيئا مختلفا من الناحية الغذائية، لكن التميز يكمن في الخدمة والنظام".
تحديات وبدايات مربحة
واجه ماثيوز عقبات كبيرة: استقالة الشيف بعد شهر واحد فقط، واضطر لتعلم إعداد الطعام بنفسه ليتمكن من توظيف آخر.
تعمل شاحنته في وسط مدينة هيوستن أربعة أيام أسبوعيا من الساعة 7 مساءً حتى 3 صباحا، وتخدم في المتوسط حوالي 300 زبون أسبوعيًا.
مع مرور الوقت، وصلت إيرادات Goodies Soul Kitchen في عام 2024 إلى أكثر من مليون دولار، ولا تزال في طريقها للزيادة خلال 2025 من خلال عقود تقديم الطعام وحفلات العطلات.
التوسع والرؤية المستقبلية
بعد النجاح الكبير، أطلق ماثيوز شاحنة ثانية، Birds and Buns، التي تبيع شطائر الهوغي والتاكو وأجنحة الدجاج في مارس 2025.
ويخطط لبيع معظم شركاته الأخرى للتركيز على قطاع الضيافة الغذائية، مع خطط لافتتاح موقع تقليدي يحتوي على صالة رياضية ومتجر برجر.
يقول ماثيوز "أعتقد أنني وجدت حبي لريادة الأعمال في قطاع الضيافة"، مؤكدا أن الطعام أصبح طريقه لتحقيق الحرية المالية والإبداعية.
أثر اجتماعي وإلهام للآخرين
بعيدًا عن المال، يلتزم ماثيوز بتوظيف المدمنين المتعافين والمجرمين السابقين، مؤمنا بأن:"هنا لا يُحكم عليك بناءً على سجلّك، بل على مهاراتك."
ويختتم قائلاً: "الفقر صعب، الغنى صعب، السعادة صعبة، الحزن صعب. المهم هو اختيار الصعب والعمل عليه."
قصة داوون ماثيوز تُظهر أن الإصرار والابتكار والقدرة على التعلم من الفشل يمكن أن تحول العقبات إلى فرص حقيقية. من رفض الوظائف بسبب سجله الجنائي إلى إدارة شاحنات طعام تحقق ملايين الدولارات، أصبح مثالا حيا على النجاح الذي يُبنى بالعزيمة والإبداع، لا بالظروف المثالية. اختر ما يناسبك، حتى لو كان صعبا، فالنجاح لا يأتي لمن ينتظر، بل لمن يخلق فرصه بنفسه.
