تبدو قصة زاكي يادركاري البالغ من العمر 18 عاماً وكأنها خروج مدوّ على النص الكلاسيكي للنجاح الأمريكي. هذا الشاب، الذي لم يكن يرغب قط في الالتحاق بالجامعة، وجد نفسه في عمر لا يتجاوز سن تقديم طلبات القبول، يدير إمبراطورية تقنية تتجاوز قيمتها 30 مليون دولار.
هذا النجاح الهائل تحقق بفضل تطبيق "كال إيه آي" (Cal AI) الذي شارك في تأسيسه لتتبع السعرات الحرارية، لم يكن يادركاري بحاجة إلى ورقة القبول من أعرق الجامعات لإثبات قدراته، بل إن إمبراطوريته ازدهرت قبل أن يكمل إجراءات التسجيل أصلاً، ما يؤكد أنه كان يسير على الطريق الصحيح نحو الثراء المبكر.
يتيح التطبيق للمستخدمين تتبع السعرات الحرارية عن طريق التقاط صور لوجباتهم، وكما ذكر يادركاري أنه استلهم عمله هذا من مساعيه الشخصية لزيادة وزنه عندما كان مراهقاً أصغر سناً، حيث قال: "كنت نحيفاً جداً طوال حياتي، وأردت أن أبدأ في الزيادة واكتساب الوزن."
وعندما أدرك أن معظم تقدمه كان بفضل النظام الغذائي، بدأ في تتبع السعرات الحرارية وتناول كميات زائدة، لكنه واجه نقصاً في تطبيق سهل الاستخدام لتتبع السعرات الحرارية؛ حيث وجد أن التطبيق الأكثر شعبية في ذلك الوقت كان يقدم "تجربة مروعة."
هذا النقص في التتبع الموثوق أجبره على تناول وجبات مقسمة مسبقاً وموزونة بدقة، وتجنب تناول الطعام في المطاعم بسبب عدم وضوح حساب السعرات الحرارية، بعد طرح حل عبر الهاتف الذكي، عرض يادركاري الرؤية على شركاء يثق بهم: صديق من معسكر لتعليم البرمجة وشخصان التقى بهما عبر منصة X.com (تويتر سابقاً)، كما ذكرت شبكة CNBC.
وبالفعل، أطلقوا معاً، وهم هنري لانغماك، بليك أندرسون، وجيك كاستيو، تطبيق "كال إيه آي" في مايو 2024 .
ومن جانب اخر كان يادركاري معجزة برمجية منذ طفولته، حيث بدأ بتعليم نفسه لغات البرمجة وهو في سن السابعة فقط. وبحلول العاشرة من عمره، كان يتقاضى 30دولاراً في الساعة لتعليم هذه المهارة للآخرين.
وعندما وصل إلى المرحلة الثانوية، ابتكر موقع ألعاب أطلق عليه اسم "توتالي ساينس" (Totally Science)، والذي سمح لزملائه بلعب ألعاب فيديو غير محظورة عبر الإنترنت دون الحاجة إلى تحميل أو تسجيل.
هذه المغامرة الرقمية جلبت له أول عائد مالي يتجاوز ستة أرقام (مئات الآلاف). عندما بدأ تطبيق "كال إيه آي" بالانطلاق وتحقيق النجاح، تأكدت قناعته، حيث قال : "قلت لنفسي: 'حسناً، من الواضح أنك لا تحتاج إلى الكلية لتكون ناجحاً.' عندها فقط رأى والداي الرؤية أخيراً."
مفارقة الرفض
في مفاجأة غير متوقعة، غيّر يادركاري رأيه وقرر التقديم للجامعات. ومع ذلك، وعلى الرغم من سجله الريادي الحافل، وحصوله على معدل تراكمي 4.0، ودرجة 34في اختبار ACT و التى تهد من الدرجات العالية جداً، إلا أنه قوبل بالرفض من جامعات "آيفي ليغ"، بما في ذلك جامعة ستانفورد التي أشار يادركاري إلى أنها "معروفة بدعم الشركات الناشئة."
كانت المدارس الوحيدة التي قبلته هي جامعة جورجيا للتكنولوجيا، وجامعة ميامي، وجامعة تكساس، وفي النهاية، قرر الالتحاق بجامعة ميامي، ليس سعياً وراء المكانة الأكاديمية العالية، بل بسبب الجو الاجتماعي العام، حيث أوضح يادركاري منهجه قائلاً: "إذا لم أكن سأحسن الاختيار على أساس أفضل مدرسة أكاديمياً، كنت سأحسن الاختيار على أساس أفضل مدرسة اجتماعياً."
الكلية كـ "إجازة ستة أرقام"
بعد أسبوعين من بدء الدراسة، أخبر يادركاري فورتشن أنه يقضي "وقتاً ممتعاً للغاية،" قد يعود ذلك إلى أنه ينظر إلى تجربته الجامعية على أنها "إجازة تكلفة 100 الف دولار ، فهو ينظم الحفلات ويعيش في منزل مع مجموعة من أصدقائه الذين يشاركونه التفكير في بناء التطبيقات، وتتراوح أعمارهم بين 18و26 عاماً، وجميعهم رواد أعمال ناجحون مثله، يادركاري، الذي ترك كلية إدارة الأعمال ويأخذ حالياً دروساً في الفلسفة، لا يخفي تذمره من المواد التقليدية.
لكن الأمر لم يتوقف عند الرفض، بل تحوّل إلى جدل واسع على منصة X.com، حيث نشر يادركاري مقالة قبوله التي أشار فيها إلى أنه في رحلة بحث عن "الغرض المفقود" بعد تحقيق الملايين، وأنه يرغب في الكلية "للتواصل مع الطلاب الآخرين" وليس بالضرورة للتعلم الأكاديمي.
أثار هذا التصريح وابتعاده عن التركيز على إنجازاته الأكاديمية التقليدية تكهنات بين المحللين بأن مقالة القبول كانت السبب الرئيسي وراء الرفض الجماعي، حيث رأت لجان القبول أنه لا يمثل "مرشحاً مستقراً" أو أنه سيتخلى عن دراسته قريباً، خاصة وأن هدفه الأساسي هو "صنع الذكريات" وليس الحصول على شهادة.
ويُلخص فلسفته قائلاً: "أشعر أن لدي حياتي كلها لأجني المال، لكن المئات القليلة من آلاف الدولارات التي سيكلفني إياها الأمر الآن، ستكون تستحق العناء من أجل صنع الذكريات". هذا الموقف يرسخ النقاش الدائر حول قيمة التعليم العالي في مواجهة نجاحات ريادة الأعمال المبكرة.
وقد انسحب من كلية إدارة الأعمال، ويتلقى حالياً دروساً في الفلسفة، لا يزال يادركاري يأخذ فصلاً واحداً في ريادة الأعمال، لكنه يقر بأنه "لا يستفيد كثيراً من المادة" بسبب خبرته الواسعة.
ويُلخص فلسفته قائلاً: "الأمر لا يستحق العناء لمعظم الناس، بالتأكيد، أما بالنسبة لي، فأنا أستمتع كثيراً وأعتقد أنه يستحق كل هذا العناء.،اللحظة التي يصبح فيها الأمر غير مُجدٍ، سأتوقف،" ويضيف: "أشعر أن لدي حياتي كلها لأجني المال، لكن المئات القليلة من آلاف الدولارات التي سيكلفني إياها الأمر الآن، ستكون تستحق العناء من أجل صنع الذكريات، بدلاً من مجرد ادخارها أو إنفاقها أو استثمارها، أو أي شيء آخر."
