برز اسم توماس جونغ لي (توم لي)، المحلل المالي المخضرم والمؤسس المشارك لشركة Fundstrat Global Advisors، مجددًا في عناوين الأخبار بعد أن أعلن، بصفته رئيس مجلس إدارة BitMine Immersion Technologies، عن خطة لجمع 20 مليار دولار لشراء المزيد من العملة المشفرة الإيثريوم. وتسعى الشركة إلى السيطرة على 5% من إجمالي عرض العملة.

وخلال الأيام الأخيرة شهدت إيثريوم من حيث القيمة السوقية تدفقات رأسمالية هائلة وحركة تداول نشطة، لتصل إلى مستويات تاريخية.

من هو توم لي؟  

يتمتع لي بخبرة تمتد لأكثر من 25 عامًا في وول ستريت، حيث شغل منصب كبير استراتيجيي الأسهم في J.P. Morgan Chase لمدة 15 عامًا قبل أن يؤسس Fundstrat عام 2014.

ويُعرف بأسلوبه التحليلي القائم على البيانات، وبتوقعاته المتفائلة في كثير من الأحيان، ما جعله ضيفًا دائمًا على برامج CNBC الاقتصادية.

وُلد لي في ميشيغان لعائلة من أصول كورية، وتخرّج في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا بتخصص الاقتصاد والتمويل. حصل على شهادة CFA، وصُنّف مرارًا بين أفضل المحللين في تصنيفات Institutional Investor منذ أواخر التسعينات.

مع دخوله عالم العملات المشفرة، يقود توم لي الآن واحدة من أكبر رهانات الشركات على الإيثريوم، في خطوة يرى محللون أنها قد تغيّر موازين سوق الكريبتو، لكنها تحمل مخاطر كبيرة إذا انعكست اتجاهات الأسعار.

وفي خطوة وُصفت بأنها من أجرأ التحركات في عالم العملات المشفرة هذا العام، أعلنت شركة BitMine Immersion Technologies (BMNR)، بقيادة توم لي، عن خطط لجمع ما يصل إلى 20 مليار دولار أمريكي عبر برنامج لبيع الأسهم في السوق. الهدف: شراء المزيد من عملة الإيثريوم (ETH) والسيطرة على 5% من إجمالي المعروض العالمي.

محفظة عملاقة بالفعل

تمتلك BitMine حاليًا نحو 1.15 مليون وحدة إيثريوم بقيمة تتجاوز 4.96 مليارات دولار، ما يجعلها أكبر حافظة ETH تملكها شركة مدرجة في البورصة على مستوى العالم، ورابع أكبر محفظة مشفرة بشكل عام. مع الخطة الجديدة، قد ترتفع قيمة مقتنياتها إلى نحو 25 مليار دولار بالقيمة الحالية للسوق.

استراتيجية تمويل غير تقليدية

بدلاً من اللجوء إلى القروض أو الديون، ستعتمد الشركة على بيع أسهم جديدة في السوق المفتوحة (ATM Offering)، مستفيدةً من السيولة الكبيرة في سهمها الذي سجّل متوسط تداول يومي بنحو 2.2 مليار دولار الأسبوع الماضي. ويقول توم لي إن هذه السيولة العالية تمنح الشركة القدرة على جمع رأس المال دون التأثير السلبي الكبير على سعر السهم.

تأثير محتمل على السوق

يرى محللون أن شراء كميات ضخمة من الإيثريوم قد يتسبب في "صدمة عرض"، أي تقليل المعروض المتاح في السوق، مما قد يدفع الأسعار إلى مستويات أعلى، خاصة مع تجاوز الإيثريوم حاجز 4,500 دولار مؤخرًا لأول مرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

فرصة كبيرة... ومخاطر أكبر

في حين يتوقع البعض أن تحقق BitMine أرباحًا ضخمة إذا استمرت موجة الصعود، يحذر آخرون من المخاطر المرتفعة، إذ إن أي هبوط حاد في أسعار الإيثريوم خلال تنفيذ الخطة قد يؤدي إلى خسائر بمليارات الدولارات، وفقًا لموقع TipRanks.

وكانت شركة BitMine Immersion Technologies أعلنت عن تعيين توم لي، استراتيجي وول ستريت المعروف بتوقعاته لسوق البيتكوين والأسهم، رئيسًا لمجلس إدارتها.

وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع إطلاق الشركة طرح خاص بقيمة 250 مليون دولار لتنفيذ استراتيجية شراء الإيثريوم، بهدف جعله الأصل الاحتياطي الرئيسي للخزانة، مع استمرار الشركة في أعمال تعدين البيتكوين.

وقال لي خلال مقابلة مع برنامج Squawk Box على قناة CNBC: "يتقارب قطاع الخدمات المالية مع العملات المشفرة، وقد بدأ ذلك بالفعل بالعملات المستقرة، التي تشبه ChatGPT للعملات الرقمية نظرًا لانتشارها الواسع بين المستهلكين والبنوك التجارية وحتى شركات الدفع مثل فيزا. الإيثريوم هو العمود الفقري لهذه الصناعة، ومن المهم إنشاء مشروع يجمع الإيثريوم لحماية الشبكة والتأثير عليها بشكل أساسي."

وأضاف لي أن الشركة ستتابع قيمة الإيثريوم المملوكة لكل سهم كمؤشر أداء رئيسي، على غرار مقياس مايكروستراتيجي المعروف بـ"عائد بيتكوين"، مشيرًا إلى أن الشركة ستزيد هذه القيمة من خلال إعادة استثمار التدفقات النقدية، وأنشطة أسواق رأس المال، وتغير أسعار الإيثريوم.

وتعكس هذه الخطوة اهتمام الشركات بما هو أبعد من البيتكوين في استراتيجيات إدارة خزائن العملات المشفرة.

وقد انضمت BitMine إلى قائمة الشركات التي تتبنى استراتيجيات مماثلة، مثل SharpLink Gaming التي عينت جوزيف لوبين، المؤسس المشارك لإيثريوم، رئيسًا لمجلس إدارتها لتطوير استراتيجيات التمويل اللامركزي، مع التركيز على رموز مثل سولانا.

وقبل هذه الصفقة، كانت القيمة السوقية لشركة BitMine 26 مليون دولار فقط، مع انخفاض أسهمها بنسبة 45% على مدار العام، ما يجعل هذه الخطوة بمثابة تحول استراتيجي كبير للشركة.

ما هو الإيثريوم؟

الإيثريوم (Ethereum) هو منصة بلوكتشين مفتوحة المصدر تم إطلاقها عام 2015 بواسطة فيتاليك بوتيرين. يُعتبر ثاني أكبر عملة رقمية بعد البيتكوين، لكنه يتجاوز مجرد كونه عملة رقمية، إذ يسمح للمطورين بإنشاء عقود ذكية (Smart Contracts) وتطبيقات لامركزية (DApps). هذه العقود تعمل تلقائيًا عند استيفاء شروط محددة، مما يفتح المجال لتطبيقات مالية، ألعاب، ونظم إدارة سجلات مؤمنة وشفافة دون الحاجة لوسيط مركزي. الإيثريوم يعتمد على شبكة موزعة من الحواسيب لتسجيل المعاملات، ما يجعله مقاومًا للتلاعب والاختراق.

عملة الإيثريوم الرقمية تُعرف باسم ETH وتُستخدم لدفع رسوم المعاملات داخل الشبكة، كما تُعتبر وسيلة لتخزين القيمة والاستثمار. تختلف عن البيتكوين لأنها تدعم عمليات أكثر تعقيدًا مثل التمويل اللامركزي (DeFi) وإصدار الرموز المميزة (Tokens). يتيح ETH للمستثمرين ليس فقط تداول العملة نفسها، بل أيضًا المشاركة في مشاريع مختلفة على المنصة، مثل إطلاق مشاريع NFT أو التمويل الجماعي. يعتمد سعر الإيثريوم على العرض والطلب في السوق، ويشهد تقلبات عالية، ما يجعله فرصة استثمارية جذابة للمضاربين والمستثمرين على حد سواء.

العقود الذكية 

العقود الذكية هي البرنامج الذي يشغّل شبكة الإيثريوم ويجعلها أكثر من مجرد عملة رقمية. تعمل العقود تلقائيًا عند تحقق شروط معينة، ما يقلل الحاجة للوسيط ويوفر أمانًا وشفافية. تُستخدم هذه العقود في تطبيقات مثل التمويل اللامركزي (DeFi)، التأمين الرقمي، الألعاب، وسوق الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs). التطبيقات اللامركزية (DApps) تعمل على شبكة الإيثريوم بشكل مستقل، ما يتيح للمستخدمين التحكم الكامل في أصولهم الرقمية والتفاعل مباشرة مع بعضهم دون الاعتماد على جهة مركزية.

أهمية الإيثريوم ومستقبله

الإيثريوم يُعد ركيزة أساسية لتطوير الإنترنت المالي الجديد المعروف باسم Web3، حيث تُدار البيانات والمعاملات بشكل لامركزي وآمن. مع التحديثات المستمرة للشبكة، مثل Ethereum 2.0، يسعى الإيثريوم إلى تحسين سرعة المعاملات وكفاءة الطاقة وتقليل الرسوم. المستثمرون والشركات الكبرى يرون فيه فرصة لبناء أنظمة مالية مبتكرة واستراتيجيات خزينة رقمية. بالإضافة إلى كونه أداة استثمارية، يُعتبر الإيثريوم منصة ابتكار تسمح لأي شخص حول العالم بتطوير حلول تقنية موثوقة وشفافة دون الحاجة لتراخيص أو وسطاء تقليديين.