أكد معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير دولة رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، أن الإنجاز الجديد الذي تستعد «سولار إمبلس 2»، أول طائرة تعمل بالطاقة الشمسية، وتقوم برحلة حول العالم لتحقيقه عبر التحليق لستة أيام متتالية فوق المحيط الهادئ، يعد أهم إنجازات «سولار إمبلس 2» منذ انطلاقها من أبوظبي قبل شهرين في رحلتها التاريخية حول العالم.
جاء ذلك في تصريحات لمعاليه، بعد أن أقلعت «سولار إمبلس 2» قبل فجر أمس من مدينة نانجينغ في شرقي الصين، متجهة نحو محطتها السابعة في جزيرة هاواي الأميركية في رحلة يتوقع أن تستغرق ما يقرب من 120 ساعة طيران متواصلة عبر التحليق لمسافة 8175 كم على مدى ستة أيام متتالية بلياليها فوق المحيط الهادئ.
وبعد التوقف في هاواي، من المخطط أن تكون المحطة التالية لطائرة سولار «سولار إمبلس 2» شرقاً، نحو فينيكس بأريزونا الأميركية، قبل أن تتجه الطائرة نحو محطتها التالية في منطقة الغرب الأوسط، حيث تتوقف في مطار جون كنيدي الدولي في مدينة نيويورك، وبعدها ستعبر الطائرة المحيط الأطلسي نحو محطتها قبل الأخيرة، والتي ستكون إما في جنوبي أوروبا أو شمالي أفريقيا، قبل العودة إلى المدينة المضيفة أبوظبي، ختاماً لرحلتها العالمية.
انسجام
قال معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، إنه من الطبيعي أن تسهم دولة الإمارات ومصدر في دعم هذه المبادرة الهامة التي تنسجم مع أهدافها ومساعيها إلى بناء مستقبل مستدام، حيث تقدم هذه الرحلة التاريخية، إلى جانب حملة «#FutureIsClean»، التي تأتي في وقت يستعد فيه المجتمع الدولي لوضع أهداف وسياسات جديدة للمناخ، نموذجاً رائداً عما يمكن القيام به لتشجيع الأفراد والحكومات على التعاون وتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
التزام
أشارت «مصدر» في بيان لها أمس، إلى أن ما يجمع بين «سولار إمبلس» وأبوظبي ومصدر، هو الالتزام الراسخ بتطوير التكنولوجيا النظيفة، والتأكيد على أهمية الابتكار والطاقة المتجددة، لضمان النمو المستدام، موضحة أن عبور المحيط الهادئ يعتبر الاختبار الأصعب للطائرة التي استغرقت 12 عاماً من دراسات الجدوى والتصاميم، وصولاً إلى شكلها النهائي، كما أنه تحدٍ حقيقي لكافة أعضاء فريق العمل، بدءاً من الطيارين بيرتراند بيكارد وأندريه بورشبيرج، و80 من الفنيين والشركاء، بمن فيهم مستضيف الطائرة «مصدر».
تجهيز
ذكرت مصدر أن فريق «سولار إمبلس»، استغل فترة وجوده في نانجينغ لتجهيز الطائرة للانطلاق في هذه المغامرة الجريئة عبر المحيط الهادئ، حيث سيتولى بورشبيرج قيادة الطائرة من مقصورة تتسع لشخص واحد بمساحة 3.8 أمتار مكعبة، وغير مجهزة بخاصية التحكم بالضغط الجوي، وسيكون قائد الطائرة عرضة لظروف جوية قاسية خلال فترة التحليق التي تمتد إلى 120 ساعة فوق أكبر مساحة مائية في العالم، كما سيتخلل الرحلة، العديد من التحديات الفنية والتشغيلية والبشرية لقائد الطائرة، وكامل الفريق المسؤول عن هذه المبادرة، والمكون من 140 فرداً، وعلى الرغم من إنجاز كل ما يلزم من أبحاث واختبارات وتدريبات، إلا أن قائد الطائرة، وهو طيار سابق في القوات الجوية السويسرية، والمهندس وصاحب الرؤية الفنية وراء تطوير الطائرة، سيواجه واحدة من أصعب التجارب التي تتطلب الكثير من الصبر واليقظة والقدرة على التحمل.
أطول المراحل
وقال أندريه بورشبيرج المؤسس الشريك وأحد طياري «سولار إمبلس»: «تمثل الرحلة من نانجينغ إلى هاواي أطول المراحل التي ستقطعها سولار إمبلس في رحلتها التاريخية حول العالم. إنها مرحلة حاسمة، فهي المرة الأولى التي سيقوم فيها قائد الطائرة بالتحليق لوقت طويل جداً. بالتأكيد، هناك أسئلة عديدة ستشغل بال قائد الطائرة، مثل هل سأتمكن من الحفاظ على التركيز، وهل ستتاح لي الفرصة لأرتاح؟ إن التحدي يكمن في الحفاظ على اليقظة والانتباه، واتخاذ القرارات المناسبة لكي تواصل الطائرة الشمسية التحليق لمدة 6 أيام و6 ليال عبر المحيط الهادئ».
المرحلة 7
يمثل عبور المحيط الهادئ، المرحلة السابعة، والأكثر صعوبة، من أصل 12 مرحلة، من المقرر أن تقطعها الطائرة خلال رحلتها التاريخية حول العالم، حيث سيقود بورشبيرج الطائرة المزودة بأربعة محركات كهربائية، و17248 خلية شمسية مثبتة على أجنحة بطول 72 متراً، محلقاً على ارتفاع 9000 متر خلال النهار، للاستفادة من أشعة الشمس لشحن بطاريات الليثيوم أيون، وتخزين الطاقة لاستخدامها أثناء التحليق ليلاً على ارتفاع منخفض لا يتجاوز 1000 متر، حيث سيتعرض بورشبيرج خلال الرحلة لدرجات حرارة تتراوح بين 35 درجة مئوية في الصباح، إلى ناقص 20 درجة مئوية عند التحليق على علوٍ مرتفع في بداية الفترة المسائية.
رسالة
فيما ترمي هذه الرحلة إلى فتح آفاق جديدة في عالم الابتكار والتكنولوجيا النظيفة، فإنها تحمل رسالة نبيلة، تتمثل في ضرورة المحافظة على البيئة، وفي هذا الإطار، وبدعم من مصدر، ومعالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، أطلقت سولار إمبلس حملة #FutureIsClean على الموقع الإلكتروني www.FutureIsClean.org، لحشد وتحفيز الأفراد والمنظمات والدول ومشاهير الشخصيات والمنظمات غير الحكومية، على اتخاذ خطوات عملية تسهم في تحقيق مستقبل أفضل للطاقة، تمهيداً لانعقاد مؤتمر الأطراف المشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في باريس (COP21)، في ديسمبر 2015، والذي سيشهد وضع بروتوكول جديد لخفض الانبعاثات الكربونية.
مسيرة نبيلة لبناء مستقبل مستدام
انطلقت الطائرة «سولار إمبلس 2»، أكبر طائرة في العالم تعمل بالطاقة الشمسية، من أبوظبي في 9 مارس، متجهة نحو العاصمة العمانية مسقط، التي غادرتها في اليوم التالي، لتصل إلى أحمد آباد في الهند بتاريخ مارس 10، وبعد توقف قصير في فاراناسي في الهند، اتجهت الطائرة نحو ماندالاي في ميانمار يوم 19 مارس، بقيادة برتراند بيكارد، ثم استكملت الطائرة المرحلة الخامسة، والأكثر صعوبة حتى الآن، لتصل إلى تشونجتشنغ في الصين يوم 30 مارس، وتم تأجيل إقلاع الطائرة من تشونغتشينغ نحو نانجينغ في الصين، بسبب سوء الأحوال الجوية، واستفاد فريق سولار إمبلس من فترة وجوده في تشونغتشينغ، لتنظيم أنشطة مجتمعية عديدة، تواصل خلالها مع الآلاف من الطلبة والسكان المحليين، لتسليط الضوء على أهمية الابتكار، وما يمكن أن تحققه تقنيات الطاقة المتجددة لبناء مستقبل مستدام، وشهد يوم 21 أبريل، وصول الطائرة إلى نانجينغ في الصين، ليباشر بعدها الفريق تحضيراته الفنية لعبور المحيط الهادئ.
وأكدت شركة «مصدر»، أن هذه الرحلة الجديدة فوق المحيط الهادئ، ستشكل تحدياً بدنياً وذهنياً مرهقاً لقائد الطائرة أندريه بورشبيرج، الذي تمنت له رحلة آمنة وناجحة، حيث ستشكل هذه المرحلة اختباراً حقيقياً لقدرات «سولار إمبلس 2»، وستسلط الضوء على الإمكانات الواعدة التي يمكن تحقيقها عبر الجمع بين الابتكار في تكنولوجيا الطيران والطاقة المتجددة.
سيناريوهات
طوال فترة رحلة «سولار إمبلس 2» ، سيكون ربان الطائرة على اتصال دائم عبر الأقمار الصناعية مع مركز المراقبة في موناكو، الذي يضم 20 خبيراً، يتولون وضع كافة السيناريوهات المحتملة، وتزويد قائد الطائرة بالمعلومات، لمساعدته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواصلة التحليق بنجاح، حتى انتهاء الرحلة.
