توقعت مؤسسة «فرانكلين تمبلتون للاستثمار» أن تتكمن دبي من تمديد آجال الديون المستحقة عليها، مشيرة إلى أن المستثمرين سيراقبون عن كثب الطريقة التي ستعالج بها الإمارة أي عمليات إعادة تمويل، بما في ذلك تعزيز مستويات الشفافية.
وقيّم تقرير مؤسسة «فرانكلين تمبلتون للاستثمار» أداء أسواق السندات خلال شهر مايو بأنه تميز بالقوة من حيث إصدارات السندات، حيث شهد إصدارات تقدّر قيمتها بنحو 3.4 مليارات دولار في دول مجلس التعاون الخليجي.
وأكد أن التطورات البنيوية التي تدعم نمو أسواق الدين الإقليمية ستساعد في الحفاظ على الزخم الإيجابي لهذه الأسواق، وأن الانطباعات الإيجابية لأداء أسواق الدولة تلقت دفعة إضافية بعد تصريحات مسعود أحمد، رئيس دائرة الشرق الأوسط ووسط آسيا في صندوق النقد الدولي، والذي عبّر عن اطمئنان الصندوق بشأن قدرة دبي على تسديد ديونها والوفاء بالتزاماتها المقبلة.
وتوقع التقرير أن يتصاعد الزخم الإيجابي نتيجة قرار مؤسسة مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال رفع تصنيف سوق الإمارات العربية المتحدة من فئة «سوق شبه ناشئة» إلى «سوق ناشئة».
أداء جيد للأسواق
ورصد تقرير صادر عن مؤسسة «فرانكلين تمبلتون للاستثمار» عن أداء الأسواق خلال شهر مايو من العام الحالي أن الأصول ذات المخاطر في الكثير من دول مجلس التعاون الخليجي ومن بينها الإمارات واصلت خلال شهر مايو أداءها الطيب، ما يعكس الثقة المتزايدة بتحسن اقتصاد هذه الدول، على الرغم من انخفاض أسعار النفط والغاز، وأورد المؤشرات الدالة على ذلك بإشارته إلى ارتفاع مؤشر مديري المشتريات في الإمارات إلى 55 نقطة خلال شهر مايو، محققاً أعلى مستوى له هذا العام، وذلك بفضل الناتج القوي وزيادة الطلبيات الجديدة، وهو ما يشير إلى زخم إيجابي متصاعد في القطاعات غير النفطية.
وواصل التقرير رصد المؤشرات الإيجابية لأداء أسواق الإمارات خلال شهر مايو بإشارته إلى أن إمارة أبوظبي أعلنت عن تشريعات مالية تمهّد لتأسيس منطقة مالية حرّة في العاصمة، بينما سجلت دبي زيادة كبيرة في حركة المسافرين العابرين والسياح القادمين عبر مطار دبي الدولي، وفي معدلات إشغال فنادق الإمارة، بالإضافة إلى كثير من العلامات التي تشير إلى استمرار انتعاش سوق العقارات في دبي.
نشاط قوي للمصارف
وقال التقرير إن البنوك نشطت بشكل خاص في إصدارات الديون الثانوية.
واستعرض أبرز الإصدارات، بإشارته إلى طرح بنك الإمارات دبي الوطني سندات طويلة الأجل (غير قابلة للاسترداد لمدة 6 سنوات) من الفئة الأولى بقيمة مليار دولار، مع عائد نهائي يبلغ 5.75٪.
كما سعّر بنك أبوظبي التجاري سندات بقيمة 150 مليون فرنك سويسري (غير قابلة للاسترداد لمدة 10 سنوات على الأقل، أو مخفّضة إلى الفئة الثانية خلال 5 سنوات)، بفارق بين سعر العرض والطلب يبلغ (+150) نقطة أساس فوق متوسط التداول، فضلاً عن إصدار بقيمة 300 مليون دولار لسندات غير قابلة للاسترداد لمدة 10 سنوات، أو مخفّضة إلى الفئة الثانية خلال 5 سنوات، مع عائد يبلغ 3.178٪.
وفي فئة الديون ذات الأولوية، أصدر بنك دبي التجاري سندات بقيمة 500 مليون دولار لأجل 5 سنوات، وعائد 3.375٪ عند فارق سعري يبلغ (+250) نقطة أساس فوق متوسط التداول.
وفي فئة الصكوك، أصدرت دار الأركان، وهي شركة سعودية للتطوير العقاري، صكوكاً ذات عائد مرتفع بقيمة 450 مليون دولار، مدتها خمس سنوات، ومعدل ربحها 5.875٪. كما أصدرت إحدى شركات المرافق السعودية صكوكاً بالعملة المحلية.
أبرز الإصدارات
ورصد التقرير أبرز إصدارات الربع الأول من العام الحالي، بإشارته إلى أنه من بين التطورات البارزة، طرح إمارة دبي الناجح لإصدار ثنائي الشريحة، تضمّن 750 مليون دولار بشكل صكوك لأجل 10 سنوات، وسندات تقليدية لأجل 30 عاماً، قيمتها 500 مليون دولار، حيث كان سجل الطلبات حتى قبل الإطلاق الرسمي لهذا الإصدار في شهر يناير يتجاوز المعروض بنحو 12 مرة.
وفي قطر، طرحت شركة اتصالات قطر (كيوتل) أيضاً إصداراً ثنائي الشريحة في يناير، بدءاً من سندات لأجل 15 عاماً قيمتها 500 مليون دولار، ونسبة عائدات 3.875٪.
وكما كان الحال في دبي، فإن نجاح هذه الشريحة وشهية المستثمرين للسندات ذات الآجال الأطول دفعت (كيوتل) لإلحاقها بشريحة أخرى قيمتها 500 مليون دولار أيضاً، ولكنها هذه المرة على شكل سندات لأجل 30 سنة، مع نسبة عائدات 4.5٪. وكانت تلك الإصدارات هي الأولى لأجل 30 عاماً بالنسبة لكل من حكومة دبي وشركة كيوتل.
وفي نهاية يناير، أصدرت «طيران الإمارات»، الناقلة الأولى في إمارة دبي، سندات ذات عائدات مقسطة بقيمة 750 مليون دولار لأجل 12 عاماً، ثم أعقبتها في شهر مارس بصكوك لأجل 10 سنوات. وكانت تلك الصكوك أيضاً ذات هيكلية مقسطة للعائدات، مع متوسط أجل موزون يبلغ خمس سنوات.
وفي مارس، طرحت الشركة السعودية للكهرباء، وهي أكبر شركة مرافق في الخليج، صكوكاً ثنائية الشريحة. وتألف الإصدار من شريحة سندات بقيمة إجمالية تبلغ مليار دولار ونسبة عائدات 3.473٪ لأجل 10 سنوات، مع فارق بين سعر العرض والطلب يبلغ 155 نقطة أساس أعلى من سندات الخزانة الأميركية، وشريحة ثانية بقيمة مليار دولار أيضاً ونسبة عائدات 5.06٪ لأجل 30 عاماً مع فارق سعري يبلغ 190 نقطة أساس أعلى من سندات الخزانة الأميركية. وتم تسعير كلا الشريحتين بقيم متساوية، وفاق الطلب عليها حجم المعروض.
وواصل التقرير استعراضه لأبرز إصدارات الربع الأول، بإشارته إلى أن الربع الأول شهد العديد من الإصدارات المهمة من البنوك في المنطقة.
ففي فبراير الماضي، جمع بنك أبوظبي التجاري مبلغاً قدره 1.5 مليار دولار عبر طرح ثنائي الشريحة للسندات ذات الأولوية والسندات الثانوية، حيث بلغت قيمة السندات ذات الأولوية (غير المؤمنة بأصول)، لأجل 5 سنوات، 750 مليون دولار، وتم تسعيرها بنسبة عائدات 2.50٪ مع سعر إعادة عرض 99.636 ونسبة 2.578٪، أو 165 نقطة أساس فوق السعر المتوسط للتداول.
أما شريحة السندات الثانوية لأجل 10 سنوات فتبلغ قيمتها 750 مليون دولار مع نسبة عائدات 4.50٪، وسعر إعادة عرض يبلغ 99.127 ونسبة 4.6٪ أو 265 نقطة أساس فوق السعر المتوسط للتداول.
وفي شهر مارس، أصدر بنك دبي الإسلامي صكوكاً دائمة بقيمة مليار دولار، تحمل معدل ربحية يبلغ 6.25٪. وكان هذا المعدل أقل من المتوقع، ما يدل مجدداً على الطلب القوي على المنتجات الملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية.
وكان طرح بنك دبي الإسلامي هو ثاني إصدار لصكوك دائمة موجهة للعموم. وفي نهاية مارس، طرح بنك الإمارات دبي الوطني، أكبر بنك في الإمارات العربية المتحدة من حيث الأصول، سندات بقيمة 750 مليون دولار لأجل 10 سنوات، بعدما لقي استجابة طيبة من المستثمرين. وفاقت الطلبات على هذه السندات العرض بكثير، ما سمح للبنك بوضع نسبة عائدات نهائية بلغت 4.875٪، وهو أقل مما كان متوقعاً.
تباين الأداء
وقال محيي الدين قرنفل مدير الاستثمار في الصكوك العالمية وأدوات الدخل الثابت في مؤسسة فرانكلين تمبلتون للاستثمار ـ الشرق الأوسط: «نعتقد بأن التباين بين أداء السوق والأداء الاقتصادي لأسواق السندات الخليجية من جهة، وأداء باقي دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خلال شهر مايو، يؤكد مكانة دول مجلس التعاون الخليجي كمنطقة مميزة للاستثمار والعائدات الطيبة المحتملة».
ولفت إلى أنه على الرغم من ارتفاع عائدات السندات في شهر مايو، فقد كان انخفاض مؤشر سيتي غروب العام لسندات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أقل بكثير من هبوط أسواق السندات في الدول الكبرى والأسواق الناشئة.
تصاعد النشاط الإقراضي في الأسواق الصاعدة
استمر المستثمرون في التوجه نحو الإقراض في الأسواق الصاعدة كبديلٍ لاستثمارات الدخل الثابت التي تحقق عائدات أقل، ما يثير المخاوف في بعض الأوساط من أن بعض البلدان قد لا تكون قادرة على استيعاب هذه التدفقات الرأسمالية الكبيرة دون المخاطرة باحتمال حدوث فقاعات استثمار.
في الوقت ذاته، أصبحت أسواق السندات في العديد من البلدان أكثر عمقاً في السنوات الأخيرة، ولا تزال أسواق الإقراض المختارة بعناية في الأسواق الصاعدة تسمح بالاستفادة من الفرص في بعض البلدان التي تحقق معدلات نمو أعلى بكثير من الأسواق المتقدمة، وتحظى حكوماتها بأوضاع مالية أفضل بكثير. وهذا ينطبق بشكل خاص على دول مجلس التعاون الخليجي، التي لا تزال من أقوى البلدان في العالم من حيث نشاطات الإقراض.
