أكد مديرو وساطة مالية أن الأسباب الكامنة وراء عدم انعكاس الأداء المالي للشركات على قيمة أسهمها المتداولة في الأسواق، تعود بالدرجة الرئيسية الى أن الشريحة الكبرى من المتداولين هم من الافراد في حين ان الاستثمار المؤسسي لا يشكل سوى نسبة بسيطة تقل عن 15 % رغم التطور الكبير الذي شهدته السنوات الماضية من حيث توفير التشريعات المشجعة على زيادة نسبة هذا النوع من الاستثمار الا انها ما زالت دون المستوى المطلوب.
وبحسب الاحصائيات الرسمية فإن اكثر من 85 % من ارقام المستثمرين في سوقي دبي وابوظبي الماليين التي يتجاوز عددها 1.5 مليون رقم تعود لافراد فيما يمتلك النسبة الباقية شركات ومؤسسات غالبا لا تقوم بتحريك استثماراتها نظرا لكونها عائدة اما للحكومة او محافظ شبه رسمية.
وقال مديرو الوساطة المالية ان تفوق الاستثمار الفردي على المؤسسي في اسواق المال المحلية أدى الى تغلب عمليات المضاربة على الاستثمار في التعاملات، الامر الذي لا يساهم في عكس اسعار الاسهم للاداء المالي للشركات ومدى ربحيتها، مشيرين الى انه من الطبيعي في ظل هذا الوضع ان نرى ارتفاع اسعار بعض الاسهم رغم ان شركاتها خاسرة والعكس صحيح.
واشاروا الى انه وبرغم التحسن المسجل في الاسواق منذ بداية العام الجاري الا ان شريحة كبيرة من اسعار الاسهم ما زالت لا تعكس قيمها الحقيقية في حال مقارنتها مع نسب النمو التي سجلتها شركاتها - سواء من حيث الارباح او التطور الكبير في استراتيجية عملها - مما يتطلب دراسة معمقة لهذه الظاهرة التي تحول دون ان تكون الاسواق مرآة عاكسة لأعمال الشركات اولا والاقتصاد الوطني بشكل عام.
أسعار متضخمة وشركات خاسرة
ويؤكد عبدالله الحوسني، مدير عام شركة الإمارات دبي الوطني للوساطة المالية، انه بات من المألوف وجود عدد كبير من الاسهم المتداولة في الاسواق المالية دون قيمتها الحقيقية ولا تعكس مدى تطور ارباح شركاتها او عملياتها التشغيلية. كما اصبح من الطبيعي وجود اسهم بأسعار متضخمة فيما شركاتها حققت خسائر كبيرة.
وقال ان المضاربات - وليس الاستثمار - هي ما تتحكم في تعاملات الاسواق. لذا ليس من المستغرب عدم انعكاس الاداء المالي للشركات على قيمة اسهمها المتداولة في السوق. وهي ظاهرة غير صحية بكل المقاييس.
وأكد ضرورة زيادة الوعي بأهمية الاستثمار وعدم التعامل مع الاسواق على انها اداة للمضاربة فقط كما يحدث في الوقت الراهن. وذلك اذا اردنا الارتقاء بمستوى الاسواق وتعظيم عوائد الاستثمار فيها.
تسرب المعلومات
ومن جانبه يرى وائل أبو محيسن المدير العام لشركة الانصاري للخدمات المالية أن عدم انعكاس الاداء المالي للشركات على قيمة اسعارها المتداولة في الاسواق يعود لاسباب كثيرة منها؛ عدم دراية المتداولين المضاربين بالقيمة الحقيقية لهذه الشركات الى جانب ان الكثير من الارتفاعات المسجلة في الاسهم تسبق الاعلان عن البيانات المالية او الاخبار التي تصدر عن الشركات. وبمعني آخر فإن تسرب المعلومات يساهم في عدم قدرة الاسهم على ان تعكس قيمتها الحقيقية التي تظهر من خلال النمو المتواصل في ربحيتها او التطور في استراتيجية عمل شركاتها التشغيلية.
وقال ابو محيسن: كثيرا ما رأينا هبوط اسعار اسهم بمجرد اعلان الشركات عن معلومات رغم ان المنطق يؤكد انها يجب ان ترتفع. لكن اخذ هذه الاخبار بعين الاعتبار مسبقا يساهم في عدم التفاعل معها وهو ما اصبح يعرف في اوساط الكثيرين بعبارة "اشتر على الشائعة وبع على الخبر".
المؤسسات أكثر حرفية
ومن جهته قال حسام الحسيني الخبير المالي ان نتائج الشركات المالية ليست العامل الوحيد الذي يتم اخذه بعين الاعتبار عند الاستثمار في اسواق المال. بل إن هناك عوامل اخرى منها عمق السوق والظروف الاقتصادية بشكل عام. مشيرا الى ان المؤسسات اكثر حرفية في الاستثمار من الافراد كما هو معروف. وذلك نظرا لكونها تعتمد في اتخاذ قرارها الاستثماري على العوامل سالفة الذكر وليس النتائج المالية للشركات فقط.
وأكد الحسيني ان الاستثمار الفردي يغلب على تعاملات اسواقنا المحلية لذا فإننا نرغب في ان يكون للاستثمار المؤسسي الحصة الاكبر من التداولات. وذلك لزيادة حرفية التعاملات في السوق واعطاء دفعة اكبر من الدعم لكي تصبح اسعار اسهم جميع الشركات المتداولة تمثل قيمتها الحقيقية.
وقال ان الاسواق المبتدئة في اغلب الاحيان لا تعكس اسعار الاسهم فيها مدى قوة الشركة. وذلك نظرا لان المضاربات هي الغالبة على التعاملات.
وبحسب خريطة تحرك شريحة من الاسهم القيادية في الفترة التي اعقبت بدء الاعلان عن البيانات المالية للشركات المتداولة في الاسواق - سواء نتائج العام الماضي او الربع الاول من العام الجاري - يلاحظ وجود تباين في التفاعل معها. وفيما تفاعلت بعضها بقوة فقد جاءت النتيجة مخيبة وسلبية بالنسبة لبعضها الآخر رغم التحسن المسجل في ارباحها.
استباق إعلان نتائج الشركات
ويؤكد الخبراء ان هناك ارتفاعات لأسعار شريحة من الاسهم تسبق الاعلان عن نتائجها والتي اذا ما تم الافصاح عنها تراجعت مما يشير الى وجود اما تسريب للمعلومات او مستثمرين استبقوا النتائج لرفع الاسهم لتحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب.
وفي هذا الإطار يمكن الاشارة الى ما حدث مع سهم بنك دبي الاسلامي الذي برغم المكاسب التي حققها في الايام الماضية إلا ان المستثمرين تفاعلوا سلبيا مع النتائج المالية التي اظهرت نموا في ربحية البنك خلال الربع الاول وتحرك السهم ضمن المربع الاحمر منذ ذلك اليوم.
وكذلك الحال بالنسبة لبعض الاسهم الاخرى التي تفاعل المستثمرون مع قرارات مجالس ادارات شركاتها بسلبية. ومنها سهم ارابتك الذي خسر الكثير من قيمته خلال الشهر الماضي بعد اعلان الشركة عن خطتها الخاصة بإعادة هيكلة رأس المال من خلال طرح اكتتاب وسندات. حيث لجأت شريحة كبيرة من مالكي السهم لبيعه مما افقده نسبة كبيرة من قيمته.
ومن الامور اللافتة عند الحديث عن عدم عكس اسعار الاسهم قيمة الشركة ومدى قوتها سواء من حيث الارتفاع او الانخفاض فإنه يمكن الاشارة الى وجود اسعار اسهم لبعض الشركات التي لا تشكل ربحيتها او ملاءتها المالية شيئاً يذكر مقارنة مع بعض الشركات الاخرى لكن اسعار اسهم الاولى يتم تداولها بأضعاف اسعار اسهم الاخيرة.
الاستثمار المؤسسي
ما زال شح عدد المستثمرين الذي يعتمدون على التحليل المالي لاداء الشركات والاستثمار على المدى المتوسط وزيادة عدد المضاربين الذين يتعاملون مع الاسواق بشكل يومي، يشكلان اسبابا رئيسية في عدم تفاعل الاسهم على النحو المطلوب مع ربحية شركاتها او الاخبار التي تصدر عنها.
وأكد وائل ابو محيسن المدير العام لشركة الانصاري للخدمات المالية ان معالجة هذا الوضع بحاجة لفترة طويلة تبدأ برفع مستوى الثقة في التعاملات وتشجيع الاستثمار المؤسسي خاصة مع توفر البيئة التشريعية المناسبة لمثل هذا النوع من الاستثمار. ك
ما يجب ان تكون الشركات حريصة على الشفافية في قراراتها بحيث تجذب الى اسهمها المزيد من السيولة. واوضح ان الثقة في التعاملات لا تمنح بل يجب اكتسابها من خلال اجراءات تعززها وترفع من مستواها. كما يجب ان يدرك المتداولون اهمية الاستثمار وعدم استعجال جني الارباح وفي كل الاحوال فإن زيادة الوعي بأهمية الاستثمار على المدى المتوسط يعد الركيزة الاساسية.
