أشارت شركة "جونز لانج لاسال"، في تقريرها الخاص بالربع الأول من عام 2013 عن أسواق أبوظبي العقارية، والذي يغطي شرائح العقارات المكتبية والسكنية والتجارية والفندقية، إلى أن نخبة من الأسواق العقارية الفرعية في أبوظبي تتجه للانتعاش.

وقال ديفيد دادلي، رئيس مكتب أبوظبي في شركة جونز لانج لاسال الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا): "شكَّلَ الربع الأول من عام 2013 بداية مُشَجِّعَة للعام. ويبدو أن الأسوأ أصبح الآن وراءنا وأننا نجتاز المنعطف الحَرِج. ورغم أن التحول لم يبلغ بعد مرحلة الانتعاش الكامل للأسواق، إلا أننا نرى أن انتعاش شريحة العقارات الممتازة بات على الأقل على مرمى البصر."

وأضاف: "في الوقت الذي يشجعنا فيه مشاهدة الأسواق تتحرك للأعلى مجدداً، من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذا التحسن لا يشكل انتعاشاً شاملاً للأسواق العقارية، ويتعلَّق حصراً بنخبة مختارة من العقارات عالية الجودة، وسط استمرار وجود فارق كبير بين أداء العقارات الممتازة وتلك الأقل جودة.

لكن هذه التطورات تعتبر رغم ذلك إيجابية في نظر الأسواق، لأنها تشكل أولى بشائر انتعاشها ونضوجها." وذكر دادلي: "نستطيع أن نعزو سبب ارتفاع أسعار بيع العقارات السكنية الممتازة خلال ربع العام المنصرم إلى العديد من العوامل.

إذ ان الدورة الزمنية لسوق أبوظبي متأخرة بعض الشيء عن مواكبة الدورة الزمنية لسوق دبي، ونعتقد بالتالي أن الانتعاش الراهن لسوق دبي سوف يؤدي حتماً إلى انتعاش سوق أبوظبي.

وعلى غرار سوق دبي، تستفيد سوق أبوظبي أيضاً من مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة بصفتها ملاذاً آمناً وسط الاضطرابات السياسية التي تشهدها المنطقة.

 كما أن تقدم تنفيذ المبادرات الحكومية الخاصة بالتنمية الاقتصادية عبر إطلاق مشاريع كبرى لتطوير البنى التحتية وبناء المدن، لابد أن يؤثر بشكل كبير في زيادة حجم الاقبال على شراء العقارات، بالتزامن مع تزايد استقرار سوق العمالة ونمو السيولة النقدية، ما يدفع بالمزيد من الناس لشراء العقارات بدلاً من استئجارها، وبالتزامن مع توقعات نمو قيمة العقارات جراء انتعاش مرتقب في المستقبل."

تطورات

وأوضح دادلي بقوله: "ومن العوامل الأخرى التي تقف وراء هذه التطورات، تزايد تمييز المشترين بين العقارات المعروضة، حيث لم تستفِد سوى العقارات الممتازة من ارتفاع حجم مبيعات وقيمة العقارات. وكان هذا التمييز أقل وضوحاً في القفزة السابقة للمبيعات والتي هيمنت عليها صفقات البيع على الخارطة.

وفي الواقع، لم يتم تسليم العديد من المشاريع التي تم تصميمها وتسويقها بصفتها عالية الجودة، وهي مستوفية لتلك المواصفات. والآن ومع استكمال بناء العديد من المشاريع العقارية، يتجه طلب المشترين ونمو الأسعار إلى المشاريع السكنية التي تلبّي رغبات المستهلكين، والتي تتمثل في التصميم العملي والمواصفات عالية الجودة والمستوى الرفيع لوسائل الراحة والمرافق ووجود مساحات كافية لرصف السيارات وإدارة عقارية عالية الجودة."

وأضاف: "وتنطبق ظروف مماثلة على ارتفاع إيجارات العقارات السكنية. وقد ينبع أحد عوامل ارتفاع الطلب من الأنظمة الحكومية التي تستهدف تقليص عملية الانتقال من وإلى دبي، عبر تشجيع العاملين في أبوظبي على السكن فيها للحصول على تعويضات السكن.

إلا أنه من الصعب فصل هذا العامل عن العوامل الأخرى. إذ إن توفر سبل راحة ومرافق سكنية أفضل وكتلة أكبر في المناطق المصممة وفق مخططات تنظيمية رئيسية، يعزز "قابلية العيش" في المشاريع العقارية والطلب عليها.

كما بدأ نمو الطلب على العمالة يتجلَّى بفضل المشاريع الكبرى للبنى التحتية والتنمية الاقتصادية، أمثال مشروع توسعة مطار أبوظبي الذي أدى إلى ارتفاع الطلب على الشقق السكنية في منطقة شاطئ الراحة. ونؤكد مجدداً أن المشاريع التي سوف تحقق أداءً جيداً يجب أن تتمتع بتصميم عملي وموقع جيد وإدارة جيدة وتلبي احتياجات المستهلكين إلى أقصى حد ممكن."

انتعاش مستدام

وقال كريج بلومب، رئيس دائرة البحوث في شركة جونز لانج لاسال الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "قد لا تشهد أبوظبي انتعاشاً كاملاً عام 2013، إلا أن الحكومة تتخذ الإجراءات المناسبة للتمهيد لانتعاش مستدام.

إذ أن رؤوس الأموال الجديدة التي تم ضخُّها في مشاريع تطوير البنى التحتية سوف تعزز الطلب في الأسواق العقارية على المدى الأطول، على غرار ما سوف تفعله احتياجات سكن الموظفين الحكوميين في الإمارة.

إلا أنه نظراً للمستويات المرتفعة من المعروض الحالي، من المرجَّح أن تظل الأسواق مواتية للمستأجرين طوال عام 2013." وأضاف: "تتخلَّف أسواق أبوظبي عادة ما يتراوح بين 12 و18 شهراً عن دورات الانتعاش التي تشهدها أسواق دبي.

ونظراً لحدوث دورة انتعاش في جميع شرائح أسواق دبي العقارية حالياً (بما فيها السكنية والمكتبية والتجارية والفندقية) للمرة الأولى منذ عام 2008، من المرجَّح أن تتحول مؤشرات الاستقرار الراهنة في أسواق أبوظبي إلى انتعاش واسع النطاق خلال عامي 2014 و2015."

 

توجُّهات

 

لا تزال الأسواق تشهد تخمة في العرض بصورة عامة، حيث لا تزال المشاريع العقارية الجديدة قيد البناء تواصل زيادة معدلات الشواغر. إلا أن الفارق لا يزال كبيراً بين المباني عالية ومنخفضة الجودة، خاصة أنه بات من المتوقع الآن انتعاش شريحة العقارات الممتازة بالتزامن مع استمرار تراجع أداء شريحة العقارات منخفضة الجودة.

شهدت أسواق العقارات السكنية خلال الربع الأول من عام 2013، دليلاً على زيادة حجم صفقات بيع الوحدات السكنية، وزيادة قاربت نسبتها 8% في أسعار بيع الوحدات السكنية الممتازة.

ارتفعت إيجارات الوحدات السكنية الممتازة بنسبة قاربت 8% في مشاريع عقارية فائقة الجودة. وواصلت إيجارات الوحدات السكنية بالمشاريع العقارية الأقل جودة، الانخفاض خلال الربع الأول من 2013.

ظلت سوق العقارات المكتبية متخمة بالمعروض بصورة عامة، بانتظار تقدم تنفيذ المبادرات الحكومية لتنمية الاقتصاد وتنويع موارده وتوفير فرص عمل جديدة. إلا أن إيجارات العقارات المكتبية الممتازة أخذت تستقر في أعقاب استقرارها على مدى أرباع العام الثلاثة الماضية.

يتمثل التوجه الرئيسي للأسواق في 2013، باستمرار اختلاف مستوى إقبال الأسواق على العقارات الممتازة والأقل جودة، وما تزال الممتازة تراوح بين الاستقرار وتحسن الأداء، بينما تتراجع العقارات الأدنى.

 

واقع السوق في الربع الأول

 

في الوقت الذي قلَّصت فيه الشركات العقارية من حجم مشاريعها لا تزال الإضافات الجديدة إلى المعروض كبيرة، وسط تخمة ملحوظة في عرض جميع فئات المشاريع العقارية. ورغم ذلك، أصبح الانتعاش الآن في مرمى البصر خاصة في شريحة العقارات الممتازة، بالتزامن مع استمرار اختلاف الأداء بينها وبين تلك الأقل جودة.

أدى المعروض الجديد من العقارات المكتبية التي تدخل السوق إلى زيادة مساحة المعروض الاجمالي فيها إلى نحو 2.9 مليون متر مربع.

واشتملت الإضافات الرئيسية إلى المعروض خلال الربع الأول على أبراج البحر (المقر الرئيسي لشركة أبوظبي للتأمين)، التي أضافت 26.000 متر مربع من المساحات القابلة للإشغال إلى المعروض.

وهناك الآن بعض المشاريع العقارية المكتبية الكبرى التي تم الالتزام بها مسبقاً بانتظار التسليم.

من المقرر تسليم مشاريع عقارية مكتبية كبرى أخرى في وقت لاحق من عام 2013، ما سوف يفرض ضغوطاً تنازلية على معدل الإيجارات، خاصة في فئة العقارات الأقل جودة.

وسوف يؤدي ذلك إلى استبدال مستأجري العقارات المكتبية لمكاتبهم الحالية بأخرى أرخص، ما سوف يزيد المعدل الإجمالي لاستئجار المكاتب الجديدة. من ناحيتها، أخذت إيجارات العقارات المكتبية الممتازة تتجه إلى الاستقرار.

ازداد عدد المعروض من الوحدات السكنية بنحو 2.000 وحدة خلال الربع الأول من العام الحالي. واشتملت الإضافات الجديدة إلى المعروض على مشروع حديقة البطين في البطين، وأبراج الوطن على الكورنيش، ومشروع الريم القريب من المطار ومشروع الواجهة البحرية في جزيرة الريم.

هناك أدلة على ازدياد عدد صفقات بيع العقارات السكنية، بالتزامن مع ارتفاع أسعار وإيجارات نخبة من المشاريع العقارية عالية الجودة، بينما واصلت إيجارات العقارات السكنية الأقل جودة تراجعها. ونحن نتوقع استمرار اختلاف أداء المشاريع العقارية في الأسواق خلال عام 2013، حيث نتوقع أن تحقق المشاريع التي تلبّي احتياجات المستهلكين الأداء الأقوى.

لا يزال هناك طلب جيد على العقارات السكنية جيدة التصميم رغم المعروض الكبير من العقارات السكنية التي تم تسليمها مؤخراً، بسبب الجودة المتدنية نسبياً للعديد من العقارات السكنية القائمة حالياً. وحققت العقارات السكنية الجيدة معدلات إشغال جيدة بأسعار متميزة.

زادت مساحة المعروض من عقارات تجارة التجزئة القابلة للإشغال بنحو 11.600 متر مربع خلال الربع الأول من عام 2013، فيما يعود سببه الرئيسي إلى افتتاح مركزي المنيرة والزينة للتسوق.

وقد يتم تسليم ما تقدر مساحته القابلة للإشغال بنحو 349.000 متر مربع إلى إجمالي المعروض في سوق عقارات تجارة التجزئة خلال الفترة المتبقية من عام 2013، في شكل مزيج من مولات التسوق المستقلة أو متاجر التجزئة الواقعة في مشاريع عقارية متعددة الاستعمالات.

هيمنت المولات التي تمتلكها الشركات الاقليمية على سلسلة المشاريع الجديدة قيد التنفيذ في قطاع تجارة التجزئة، بما فيها ياس مول وسوّاح سنترال وحي السعديات.

وسوف تضاف إلى المعروض الجديد من تلك المشاريع على المدى القريب، متاجر تجزئة تقع داخل مشاريع عقارية كبيرة ومتعددة الاستعمالات، بما فيها مجمع شقق "ذا كولليكشن" في مشروع "سينت ريجيس" متعدد الاستعمالات في جزيرة السعديات، ومشروع "جاليريا أون سوّاح سكوير" وأبراج الوطن والإمبوريوم في السوق المركزي.

شهد الربع الأول من العام الحالي تطورات إيجابية في القطاع الفندقي، تزامنت مع زيادات في معدلات الإشغال ومتوسط مدد الإقامة. كما أضاف فندقان هما "ريتز كارلتون" و"بريميير إن" 774 غرفة جديدة إلى غرفهما، ما فرض ضغوطاً تنازلية مستمرة على متوسط أجور الإقامة اليومية.