أكد جمعة الكيت وكيل وزارة التجارة الخارجية المساعد أن دولة الإمارات لم تكن طرفا في أي نزاع تجاري مع أي عضو في منظمة التجارة العالمية منذ انضمامها إليها، ولم تلجأ إلى استخدام المعالجات التجارية من الممارسات التجارية الضارة (كمكافحة الإغراق والدعم الحكومي، والوقاية من زيادة الواردات).
وقال وكيل الوزارة المساعد لشؤون التجارة الخارجية إن السبب في ذلك قد يعود إلى أن الواردات تؤدي دوراً اقتصاديا مهما من حيث المساهمة في تغطية متطلبات التنمية المحلية، في ظل ما يتمتع به الاقتصاد الإماراتي من معدلات نمو مطردة ووجود علاقة ارتباط قوية بين معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومعدل نمو الواردات.
كما أن الإمارات تعيد تصدير أكثر من ثلث وارداتها، حيث بلغت قيمة الواردات الإماراتية 603 مليارات درهم، وقيمة إعادة التصدير 211 مليار درهم، بما يمثل 35 % من قيمة الواردات، ويضاف إلى ما تقدم ما تتمتع به الصناعة الإماراتية من تنافسية جعلتها قادرة على المنافسة محليا مع واردات من كافة دول العالم، خاصة مع انخفاض مستوى التعرفة الجمركية المطبقة، والتي تصل إلى خمسة في المئة.
وأورد الكيت ــ الذي استفسر منه «البيان الاقتصادي» حول وضع دولة الإمارات في تقرير الأمين العام لمنظمة التجارة الدولية، والمعوقات الجديدة للتجارة العالمية بين منتصف أكتوبر 2011 ولغاية مايو 2012 ــ أن الصادرات الإماراتية.
بالمقابل كانت عرضة لتحقيقات باشرتها عدد من الدول مثل الهند، التي تأتي في المقام الأول في عدد التحقيقات ضد صادرات الدولة اليها، والولايات المتحدة الأميركية وكندا واندونيسيا، وقد انتهى عدد من هذه التحقيقات دون اتخاذ اجراء ضد الصادرات الإماراتية، في حين فرضت رسوم مكافحة اغراق على سلع اخرى.
ولفت جمعة الكيت إلى أن الوزارة تقوم بالتعاون مع وزارة الاقتصاد من خلال لجنة فنية مشتركة، بالمتابعة الحثيثة للتحقيقات التي تباشرها هذه الدول ضد صادرات الدولة، كما تقوم وزارة الاقتصاد بتوجيه استفسارات للسلطات المختصة لدى هذه الدول بشأن هذه التحقيقات، وتوفر الدعم الفني للشركات الإماراتية المستهدفة، مما أمكن من مواجهة وإنهاء عدد من هذه التحقيقات.
وفي هذا الشأن رصدت وزارة التجارة الخارجية ابرز المعوقات الجديدة للتجارة العالمية خلال الفترة المذكورة، من واقع تقرير الأمين العام للمنظمة باسكال لامي.
فرض قيود تجارية
ووفقا للتقرير، فلا يوجد هناك تباطؤ في فرض قيود تجارية جديدة خلال الأشهر السبعة السابقة للتقرير. ومنذ منتصف اكتوبر 2011 تم تسجيل 182 اجراء جديدا تقيّد او يمكن ان تقيّد او تشوّه التجارة، وتؤثر في 0.9 % من واردات العالم.
والإجراءات الرئيسية المتخذة هي اجراءات وقاية التجارة (اجراءات ضد الإغراق والدعم الحكومي وتزايد الواردات)، زيادة التعرفات الجمركية، ورخص استيراد واجراءات رقابية جمركية. كما تم تسجيل عدد اقل من التقييد للصادرات خلال نفس الفترة.
وتضاف هذه المعوقات الى المعوقات المتراكمة من السابق. وقد بات تراكم معوقات التجارة مصدرا للقلق. وعلاوة على ذلك فإن هذا يجب اخذه من منظور اوسع، اذ ان معوقات التجارة التي قامت قبل الأزمة العالمية، كما هو في قطاع الزراعة، لا زالت موجودة.
ومن الجدير بالذكر ان التقرير يبين ان الإمارات كانت خلال الفترة التي يرصدها التقرير هدفاً لتحقيق في الإغراق اجرته الهند ضد صادرات الدولة من الحديد المسحوب على البارد وتم انهاؤه، ولتحقيقين اجرتهما الولايات المتحدة الأميركية ضد نوع معين من الأنابيب المعدنية من منشأ الدولة.
وقد بين احدث تقرير حول الإجراءات المعيقة للتجارة لدى مجموعة العشرين G02 ان الإجراءات التي قامت منذ اكتوبر 2008، باستثناء تلك التي تم انهاؤها حتى الآن، تقدر بـ 3 % من التجارة السلعية العالمية، وتقريبا 4 % من تجارة مجموعة العشرين.
وهذا يعادل 450 مليار دولار اميركي، او ما يقارب القيمة السنوية للتجارة في افريقيا. وقد تم ازالة 18 % فقط من معوقات التجارة لدى مجموعة العشرين حتى الآن.
الإجراءات المؤقتة
يظهر التقرير ان الموجة الجديدة من القيود التجارية لم تعد موجهة الى مواجهة الآثار المؤقتة للأزمة الاقتصادية العالمية، ولكن الى محاولة استعادة الانتعاش من خلال التخطيط الصناعي الوطني، وهو شأن ابعد اثرا. واضافة الى معوقات التجارة، فإن العديد من هذه الخطط تنطوي على منح اعفاءات ضريبية واستخدام الدعم الحكومي، اضافة الى مزايا في المشتريات الحكومية ومتطلبات المحتوى المحلي.
ويتطلب الأمر من الحكومات مضاعفة جهودها لمقاومة النزعات الحمائية، ولتتخذ خطوات فاعلة لإبقاء الأسواق مفتوحة وتعزيز انفتاح التجارة. وتواجه بعض الحكومات اوضاعا اقتصادية صعبة محليا، ويتوجب عليها مقاومة الإغراءات للتوجه نحو سياسات انغلاقية. ذلك ان مثل هذه السياسات لن تحل مشاكلها، وتنطوي على مخاطر ردود فعل مماثلة من شركائها التجاريين.
تحوطات الأزمة
يشير التقرير إلى ان الغموض ما زال يلف الوضع العالمي، وقد تزداد الظروف الاقتصادية سوءا. ولا يزال تعافي الاقتصاد العالمي ضعيفا ومستويات البطالة مرتفعة.
وقد تباطأ نمو التجارة العالمية بشكل مؤثر خلال العام الماضي، ويعود ذلك بشكل رئيسي الى التباطؤ الاقتصادي لدى اقتصادات عالمية رئيسية. وقد نما حجم التجارة السلعية بمقدار 5 % فقط في عام 2011، وترافق ذلك مع هبوط حاد من نسبة 13.8 % في العام 2010.
ومع استمرار فقد الاقتصاد العالمي للزخم، فإن نمو التجارة يتوقع ان يتباطأ اكثر الى 3.7 % في عام 2012، وذلك اقل من المتوسط السنوي على المدى الطويل، البالغ 5.4 % خلال العشرين سنة الماضية.
ويتوقع نمو صادرات الدول المتقدمة بمقدار 2 % هذا العام، وان تزداد صادرات الدول النامية بمقدار 5.6 %. وفي ظل الموازنات الحكومية المتقشفة، ومعدلات البطالة المرتفعة، وتباطؤ النمو، والتوقعات بتقلص انفتاح الأسواق العالمية، فإن خطر الصغوط نحو النزعات الحمائية يتسع.
صعوبة الرقابة
يبين التقرير ان عددا من اعضاء المنظمة اعربوا عن قلقهم من منح دعم حكومي وبرامج مساعدات اخرى حكومية لمساعدة قطاعات معينة، ودعوا الى تغطية اكبر في تقارير الرقابة، لجميع انواع برامج الدعم الحكومي، وعلى التعيين؛ الدعم المقدم لقطاع الزراعة.
واعتمادا على تقديرات OECD، فإن جزءا من هذا التقرير يبين انه لمجموعة OECD ككل، وكان النمط في مستوى الدعم مقارنة الى مجموع المدفوعات للزراعة يتناقص منذ 1999، بالرغم من ان تقديرات دعم المنتجين الزراعييين تبقى عالية عند 18 % تقريبا من المدفوعات للزراعة، او ما يعادل 227 مليار دولار.
وفي هذا السياق، فمن المهم أن ياخذ الإصلاح القائم في السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي وفاتورة الزراعة الأميركية في الاعتبار اهمية التحرك نحو سياسات اقل تشويها للتجارة.
ومن الصعب مراقبة اجراءات الدعم الحكومي، لقلة المعلومات التفصيلية حول هذا الدعم، بالرغم من بذل جهود لشمول اجراءات وبرامج خاصة ببلدان معينة في هذا التقرير. وقد قامت ثمانية بلدان فقط بالتقديم بشكل طوعي لمعلومات عن برامج الدعم الحكومي لديها، لغايات اعداد هذا التقرير.
وبشكل عام، يبدو ان عدد اجراءات الدعم بقي ثابتا خلال الأشهر السبعة السابقة للتقرير. ويبدو لدى بعض الدول، ان الدعم الحكومي موجه الى زيادة المحتوى المحلي وتشجيع النشاط المحلي لقطاعات معينة. وكما تم ملاحظته في تقارير رقابية سابقة، فإن الإجراءات مابعد الحدود، والدعم الموجه لقطاعات معينة بشكل دعم ومساعدات مالية، يحتمل القدرة على تشويه ظروف المنافسة في الأسواق والتأثير على التجارة.
وبالنظر الى القلق من هذا الأمر وضعف التفاهم المشترك على انواع الإجراءات التي يجب التبليغ عنها للمنظمة، فسيكون من الملائم ان تقوم لجان المنظمة بالنظر في هذا الأمر، وان تحاول تقييم الأثر على التجارة جراء الدعم الحكومي والأشكال الأخرى للمساعدات الحكومية.
التحسينات المطلوبة
يقول التقرير ان التبليغ الكامل في الوقت المناسب لجميع الإجراءات المتصلة بالتجارة سيساعد على تعزيز جهود المنظمة في الرقابة على التجارة. واحد النواحي التي يتوجب فيها زيادة الجهود، هو المجال المتعلق بإجراءات الدعم الحكومي، حيث تكون الرقابة على التطورات اكثر تعقيدا والمعلومات المتوفرة علنا شحيحة. وستساعد رقابة متمعنة وثاقبة متعددة الأطراف؛ أعضاء المنظمة على الالتزام بتعهداتهم.
وتقوم امانة المنظمة ايضا بتوسيع وتحديث جمع وتوزيع المعلومات التجارية لدى المنظمة، الأمر الذي سيسهم في عمل المنظمة على تعزيز الشفافية والرقابة المتمعنة. وقد يسهم هذا في التحول في النقاش من التقدير الكمي البحت الى نقاش يتم فيه الأخذ بالاعتبار للتقييم النوعي ايضا.
النظام التجاري
يستنتج التقرير بأن المزيد من انفتاح التجارة يشكل مصدرا محتملا لبناء الثقة في النظام التجاري متعدد الأطراف. وعلاوة على ذلك، فإن زيادة التجارة هو امر حاسم لتحفيز التعافي العالمي ولدعم النمو المالي المستدام.
ويلزم تعاون عالمي اقوى لإعادة بنية قوية للتجارة في القرن الحادي والعشرين. كما يلزم تعاون دولي اكبر لدعم انفتاح التجارة، وتجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة، والتقدم في اجندة التجارة متعددة الأطراف.
انتعاش النزعات الحمائية
يبين التقرير ان السياسات التجارية لدى بعض الدول تتوجه نحو الانغلاق على الداخل. ومن ابرز هذه السياسات تصريحات بعض القادة في الميل نحو سياسات إحلال الواردات كدعامة رئيسية للنمو الاقتصادي في بلدانهم. وادى هذا الى توليد توتر تجاري اقليمي وعالمي كان غائبا منذ ان تم اتخاذ استجابات منسقة في السياسات لمواجهة الأزمة العالمية.
وتنظر بعض الحكومات في زيادة القيود التجارية، وفي بعض الحالات طبق ذلك فعليا، وذلك لحماية صناعاتهم الوطنية، مما قد يعتبرونه منافسة غير عادلة.
وفي حالات معينة، تبدو المعوقات التجارية بأنها تتخذ شكل افعال اجرائية او ادارية لإبطاء التخليص على البضائع عند الحدود، بدلا من ايجاد قوانين او تعليمات جديدة. ويمكن لهذا ان يؤدي الى ظروف اقتصادية اكثر صعوبة، لأن ضعف الشفافية في اجراءات الدخول الى الأسواق بالنسبة للتجار تزيد من المخاطر وكلفة ممارسة الأعمال.
وكان هنالك تقارير عن زيادة في الإعاقات على نشاطات المشتريات الحكومية لدى بعض الدول. وتسمح التحارة المنفتحة في المشتريات الحكومية للحكومات بشراء السلع والخدمات على اساس الصفقة الأفضل لدافعي الضرائب، وهذا يوفر النقود.
ويكون الفعل الأمثل هو اقناع الشركاء التجاريين لفتح اسواق المشتريات الحكومية لديهم بدلا من اغلاقها. وفي هذا الاتجاه، فإن انتهاء اعادة التفاوض على اتفاقية منظمة التجارة العالمية للمشتريات الحكومية أبرز التزام الأعضاء المستمر للمحافظة على انفتاح الأسواق وضمان منافسة عادلة وشفافة في المشتريات الحكومية.
