أجمع نخبة من كبار مسؤولي صناعة المطارات في العالم على أن قطاع الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط مرشح لمواصلة تحقيق معدلات نمو سريعة، تعزز الحاجة إلى تسريع خطط تطوير المطارات في المنطقة، الأمر الذي يرجح معه تحول قطاع النقل الجوي ليصبح أحد أبرز محركات النمو الاقتصادي في المنطقة خلال السنوات القليلة المقبلة.
واكد المشاركون في المعرض الذي اختتم امس في دبي بمشاركة اكثر من 210 شركات، اهمية العمل على ازالة مختلف العوائق التي تواجه حركة المسافرين وضمان انسيابية الحركة في المطارات من خلال تبني النظم والتقنيات الحديثة خاصة في ظل التقديرات التي تشير إلى أن إجمالي الاستثمارات في تعزيز الأساطيل الجوية والطاقات الاستيعابية للمطارات بها تصل إلى 400 مليار دولار أميركي.
وقال ديتر هاينز رئيس الهيئة الألمانية لتكنولوجيا ومعدات المطارات، والتي تشارك بانتظام في المعرض، ان آفاق النمو السريع للقطاع ضمن المنطقة تبدو الآن مواتية أكثر من أي وقت مضى، فعلى المدى الطويل، وبالنظر إلى الظروف الجيوسياسية السائدة عالمياً فإن الطيران بات يرتبط بتعقيدات وقيود متزايدة، من غير أن يكون ذلك مرتبطاً بالضرورة بشركات الطيران، وإنما بالمطارات بشكل عام، حيث باتت قضايا تتراوح بين التشريعات الخاصة بالأمن، ازدحام المطارات، والعمليات التي تستغرق وقتاً طويلاً، باتت تثير قلق المسافرين.
تجارب سفر
وأضاف بقوله: «المطارات التي تتمكن من توفير تجربة سفر عالية الجودة وخالية من التوتر والتعقيدات، ستكون القادرة على جذب المسافرين في المستقبل، خاصة في ظل وجود العديد من شركات الطيران التي توفر عروض سفر متنوعة، فلم يعد حجم الاستثمار هو المعيار في الحصول على أفضل الموارد المناسبة، خاصة في ظل تشابه ما تقدمه المطارات». وأكد أن «الفارق النوعي الوحيد في هذا المجال سيكمن في الجهود المبذولة لضمان تمتع المسافرين بتجربة سفر مريحة ومتميزة».
رؤية القيادة
وبدوره قال هانز كريستيان إيتينغروبر المدير التنفيذي لـ»يونيتكنيك- آي سي إم الشرق الأوسط» الذي مثل شركته في معرض المطارات لسنوات عديدة، ان زخم النمو في دبي والمستوى العالي من التآلف والتنسيق بين شركات الطيران، منظمي الرحلات والوكالات باتت تشكل عناصر حيوية في تحقيق الرؤية الطموحة للقيادة في الإمارة، وأتاحت تحقيق الإنجازات المسجلة، بما في ذلك استقطاب أفضل العروض والمشغلين، الأمر الذي ساهم بدوره في تعزيز النمو الاقتصادي إلى ذرى جديدة».
وأضاف السيد هانز كريستيان إيتينغروبر بقوله: «الأمر لا يتعلق فقط بوجود الشخص المناسب بالمكان المناسب في الوقت المناسب، وإنما يشمل أيضاً المرونة والموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تتمتع به دبي، بين أوروبا وآسيا، وهو موقع يساهم في تعزيز جاذبيتها في استقطاب الأعمال وبالتالي تحقيق النمو».
وقال: «إن ما يفرق الإمارات عن مناطق النمو الأخرى في العالم مثل دول أميركا اللاتينية والصين، وجود نهج الإنجاز السريع للأمور بالشكل المناسب، فعلى سبيل المثال عندما بدأت المواقف تشكل مشكلة بالنسبة لطيران الإمارات بسبب النمو السريع لأسطولها (حيث تتسلم طائرتين جديدتين في كل شهر) تم نقل عمليات الشحن إلى مطار آل مكتوم- دبي وورلد سنترال، وقد شكل ذلك خطوة حيوية لتمكين الناقلة من مواصلة نموها، فمثل هذه القرارات ترسل الإشارات الصحيحة للصناعة».
استمرار النمو
وتماشياً مع وجهات النظر هذه التي أكدت على سرعة وسلاسة تطبيق القرارات التي تخدم نمو الصناعة في دبي، يرى مايكل لامبين الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنس إس دي (الشرق الأوسط) إنفراستركتشر لوجستكس» أن معرض المطارات شهد نموا ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية، في تطور إيجابي يتناقض مع مشاعر التشاؤم السائدة في أوروبا ومناطق أخرى من العالم».
وأضاف بقوله: «سعدنا لملاحظة الاهتمام الكبير الذي حظي به مفهوم المطارات البيئية عالية الكفاءة في معرض العام الحالي، وهو ما تجسد في النمو الأكبر من أي وقت مضى في عدد الشركات التي تتعامل بالتقنيات البيئية المشاركة بالمعرض».
وقال ان الحدث شكل فرصة مثالية للتواصل وتبادل الأفكار والآراء والتجارب بين مسؤولي صناعة الطيران والمطارات، والتعرف على أحدث التوجهات والتقنيات والحلول التي تفيدهم في أعمالهم اليومية، مشيرا إلى أن سيمنس تعمل على توفير خدمات الدعم لعمليات التشغيل والصيانة في كل من مطاري آل مكتوم- دبي وورلد سنترال ومطار أبوظبي.
وبدوره قال السيد كيزار إيدروس رئيس شركة إكسل إنداستري في عجمان، ان أسواق الشرق الأوسط وآسيا تشهد معدلات نمو سريعة، وهو ما يتجسد في المشاريع الطموحة لتوسيع المطارات في كل من المملكة العربية السعودية، الكويت، قطر وسلطنة عمان، حيث أعلنت الكويت عن مشروع بقيمة 6 مليارات دولار أميركي لتوسعة مطارها الدولي.
ومضت دبي قدما في توسعة مطارها الدولي بما في ذلك إقامة مبنى خاص بطائرات الإيرباص العملاقة أيه 380 التي سيصل حجم أسطول طيران الإمارات منها إلى 90 طائرة، مع ما يعنيه ذلك من متطلبات إضافية للتماشي مع هذا التوسع السريع بما فيها الحصول على دعم في مجال عمليات الصيانة.
وقال ان كل حديث عن وجود تباطؤ في المنطقة ليس له أساس من الصحة، فقد عادت اقتصاديات المنطقة إلى تسجيل معدلات نمو سريعة، وأوضح بقوله: بعد أن عانت شركتنا من انخفاض في الطلب في عام 2009 كنتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية، عادت وحققت نموا نسبته 30% في عام 2011 وتوقع تواصل عمليات النمو خلال السنوات القليلة المقبلة.
حيوية المنطقة
وقال فرانك إرب مدير الطيران في شركة سيركو الدولية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها، والتي تعد من أبرز اللاعبين في قطاع الطيران، وتقوم بخدمة القطاع الحكومي منذ عام 1947، ان شركته باتت تضع الشرق الأوسط في صدارة أولوياتها منذ عامين.
وقال ان الشركة حرصت على أن يكون 10% من العاملين بها في المنطقة من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، تماشياً مع برنامج التوطين الحكومي.
وقال ان مشاركة سيركو في معرض الطيران لهذا العام استهدفت أيضاً تأكيد التزام سيركو تجاه المنطقة ونموها، حيث شكل المعرض فرصة مثالية للتواصل مع العملاء الحاليين والمحتملين.
وأكد بيتر لانغفيلد مدير التسويق والمبيعات في شركة «إيفانز لخدمات المطارات» البريطانية الرائدة أن الشرق الأوسط سيظل يشكل أحد أبرز الأسواق الحافلة بالفرص وآفاق النمو ضمن قطاع الطيران على المستوى العالمي.
مطارات التعاون تستثمر بقوة في مستويات الأمن والسلامة
كشفت مشاركة الهيئات والمؤسسات العاملة في قطاع الطيران المدني في دول التعاون وخاصة المطارات عن استمرار الانفاق والاستثمار بكثافة في الحلول والتقنيات الجديدة الهادفة الى تعزيز مستويات الامن والسلامة.
وفي ظل استعداد المطارات في منطقة الشرق الأوسط لإجراء توسعات ضخمة على مدى العقد المقبل، تقوم الهيئات المنفذة لتلك المشاريع بإخضاع أنظمة الأمن الجديدة التي سيتم استخدامها في المرافق الضخمة الجديدة لتجارب واختبارات صارمة بشكلٍ متزايد، لضمان اعتماد أحدث التقنيات والنظم لضمان سلامة البنية التحتية والطائرات والركاب على حد سواء.
ووفقاً لتقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، فسوف تكون الإمارات والكويت والأردن ضمن الدول العشر الأسرع نمواً في العالم في عدد المسافرين الدوليين عبر مطاراتها، حيث يتوقع أن تحتل دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة السابعة عالمياً مع استقبال مطاراتها أكثر من 82 مليون راكب دولي بحلول عام 2014، علما بأنه يجري زيادة الطاقة الاستيعابية لمطارات الإمارات العربية المتحدة لتستقبل 250 مليون مسافر بحلول عام 2020.
ويتوقع لمطار دبي الدولي وحده أن ينفق 28 مليار درهم على مشاريع تعزيز طاقته الاستيعابية. حيث يتوقع أن تتعامل دبي مع حوالي 98 مليون مسافر بحلول عام 2020. ويقدر تقرير لمؤسسة فروست آند سوليفان إنه سيتم إنفاق 86 مليار دولار أميركي على مشاريع توسعة المطارات بمنطقة الشرق الأوسط حتى عام 2025.
وتشكل أعتماد أحدث أنظمة الأمن والسلامة محوراً أساسياً في مجال برامج توسعة المطارات في المنطقة، حيث يتوقع أن تخصص مطارات المنطقة استثمارات بمئات ملايين الدولارات لتعزيز أنظمة الأمن والسلامة المستخدمة فيها.
وأكد جون ر. ديدام، نائب رئيس شركة انجرسول راند، التي تشترك في معرض المطارات أن تصاعد العمليات الإرهابية في العالم يشكل تحدياً حقيقياً يدفع بقضية الأمن والسلامة إلى صدارة الاهتمامات وخاصة في المطارات موضحا إن حلول التحقق من الهوية، ومعدات التفتيش فائقة الحداثة، التي تتيح اكتشاف المشبوهين والمهربين قبل مغادرتهم منطقة المطار، والتي عرضت انجرسول راند بعضاً منها ضمن منصتها بمعرض المطارات باتت تستخدم على نطاق واسع في المطارات في جميع أنحاء العالم. وقد تم بالفعل تركيب المئات من هذه الأنظمة في مطار دبي الدولي.
وتعرض «انجرسول راند» التي تبلغ مبيعاتها 14 مليار دولار أميركي، أيضا نظم التحقق من الهوية الإلكترونية، أنظمة التحكم بالدخول، نظم الأقفال، أجهزة الأمن المحمولة، ومبردات ترين (أحدها مستخدم في الطابق الـ 159 من برج خليفة، إلى جانب 50 مبرداً مستخدمة في مطار دبي الدولي.
وأشار ديدام إلى أن إحدى التحديات الكبيرة التي تواجه سلطات الأمن في الوقت الراهن تتمثل وفرة مقدمي الخدمات ذات التكلفة المنخفضة في الأعمال التجارية، والذي يدعون القدرة على تحقيق مستويات أمن فعالة بأسعار أقل كثيراً موضحا ان مطار دبي يتمتع باعلى مستويات الامن والسلامة بفضل امتلاكه للانظمة والتقنيات الحديثة ومنها الاعداد الكبيرة من الدوائر التلفزيونية المغلقة وكاميرات المراقبة، التي أعطت الزوار والمسافرين شعوراً كبيراً بالأمن، وقال إن وضع الأمن على قائمة الأولويات هو مسؤولية أساسية لجميع المطارات الدولية اليوم.
وقال إن ماسحات كامل الجسم الضوئية التي أثير جدل كبير حولها، تعد أداة حيوية لضمان عدم وجود ثغرات أمنية، وذلك لأن الإرهابيين على وجه خاص يحاولون الآن تخبئة المواد التي يرغبون في تهريبها في أجسادهم في محاولتهم التسلل عبر بيئة أمن المطارات.
وأضاف إن سكان دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط كانوا على وعي كاف لقبول إجراءات الأمن في العديد من المطارات الدولية التي تتطلب إجراء مسح كامل للجسم، علما بأن استخدام أجهزة ماسحات ضوئية لفحص الجسم بالكامل تعد حلاً للمدى القصير ريثما يتم طرح جيل جديد من النظم البديلة.
وبدوره قال بول كرومبي، رئيس حلول التطوير وأخصائي حماية البنية التحتية الحساسة للمطارات في شركة هاني ويل، إن هناك إدراكاً متزايداً من قبل سلطات المطارات أن عليها التعامل مع قضية تثبيت الحلول الأمنية المحلية التي لا تغطي كامل محيط مطاراتها.
وأضاف بقوله: مع قيام المزيد من المطارات في الشرق الأوسط بتنفيذ مشاريع توسع جديدة، فإن هناك حاجة حيوية لاستخدام أنظمة أمان أكثر فعالية ودقة، لا تتأثر بعوامل البيئة، ولا تتغير قراءاتها طبقاً لحساسية إعداداتها حتى لا تؤدي إلى إنذارات كاذبة. وأشار إلى أن قيمة سوق معدات وتجهيزات أمن المطارات في منطقة الشرق الأوسط والتي كانت تقدر بنحو 3 مليارات دولار سنوياً قبل 4 سنوات لا تزال اليوم عند نفس المعدل، على الرغم من البدء في تنفيذ العديد من مشاريع المطارات الجديدة.
وبدوره قال ذو الفقار ميرزا، الرئيس التنفيذي لمطار سيالكوت الدولي، أنه لا يمكن أبداً التقليل من أهمية الأمن في المطارات، ويتعين أن تظل هذه القضية تحظى بالأولوية. وقال إن مطار سيالكوت قام بتسهيل عمليات المناولة الأرضية للمشغلين الآخرين بالتزامن مع تعزيز معايير الأمن والسلامة،
توسعة مطار الشارقة
يشهد مطار الشارقة الدولي مزيدا من التوسعات المتواضعة. ففي نهاية 2011، أرست الإمارة على شركة ويد أدامز للمقاولات المحلية عقدا بقيمة 163 مليون دولار لبناء مدرج جديد، سيبلغ طوله 4 كيلومترات. وعند استكماله سيحل المدرج الجديد محل المدرج الحالي، الذي سيستخدم كمنطقة هبوط وإقلاع للطائرات عند صيانة المدرج الجديد. وقالت ميد إن التوسع الحالي في مطار الشارقة الدولي، رغم ضآلة حجمه، مدفوع بشركة الطيران الاقتصادية للإمارة العربية للطيران.
فقد نقلت الناقلة التي تأسست في 2003، قرابة 4.7 ملايين مسافر في 2011، بأسطول مكون من 30 طائرة. وختمت المجلة تقريرها بالقول إن مطارات الإمارات وشركات طيرانها بحاجة لهذا النجاح إذا ما أريد لخططها التوسعية النجاح.
