حذر السفير محمد الربيع الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية من تقلبات وصدمات عنيفة قد يشهدها العالم العربي خلال السنوات المقبلة في مجال الغذاء، مشيرا إلى أن الاعتقاد السائد بأن أسعار الغذاء قد تستقر أو تتراجع يعد خطأ كبيرا، حيث إن عصر الغذاء الرخيص قد ولى. كما أن الطلب على الغذاء في العالم العربي يتزايد بشكل كبير وخطير، الأمر الذي يؤكد اتساع الفجوة الغذائية العربية.
جاء ذلك في إطار توصيات ملتقى الأمن الغذائي العربي الذي اختتمت فعالياته أمس في أبوظبي، والذي أكد ضرورة وضع استراتيجية عربية جديدة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي تقوم على ضخ استثمارات ضخمة في قطاع الزراعة العربي وتوجيه عناية خاصة لاستصلاح ملايين الأفدنة الصالحة للزراعة في عدد من الدول العربية غير القادرة ماديا مثل السودان ومصر.
كما دعت التوصيات إلى دعم الإمدادات الغذائية التي توفرها الزراعة المحلية من خلال مواجهة النمو المتباطئ في الإنتاجية عن طريق زيادة الاستثمارات في مجالي البحوث والتنمية وتحسين فاعلية الإنتاج الزراعي.
كانت أعمال ملتقى الأمن الغذائي العربي استمرت يومين بحضور نخبة من مسؤولي وخبراء مجلس الوحدة الاقتصادية العربية واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي والاتحاد العربي للصناعات الغذائية والاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية والاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة في الدولة وجهاز أبوظبي للرقابة الغذائية.
50 % استيراد
وكشف السفير الربيع عن أن الدول العربية تستورد حاليا 50% على الأقل من مستلزمات السعرات الحرارية الغذائية التي تستهلكها، مؤكدا أن قيمة الفجوة الغذائية العربية بلغت 22.5 مليار دولار وتبرز خطورة هذه الفجوة كونها توجد في فجوة الحبوب التي يعتمد عليها معظم السكان العرب حيث تصل فجوة الحبوب إلى 12 مليار دولار تليها فجوة السكر بنحو 2.8 مليار دولار ثم الزيوت النباتية بنحو 2.3 مليار.
صعود الأسعار
ولفت إلى أن أسواق الغذاء العالمية شهدت في عامي 2007 و2008 صدمات عنيفة وصعدت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة. وظهرت على السطح أزمة غذاء عالمية، إلا أن تداعيات الأزمة المالية العالمية في أواخر عام 2008 و2009 أدت إلى هبوط حاد في الأسعار ثم تصاعدت الأسعار مرة أخرى في عامي 2009 و2010 علما بأن العوامل المسببة لتقلبات الأسعار مازالت كامنة وهي تنشط بين الحين والآخر مؤدية إلى تقلبات عنيفة في أسواق الغذاء العالمية مع ميل الأسعار إلى التصاعد بوجه عام.
وأكد أن من أهم العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الوقت الحالي زيادة أسعار الطاقة والتوسع في إنتاج الوقود الحيوي باستخدام المنتجات الغذائية وتسارع معدلات الطلب العالمي على الغذاء والمضاربات في أسواق الطاقة والمنتجات الغذائية.
وأشار إلى أن تغييرات أسعار الغذاء عالمية تؤثر تأثيرا عميقا وبالغا في الأمن الغذائي العربي باعتبار أن معظم الدول العربية مستوردة للغذاء بنسبة كبيرة من الأسواق العالمية. كما أن أغلبية الدول العربية تواجه توقعات بزيادة مشكلة شح المياه وتناقص مساحات الأراضي الزراعية في دول عديدة وتدني مستلزمات الإنتاج خاصة البذور والأسمدة .
وفقد كميات كبيرة من الإنتاج الزراعي خلال مراحل الإنتاج والتسويق وضعف التكامل والتنسيق العربي الفعال الأمر الذي يستوجب وضع إستراتيجيات قوية تؤكد إحراز معدلات عالية في التنمية الزراعية العربية عبر سياسات زراعية قطرية تنهي تهميش الزراعة العربية وتضخ مليارات الدولارات لاستصلاح أراضٍ جديدة وتنويع المحاصيل المزروعة.
واختتم السفير الربيع مؤكدا ضرورة وضع حلول عملية وعاجلة لأزمات الغذاء المتوقعة في العالم العربي مشددا على أن أبرز هذه الحلول وأسرعها هي مضاعفة الاستثمارات الموجهة إلي قطاع الزراعة العربي.
