يمكننا القول بإنصاف إن مفهوم "عقد التنمية" الذي استعصي علينا بلوغه طيلة 50 عاما تحقق أخيرا. وكان العقد الماضي عقدا جيدا للغاية لكثير من البلدان النامية، وإن لم يكن لها جميعا.

فالتقدم لم يتحقق بسهولة، إنما كان نتاج العمل الجاد، والتعلم من النجاح والفشل، والإصلاحات الجريئة والشراكات القوية.

وينبغي لنا أن نفخر بما تحقق من تقدم في العقد الماضي، لكننا يجب في الوقت نفسه أن نقر بأنه لا يزال هناك 1.3 مليار نسمة يعيشون على أقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم. وهذه وصمة عار في ضميرنا الجماعي.

ومحاربة الفقر بكل قوة واجب أخلاقي وضرورة اقتصادية. وسوف تتطلب المرحلة القادمة من التنمية العالمية مِنَّا التصدي لتحديات جسام إذا كنا نريد تحقيق تقدم.

لقد شهد العالم خلال العقد الماضي أو نحو ذلك تطورات ملحوظة في البلدان النامية. فمنذ عام 2000، حقق قرابة 30 بلدا ناميا نموا نسبته 6 في المئة أو أكثر سنويا.

ولم نشهد قط مثل هذا النمو السريع والمتواصل في الكثير من البلدان. وحققت البلدان مرتفعة الدخل أيضا نموا نسبته نحو 1.6 في المئة، وهكذا شهدنا النمو والتقارب. والبلدان النامية الآن هي القاطرة التي تقود الاقتصاد العالمي ويرجع إليها الفضل في نحو ثلثي النمو العالمي.

وهذه القصة عن التغير الذي ينطوي على تحولات جوهرية ليست مجرد قصة عن بلدان الاقتصادات الصاعدة مثل الهند والصين.

فهي ظاهرة تشمل قطاعا عريضا وتمتد إلى بلدان حبيسة لا سواحل لها مثل رواندا، وهو بلد زرته مرارا، وبلدان صغيرة مثل لاوس، وكبيرة مثل الهند، وبلدان لا تملك ثروات طبيعية مثل إثيوبيا، بل إنها تشمل بلدانا عصفت بها الصراعات في وقت من الأوقات مثل موزامبيق.

وهذه القصة عن التغير وما ينطوي عليه من تحولات تتحدث أيضا عن المكاسب الجديدة في الحرب على الفقر.

فملايين من البشر لم يعودوا فقراء، وهناك ملايين أخرى كثيرة من العائلات يرسلون الآن أطفالهم إلى المدارس، والكثير من المجتمعات المحلية يحصلون الآن على الكهرباء والماء والرعاية الصحية. إن معدل الهبوط في وفيات الأطفال في إفريقيا ضعفا ما كان عليه قبل عشر سنوات.

وقد بلغت نسبة من يعيشون على أقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم بين سكان البلدان النامية بشكل عام 22 في المئة في عام 2008، أي نصف ما كانت عليه في عام 1990. وتحقق الهدف الإنمائي للألفية والخاص بخفض معدل انتشار الفقر المدقع المُسجَّل في عام 1990 إلى النصف.

وفي عالمنا المترابط، نعرف أن الأزمات في منطقة ما أو في قطاع قد تؤثِّر في جميع البلدان. وعلى سبيل المثال، فإنه حتى إذا أمكن احتواء الأزمة في منطقة اليورو، من الممكن أن تؤدي إلى خفض معدل النمو في معظم مناطق العالم بما يصل إلى 1.5 في المئة.

وإذا حدثت أزمة كبرى في أوروبا، فإنها قد تخفض إجمالي الناتج المحلي في البلدان النامية 4 نقاط مئوية أو أكثر، وهي نسبة تكفي لإحداث ركود اقتصادي حاد في كل مكان.

ومثل هذه الأحداث تعرض للخطر الكثير من المنجزات التي تحققت في الآونة الأخيرة في محاربة الفقر.